منشأة «يونجبيون» تجهض التقارب بين «كيم» و«ترامب»

رغم انعقاد قمتين رئاسيتين في أقل من 8 أشهر
منشأة «يونجبيون» تجهض التقارب بين «كيم» و«ترامب»

«منشأة يونجبيون»، تعد العنوان الأكبر الذي يظهر حجم الخلاف بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فيما يتعلق بالسلاح النووي لـ«الأخيرة»، وهي أزمة لم تنتهِ بقمتين رئاسيتين، عُقدتا خلال أقل من ثمانية أشهر.

وتمثّل سبب فشل قمة الأمس التي انتهت بشكل مبكر أكثر مما كان معلنًا في «منشأة يونجبيون»، وهي مركز البرنامج النووي لكوريا الشمالية، والذي طالبت واشنطن بإغلاقه فوافقت بيونج يانج، لكن شريطة رفع العقوبات، وهو ما رفضه الرئيس الأمريكي.

في هذا السياق، صرح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو - اليوم الجمعة - بأنّ كوريا الشمالية طلبت رفعًا كاملًا للعقوبات خلال «قمة هانوي» لكنَّها افتقرت إلى الوضوح التام بشأن ما يمكنها تقديمه فيما يتعلق بتفكيك منشأة يونجبيون.

وأضاف بومبيو - في مؤتمر صحفي خلال زيارة قصيرة للعاصمة الفلبينية مانيلا: «كانوا صريحين للغاية فيما يتعلق بما هم مستعدون لفعله في يونجبيون، لكن لم يكن هناك وضوح تام بشأن النطاق الكامل لما هم مستعدون لتقديمه».

وعقدت القمة الأولى في سنغافورة، كما استضافت العاصمة الفيتنامية هانوي اللقاء الثاني بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والكوري الشمالي كيم جونج أون، ورغم استباقها بموجة تفاؤل ربما ترتقي إلى حد وصفها بـ«غير المسبوقة» تجسّدت تصريحات الود الكبير بين الطرفين، إلا أنّ الزعيمين عادا بخفي حنين.

وكان ترامب قد صرح، أمس، بأنّ بيونج يانج لم تقدم تنازلات والخلافات معها لا تخص رفع العقوبات، وقال: «الزعيم الكوري الشمالي وافق على تفكيك المفاعل النووي في بيونج يانج، لكنّه يريد في المقابل رفع (كل) العقوبات».

إلا أنّ كوريا الشمالية تحدّثت عن رواية أخرى، وجاء ذلك على لسان وزير خارجيتها ري يونج، الذي قال إنّ بلاده لم تطلب سوى رفع جانب من العقوبات، موضحًا أنّ بيونج يانج قدَّمت اقتراحًا واقعيًّا لمهندسين من البلدين؛ لتفكيك الموقع النووي الرئيس في يونجبيون بالكامل.

و«مركز يونجبيون» منشأة نووية رئيسة في كوريا الشمالية، تُشغِّل مفاعلها النووي الأول، وبدأ العمل في المركز عام 1987، ويقع في مقاطعة نيونجبيون، على بعد 90 كيلومترًا من العاصمة بيونج يانج. 

وأنتج هذا المركز المواد الانشطارية التي استخدمت في تجارب الأسلحة النووية الكورية الشمالية في 2006 و2009، ومنذ العام الأخير يعمل المركز على تطوير تقنية مفاعلات الماء الخفيف لمحطات الطاقة النووية. 

وفي الثاني من أبريل لعام 2013، أعلنت السلطات الكورية الشمالية إعادة تأهيل كل منشآت المركز، والتي من بينها مفاعل بقوة خمسة ميجا وات ومصنع لتخصيب اليورانيوم على خلفية أزمة في شبه الجزيرة الكورية.

والملف النووي الكوري هو محل أزمة دولية حادة، شهدت الكثير من المحطات بين سلسلة تهديدات حادة بين واشنطن وبيونج يانج، وصولًا إلى الجلوس على طاولة تفاوض، وهو توجّه لم يؤتِ ثماره في كبح جماح البرنامج الكوري على الأقل حتى الآن، لكنّه قلّل مخاوف من اندلاع حرب شاملة على إثره.

وكانت السلطات في بيونج يانج قد أعلنت في 9 أكتوبر 2006، أنَّها أجرت بنجاح تجربة نووية للمرة الأولى، وقد ردَّت الولايات المتحدة واليابان على ذلك بأنَّه غير حقيقي من خلال ما أصدرته وكالة المسح الجيولوجي الأمريكي وهيئة رصد الزلازل اليابانية، عندما تحدّثت عن أنّ زلزالًا قوته 4,3 بمقياس ريختر قد هز كوريا الشمالية.

وتبرر بيونج يانج توجّهها نحو هذا المشروع بسبب مزاعم عن نية واشنطن التي تملك أسلحة نووية، لإبادة كوريا الشمالية بشكل كامل ما استدعى «الأخيرة» أن تملك سلاحًا مضادًا.

وتفيد معلومات متداولة بأنّ كوريا الشمالية تبقي على برنامج سري؛ لتطوير الأسلحة النووية منذ مطلع ثمانينيات القرن العشرين، حينما شيّدت مفاعلاً نوويًّا من نوع ماجنوكس لإنتاج البلوتونيوم في يونجبيون.

وأجريت عملية التفتيش الأولى من قِبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مايو 1992؛ حيث تمّ الكشف عن متناقضات توحي بقيام كوريا الشمالية بإعادة معالجة المزيد من البلوتونيوم في حدٍ يتجاوز ما أُعلن عنه.

وآنذاك، طلبت الوكالة الحصول على معلومات إضافية والسماح بالوصول إلى موقعين للنفايات النووية في يونجبيون، لكنّ بيونج يانج رفضت ذلك، وأعلنت في 12 مارس 1993 عزمها الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.

لكنّ الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، كانت قد تعهّدت في 1994 بتجميد برامجها الخاصة بمعالجة البلوتونيوم وتفكيك جميع برامجها للأسلحة النووية بموجب الإطار المتفق عليه مع الولايات المتحدة مقابل تطبيع العلاقات الدبلوماسية والحصول على عدة أنواع من المساعدات بما فيها الموارد اللازمة لإمدادات الطاقة البديلة، لكن ذلك لم يوقف الطموح الكوري نحو إتمام هذا المشروع، ففي عام 2002 أبلغت كوريا الشمالية دبلوماسيين أمريكيين - على انفراد - بامتلاكها أسلحة نووية، وأشارت لما اعتبرته إخفاقات الطرف الأمريكي في الالتزام بما أملاه إطار العمل المتفق عليه باعتباره قوة محفزة.

وفي العام التالي، جرت العديد من التطورات المهمة، تمثّلت في طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتزامن مع إعادة توجيه قضبان الوقود المستهلك؛ لاستخدامها في إعادة معالجة البلوتونيوم لأغراض عسكرية.

وإلى الآن، تواصل بيونج يانج السير في تنفيذ مشروعها النووي، وتُرصد بين حين وآخر تأكيدات على ذلك، حتى وصل الأمر إلى إعلان الرئيس كيم جونج أون نجاح بلاده في إجراء اختبار لقنبلة هيدروجينية، وهي سلاح أقوى من القنابل النووية التقليدية، التي استخدمتها كوريا الشمالية في الاختبارات السابقة.

وإزاء موجات تشكيك دولية، نُشرت السلطات في التاسع من مارس للعام نفسه، مقطع فيديو لزيارة الرئيس إلى مصنع صواريخ ويظهر فيه «كيم» إلى جانب ما قالت إنّها قنبلة نووية كروية فضية مصغّرة، بينما تحدّث مشكّكون أنّها يمكن أن تكون قنبلة نووية بسيطة لكنَّها ليست قنبلة هيدروجينية.

وأدانت هذه الخطوة، منظمات دولية كثيرة بينها الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، معتبرةً أنّها تزعزع الاستقرار، وتشكل خطرًا على الأمن الدولي وإخلالاً بقرارات مجلس الأمن، كما أعربت الصين - وهي أحد حلفاء النظام الكوري الشمالي - عن شجبها للاختبار. 

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa