الاقتصاد العالمي في 2019.. رياح عكسية «خطيرة» تحد من النمو وتتسبب في موجة ركود

البريكست والتوترات التجارية أحد أسباب التوقعات المتشائمة..
الاقتصاد العالمي في 2019.. رياح عكسية «خطيرة» تحد من النمو وتتسبب في موجة ركود

أصبحت آفاق الاقتصاد العالمي حاليًّا، أضعف مما كانت عليه في كل دول مجموعة العشرين؛ نتيجة للضعف الناشئ عن الصين والاقتصاد الأوروبي، وكذلك التباطؤ في معدلات التجارة والتصنيع العالمي، وعدم اليقين السياسي والمخاطر في الأسواق المالية العالمية.

وأشارت أحدث البيانات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، التي صدرت الأربعاء، إلى أن من المتوقع أن يتباطآ الاقتصاد العالمي بشكل أسرع في عام 2019، عما كان متوقعًا في السابق، مع استمرار تأثير الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد بكين في الحد من النمو.

ركود عالمي

وأظهر تحديث منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي حوالي 3.3٪ في عام 2019، بانخفاض من 3.5٪ عند التحديث الأخير في نوفمبر من العام الماضي.

وقال لورانس بون، كبير الاقتصاديين بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن الاقتصاد العالمي يواجه رياحًا عكسية خطيرة بشكل متزايد، مُشيرًا إلى أن التباطؤ الحاد في أي من المناطق الرئيسة يمكن أن يعرقل النشاط في جميع أنحاء العالم خاصة إذا انتشر في الأسواق المالية.

وأكدت الـ (OECD) أن ضعف الاقتصاد الصيني وتباطؤ التجارة العالمية المرتبطة بالأجندة الحمائية للولايات المتحدة، دوافع رئيسة لتراجع النمو الاقتصادي العالمي.

توقعات متشائمة

وقامت منظمة التعاون الاقتصادي، التي تضم أكبر الاقتصادات المتقدمة في العالم، بتقدير معدلات النمو في معظم بلدان مجموعة العشرين من البلدان الصناعية والناشئةً.

وبحسب المنظمة، تضررت منطقة اليورو التي تضم 19 دولة بشدة؛ حيث تنبأت المنظمة بتراجع النمو المتوقع خلال العام 2019 من 1.8% إلى 1%. وانخفضت توقعات النمو في ألمانيا إلى 0.7% من 1.4%، في حين تحولت إيطاليا من نمو 0.9% إلى ركود بنسبة 0.2% خلال العام الجاري.

ويعتقد جان هاتشيوس، كبير الاقتصاديين في مجموعة جولدمان ساكس، أن الاقتصاد العالمي ربما يكون قد وصل بالفعل إلى أدنى مستوياته.

وقالت سارة هيوين، كبيرة الاقتصاديين في أوروبا والأمريكتين في بنك ستاندرد تشارترد: «قد تأتي الأسابيع المقبلة بمزيد من الوضوح بشأن التهديدات التي تواجهها بريطانيا عند خروجها من الاتحاد الأوروبي، ومعرفة ما إذا كانت بكين ستنجح في إعادة تحفيز النمو الصيني أم لا».

وأشارت هيوين إلى أن النتيجة الجيدة في كل حالة ستؤدي بالضرورة إلى تحسين التوقعات بالنسبة للمصدرين والمشاعر التجارية الأوسع، بما يزيد من دعم النمو للاقتصاد العالمي.

ضعف النمو الصيني

وتأتي تحذيرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن تباطؤ النمو العالمي بعد إعلان الحكومة المركزية الصينية أنها ستخفض هدف النمو في الناتج المحلي الإجمالي، وهو أحدث علامة على أن التباطؤ الكبير في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وخفضت الصين هدفها لنمو الناتج المحلي الإجمالي من 6.5% إلى ما بين 6 و6.5%، وسط تأثرها بالحرب التجارية مع الولايات المتحدة، التي شهدت قيام البلدين بتبادل الرسوم الجمركية على ما قيمته 360 مليار دولار.

وعلى الرغم من تركيز الحكومة الصينية على تقليص المديونية خلال السنوات الماضية، فقد زادت ديون الشركات والحكومة والأفراد بمقدار 23 تريليون دولار في العقد الأخير وحده، وارتفعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 100٪، وفقا لبلومبرج.

ووفقًا لبيانات بنك الصين الشعبي، أضاف الاقتصاد الصيني نحو 12 تريليون دولار من استحقاقات الديون، في عقد من الزمان منذ عام 2008 حتى الآن.

الحرب التجارية

وفي الوقت نفسه، شكلت القيود التجارية التي فرضت في العام الماضي- لا سيما من قبل الولايات المتحدة والصين- عبئًا على النمو والاستثمار ومستويات المعيشة، خاصةً بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض.

ويواصل أكبر اقتصادين في العالم- الصين وأمريكا- المفاوضات التجارية، لكن منظمة التعاون الاقتصادي تُحذر من بقاء مخاطر أخرى حتى إذا توصل الطرفان إلى اتفاق، بما في ذلك التعريفات الأمريكية المحتملة على واردات السيارات الأوروبية.

ومن شأن هذه التعريفات أن تؤثر على الاقتصاد الأوروبي؛ حيث تمثل صادرات السيارات ما يقرب من 10% من إجمالي صادرات البضائع الأوروبية إلى الولايات المتحدة.

العجز التجاري الأمريكي

ارتفع العجز التجاري للسلع في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي في عام 2018؛ حيث قفز الطلب المحلي القوي بسبب انخفاض الضرائب على الواردات، على الرغم من سياسات «أمريكا الأولية» لإدارة ترامب، بما في ذلك التعريفات الجمركية، التي تهدف إلى تقليص الفجوة التجارية.

وقالت وزارة التجارة الأمريكية، إن العجز التجاري الإجمالي ارتفع بنسبة 12.5%؛ ليصل إلى 621 مليار دولار في عام 2018، وهو الأكبر منذ عام 2008.

وارتفع العجز التجاري في السلع مع الصين بنسبة 11.6٪؛ ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 419.2 مليار دولار في عام 2018.

وسجلت أمريكا، التي فرضت أيضًا رسومًا على الفولاذ المستورد والألومنيوم والألواح الشمسية والغسالات، واردات قياسية من 60 دولة في عام 2018، بقيادة الصين والمكسيك وألمانيا.

وقال كريس روبكي كبير الاقتصاديين في «MUFG»، ومقرها نيويورك: «إن العجز التجاري ارتفع في العام الماضي على الرغم من جهود إدارة ترامب لإنعاش الاقتصاد الأمريكي مرة أخرى، ومن غير المرجح أن يتحسن الاتجاه في عام 2019».

الانفصال البريطاني

ولا تزال هناك شكوك كبيرة في السياسات الاقتصادية في دول أوروبا، وسط مزيد من القلق من تداعيات الـ«Brexit». وقالت منظمة التعاون الاقتصادي، إن الخروج غير المنظم من شأنه رفع التكاليف بالنسبة للاقتصادات الأوروبية إلى حد كبير.

وتقلصت توقعات النمو في بريطانيا من 1.4 إلى 0.8% خلال العام الجاري، وهو ما يعد أول تراجع عن الواحد في المائة منذ عام 2009، إثر الأزمة الاقتصادية العالمية.

وإذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون التوصل إلى اتفاق بشأن العلاقات الاقتصادية المستقبلية، فمن المتوقع أن تكون آفاق النمو الاقتصادي ببريطانيا «أضعف بكثير» مما هو متوقع، ووفقًا لمنظمة التعاون.

وقال ميشيل بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، إنه لم يتم التوصل إلى حل للخروج من المأزق، رغم بقاء 21 يومًا فقط قبل موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس الجاري.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa