3 قمم والرسالة واحدة.. السعودية تنتصر للمبادئ بـ«القوة الذكية»

المملكة نجحت دومًا في ردع التهديدات بسياستها الشاملة
3 قمم والرسالة واحدة.. السعودية تنتصر للمبادئ بـ«القوة الذكية»

يقدم انعقاد القمم الثلاث: الخليجية والعربية والإسلامية في مكة المكرمة، رسالة جديدة للعالم مفادها أن مبادئ السياسة الخارجية السعودية ما زالت قادرة على كسر أي محاولة للمزايدة عليها، سواء في نطاقها الإقليمي أو على المستوى الدولي.

  وتقوم السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية على مبادئ وثوابت وضمن أطر رئيسة، أهمها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعزيز العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة مع دول العالم، وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة، ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية.

وتعمل المملكة، كما تؤكد وزارة الخارجية عبر موقعها الرسمي على الإنترنت، انطلاقًا من مجموعة مبادئ، أبرزها: إقامة علاقات متكافئة مع القوى الكبرى والتي ارتبطت معها بشبكة من المصالح التي يمكن وصفها بأنها جاءت انعكاسًا لدورها المحوري المتنامي في العالمين العربي والإسلامي، والتي سعت من خلالهما إلى توسيع دائرة التحرك السعودي على صعيد المجتمع الدولي.

وتحاول المملكة أن تتفاعل مع مراكز الثقل والتأثير في السياسة الدولية، آخذة في الحسبان كل ما يترتب على هذه السياسة من تبعات ومسؤوليات، وفي هذا الإطار تعتز المملكة بكونها أحد الأعضاء المؤسسين لهيئة الأمم المتحدة في عام 1945م، انطلاقًا من إيمانها العميق بأن السلام العالمي هدف من أهداف سياستها الخارجية.

وتدعو السعودية باستمرار إلى أسس أكثر شفافية للعدالة في التعامل بين الدول في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، باعتبارها السبيل الوحيد إلى الازدهار والرخاء والاستقرار في العالم.

 وتؤكد المملكة دوماً بأنها تحارب التطرف والإرهاب بكافة صوره وأشكاله، وترفض بشدة خطاب الكراهية، وتعمل ضمن شراكات دولية من أجل الأمن والسلم الدوليين من خلال موقعها القيادي في العالمين الإسلامي والعربي.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين، عززت المملكة من هذه المبادئ عبر تبنيها سياسة خارجية أكثر فعالية في التعامل مع مختلف القضايا الإقليمية والدولية، في إطار ما أطلق عليه الباحث عبدالله عسيري في دراسة نال عليها درجة الماجستير مؤخرًا من الولايات المتحدة، مسمى «القوة الذكية»، التي تجمع بين التأثير بالمكانة واستخدام القوة الصلبة في مواجهة التهديدات المحيطة، وفي مقدمتها السياسة التوسعية الإيرانية.

وذكر عسيري أن السياسة الخارجية السعودية تعتمد في المقام الأول على البعد التأثيري للقوة الناعمة, التي تعرف على أنها قوة الجذب والتأثير باستخدام الدبلوماسية ومحاولة التأثير في المحيط الإقليمي عبر صناعة نموذج القدوة الجذاب.

وقال عسيري إن «النمط العام للسياسة الخارجية السعودية يرتكز على تغليب هذا الجانب خلال الفترة التاريخية الماضية, دون غياب للقوة الصلبة المرتبطة بالردع واستخدام الوسائل المادية كالتدخل العسكري في التأثير في مسار الأحداث, ولكنها تبقى في تاريخ السياسة الخارجية السعودية نوعًا من الخروج على النمط العام».

وتابع قائلًا: «جميع التهديدات التي كانت تحيط بالمملكة قبل التهديد الذي تمثله السياسات الإيرانية، تهديدات تمكنت المملكة من تجاوزها بالتركيز على نمط القوة الناعمة في مواجهة القوة الصلبة أو الناعمة المنافسة، ويضرب بهذا مثلًا حالة القومية والناصرية كأوضح مثال على قدرة القوة الناعمة على تهميش وإضعاف القوة الصلبة».

ونوه عسيري إلى أن «تحول السياسة الخارجية السعودية نحو منهج القوة الصلبة للتعامل مع السياسات الإيرانية لا يمكن فهمه إلا في سياق مواجهة المعادلة التي تحاول إيران فرضها بالقوة في المنطقة من خلال سياساتها».

وقال :« لقد كان خيارًا حتميًا واستراتيجيًا لتحجيم السياسات الإيرانية ومواجهة خططها التوسعية في المنطقة والتي تضرب عمق التركيبة الوطنية والفكرية في الدول التي تستهدفها».

ويشير عسيري إلى أن اتجاه المملكة لتفعيل منهج القوى الصلبة  جاء كحتمية في مواجهة السياسات الإيرانية التوسعية, مضيفًا أن القراءة التاريخية للسياسة الخارجية السعودية تكشف دخول هذا النهج على الخط وبقوة بعد أحداث ما سمي بالربيع العربي مع بقاء القوة الناعمة كمحرك أساسي للسياسة الخارجية السعودية, وهي القوة التي استفادت منها المملكة في صناعة التحالفات وتوحيد الموقف العربي تجاه السياسات الإيرانية، فضلًا عن التأثير على الموقف الدولي.

ويؤكد عسيري أن دخول القوة الصلبة على الخط يفتح الطريق أمام الموازنة بين القوة الناعمة والصلبة، والذي يولد ما يسمى في عرف السياسة بالقوة الذكية ويبقي على كل الخيارات مفتوحة إلى جانب الردع العسكري.

ووفق خبراء في العلاقات الدولية، فإن اتجاه السعودية لتفعيل قوتها الذكية يعكس مبدأً رئيسًا في سياستها الخارجية يتمثل في العمل على مواجهة مهددات الأمن القومي والإقليمي، بحسبان أن الاهتمام بالبعد الأمني والدفاعي أمر طبيعي في ظل التهديدات والمخاطر التقليدية وغير التقليدية التي تكتسح الجوار الخليجي، وتحيط به من جهاته الأربع.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa