«عاجل» ترصد ورطة أردوغان العسكرية.. حصار 12 نقطة ميدانية وفرار مليشياته بإدلب

سوريا تفتح معبرًا إنسانيًّا بريف حماة.. وخبراء أتراك يعيشون حالة ذهول
«عاجل» ترصد ورطة أردوغان العسكرية.. حصار 12 نقطة ميدانية وفرار مليشياته بإدلب

كشفت معلومات ميدانية اليوم الجمعة أن الجيش السوري يواصل توغله في المنطقة المحاصرة جنوب مدينة خان شيخون فيما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات الجيش بسطت سيطرتها على بلدة كفرزيتا كبرى بلدات ريف حماة الشمالي دون أي مقاومة أو اشتباكات بالإضافة لسيطرتها على تلال شرق النقطة التركية في بلدة مورك بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وارتفعت حصيلة المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري –بدعم عسكري روسي مؤخرًا إلى 23 منطقة تحديدًا منذ انهيار وقف إطلاق النار في الخامس من أغسطس الجاري ومع سقوط مزيد من الخسائر البشرية فقد ارتفع عدد الضحايا إلى 3761 شخصًا ممن قتلوا منذُ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» في الفترة من 30 إبريل حتى اليوم.

ويضع تقدم الجيش السوري في الشمال الغربي –بحسب وكالة رويترز القوات التركية في موقف حرج حيث عزل الهجوم على إدلب موقعًا عسكريًّا تركيًّا في عمق الأراضي السورية بينما يتداعى الاتفاق الذي يحد من القتال في المنطقة ومن شأن انهيار الاتفاق أن يوجه ضربة كبيرة للرئيس رجب أردوغان الذي وجّه دفة تركيا ناحية روسيا في السنوات القليلة الماضية لكنه غير قادر في ما يبدو على الحد من دعم موسكو لهجوم الجيش السوري.

كانت روسيا وإيران وتركيا قد اتفقت في 2017 على إقامة أربع «مناطق لخفض التصعيد» لوقف القتال بين الجيش السوري والفصائل المسلحة لكن القوات الحكومية السورية استعادت ثلاثة من تلك المناطق وتتقدم الآن في الرابعة خاصة بعدما اقتحمت بلدة خان شيخون لتعزل بالفعل القوات التركية في موقع عسكري قرب بلدة مورك على بعد 70 كيلومترًا داخل سوريا. وأوقفت ضربة جوية رتلًا عسكريًّا أرسلته تركيا الإثنين الماضي لإعادة تزويد موقع مورك بالعدة والعتاد.

واعترف المتحدث باسم أردوغان إبراهيم كالين بأن «الوضع هناك بالغ الحساسية» علمًا بأن لدى تركيا التي تدعم بعض فصائل المعارضة السورية قوات منتشرة في 12 موقع مراقبة عسكرية في أنحاء محافظة إدلب بموجب اتفاق 2017 مع موسكو وطهران اللتين تساندان حكومة الأسد يأتي هذا فيما ضاقت موسكو ذرعًا مما تراه تقاعس تركيا عن منع الإرهابيين لاسيما جبهة النصرة من السيطرة على أجزاء من إدلب.

وتصرّ تركيا على أنه ليس لديها خطط للتخلي عن أي من مواقعها العسكرية 12 موقعًا التي أقامتها في إدلب أو نقلها بينما تقول روسيا إن الإرهابيين في محافظتي إدلب وحماة يشكلون تهديدًا لقاعدتها الجوية في حميميم على بعد أقل من 40 كيلومترًا إلى الغرب وقال المتحدث باسم أردوغان: «الاتفاقات الرامية لوقف العمليات العسكرية في أنحاء إدلب لا بد من احترامها...».

وينهي سقوط خان شيخون سيطرة الفصائل المسلحة على شمال محافظة حماة بينما قال مسلحون من الفصائل المسلحة إن دورية تركية تحركت الأربعاء الماضي من أحد المواقع العسكرية الاثني عشر التي أقيمت في المنطقة بينما تعرض رتل عسكري تركي الأحد الماضي خلال توجهه لمواقع مراقبة قرب خان شيخون لقصف من الجيش السوري.

ويقول خبراء عسكريون إن «الوجود التركي في شمال غرب سوريا والدعم العسكري الخفي والمكثف الذي توفره أنقرة لبعض الفصائل المسلحة الموالية لها كانا سببًا في تعقيد الحملة الرامية للسيطرة على تطهير المنطقة من العناصر الإرهابية». بينما قال مصدر أمني تركي كبير  وفق رويترز إن «المحادثات لا تزال جارية مع روسيا حول مصير الرتل العسكري الذي كان في طريقه لأحد المواقع قرب خط الجبهة وإنه لم يتحرك منذ الهجوم غير أن من المستبعد تمامًا التخلي عنه».

وقال متحدث الرئاسة التركية: «أردوغان سيتحدث مع بوتين بشأن إدلب في أقرب وقت ممكن...» حيث تنطوي العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري في مواجهة المليشيات المسلحة الموالية لتركيا على تحديات متزايدة لأنقرة ومن ثم يراهن أردوغان على أي شيء يحدث تغير في المسار من جانب موسكو وسط تأكيدات من مراقبين بأنه «عندما يتعاظم خطر الصراع ستتراجع تركيا» في المقابل.

ورغم أن العلاقات التركية الروسية بدت قبل شهر أقوى من أي وقت مضى لاسيما مع تسلم أردوغان شحنة من منظومة صواريخ «إس400 الروسية» المتطورة لكن بعد ستة أسابيع من الصفقة بدت الخلافات الكبيرة بين موسكو وأنقرة حول ما يحدث ميدانيًّا في شمال غرب سوريا بصورة لا يمكن التوفيق بينها وباتت استراتيجية تركيا في إدلب في دائرة الخطر.

وتشير المعلومات الميدانية إلى أن تقدم الجيش السوري سيزيد الضغوط على مواقع المراقبة التركية في أقصى الجنوب أبعد مواقع تركية داخل سوريا إلى المواقع الأخرى بينما يستمر هجوم القوات الحكومية السورية وستسحب تركيا على الأرجح بعض القوات وسط ذهول من المحللين العسكريين الأتراك بأن هذه التطورات الدرامية التي تواجه تركيا تأتي بعد وقت قليل من صفقة «إس400» ما يثبت أن «النفوذ الذي اكتسبته تركيا لدى روسيا قليل جدًّا» على حد وصفهم.

وفي المقابل أعلنت سوريا عن فتح معبر إنساني في منطقة صوران في ريف حماة الشمالي لتمكين المواطنين الراغبين بالخروج من مناطق سيطرة الإرهابيين الموالية لتركيا في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية أنه «في إطار معاناة المواطنين جراء ممارسات المجموعات الإرهابية تم فتح معبر إنساني في منطقة صوران لتمكين المواطنين الراغبين في الخروج من المناطق في حماية قوات سوريا».

وأشار المصدر إلى أنه «سيصار إلى تأمين كل احتياجات هؤلاء المواطنين من المأوى والغذاء والرعاية الصحية» بينما فرضت القوات الحكومية السورية طوقًا حول مدن وبلدات في ريف حماة الشمالي بعد سيطرتها على الأوتوستراد الدولي شمال مدينة خان شيخون وبذلك تم تطويق تلك البلدات ومحاصرتها من جميع الجهات».

ميدانيًّا فررت مئات العناصر المسلحة من الهجوم الذي تنفذه القوات السورية ضد المليشيات المدعومة من تركيا باتجاه الحدود التركية وترك الفارون مدينة معرة النعمان بمحافظة إدلب التي كانت ملاذًا لهم فيما نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن وزير الخارجية سيرجي لافروف الثلاثاء الماضين وجود عسكريين روس على الأرض في محافظة إدلب.

وتسبب الوضع الصعب الذي تعيشه تركيا في الملف السوري إلى محاولاتها تلطيف العلاقات مع الإدارة الأمريكية حيث قال المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين بعد اجتماع وزاري: «الرئيس رجب أردوغان سيجري اتصالات هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأيام المقبلة لبحث بخصوص المنطقة الآمنة المزمع إقامتها شرق نهر الفرات».

في المقابل تعيش الفصائل والمليشيات التابعة لتركيا والممولة منها ظروفًا صعبة في ريفي حماة وإدلب السوريتين وألمحت الفصائل المسلحة إلى خيانة تركية وقالت إن «ما يجري بين روسيا وتركيا حول مناطق شرق الفرات دفع تركيا لتسليم المدن والبلدات على طريق حلب حماة الدولي» وحفاظًا على ماء الوجه استنكرت وزارة الدفاع التركية هجومًا استهدف محيط رتل عسكري تركي بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا وزعمت أنه «أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين» وأكدت أنه «يتعارض مع الاتفاقات السارية والتعاون والحوار بيننا وبين روسيا».

وأكد قائد ميداني مع القوات الحكومية السورية للألمانية أن «الجيش السوري والقوات الرديفة له فرضت سيطرتها الكاملة على مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي بعد هروب فصائل المعارضة السورية المسلحة من المدينة» وأقرت فصائل المعارضة بسيطرة القوات الحكومية السورية على مدينة خان شيخون وريف حماة الشمالي وحمل قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش الحر تركيا المسؤولية عن ذلك التي «ضغطت على الفصائل للانسحاب» وذلك «تخوفًا من الحصار الكامل».

ووسعت القوات الحكومية السورية والمجموعات المسلحة الموالية لها سيطرتها في ريف إدلب وحماة الشمالي حيث سيطرت بشكل كامل الثلاثاء الماضي على مدينة خان شيخون أبرز مدن ريف إدلب بعد هروب الفصائل المسلحة وأكد القائد الميداني أن «الفصائل المدعومة من تركيا هربت ولم تستطع مواجهة الجيش السوري في مدن اللطامنة وكفرزيتا ومورك وقرى لطمين ولحايا ومعركبة في ريف حماة الشمالي وبذلك يصبح ريف حماة الشمالي بشكل كامل تحت سيطرة الجيش».

ويومًا بعد آخر تتأكد حسب مراقبين حقيقة الدور الوظيفي التخريبي الذي تقوم به تركيا في مخطط هدم المنطقة والسعي للتآمر على أمنها القومي مدعومة بمحاولات مستمرة لاحتلال مساحات جديدة من أراضي دول الجوار بحجج ومزاعم واهية تكشف عن نوايا توسعية للنظام التركي بقيادة رجب أردوغان.

وخلال الجدل الذي صاحب القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب العام الماضي بالخروج من سوريا نقلت صحيفة «حرّيّت» عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قوله إن «تركيا عازمة على العبور إلى شرقي نهر الفرات بشمال سوريا في أسرع وقت ممكن» وسط تأكيدات من المتحدث باسم الرئيس التركي إبراهيم كالين بأن «التنسيق بين تركيا والولايات المتحدة في سوريا لا يقتصر على المجال العسكري».

ولطالما كانت الخلافات بشأن سوريا مصدر توتر «ظاهريًّا» بين تركيا والولايات المتحدة بحجة دعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية شمال سوريا التي تزعم تركيا أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يدافع عن حقوق الأقلية الكردية جنوب البلاد فيما تستغل تركيا مليشياتها وفصائلها المسلحة في سوريا التي طالما زعمت أنها تدافع عن قضايا حقوقية داخلية.

وكان اتفاق تركيا وروسيا على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب قد أدّى إلى تجميد مؤقت لمختلف الجبهات الكبرى في سوريا غير أن مراقبين يرون أن الوضع المعقد شمال سوريا ستكون له تداعيات على مستقبل الصراع في البلاد لاسيما «منبج» التي سترتسم معالم المستقبل في ضوء التنسيق بين الولايات المتحدة وتركيا.

وأصبحت بلدة منبج في منطقة صراع نفوذ تتوزّع السيطرة عليها الولايات المتحدة وتركيا والنظام السوري بينما توفر قوات سوريا الديمقراطية ائتلافًا كرديًّا عربيًّا من خلال وحدات حماية الشعب لتوفير الاستقرار لسكان المنطقة بعد طرد الفصائل والمليشيات المسلحة بعضها مدعوم من تركيا.

وكانت قوات المعارضة السورية المنتمية إلى الجيش الحرالمدعومة من تركيا قد فرضت سيطرتها على منبج حتى يناير 2014 قبل تدخّل قوات سوريا الديمقراطية وسط تخوف من الفوضى الأمنية في جرابلس الخاضعة للسيطرة التركية حيث تنتشر أعمال النهب والخطف.

ويمثل الموقع الجغرافي الفريد لمنبج فرصتها كمركز اقتصادي يربط مدينة حلب بالمنطقة الواقعة غرب نهر الفرات والمعروفة بالشامية وكذلك بالمنطقة الواقعة شرق النهر والمعروفة بالجزيرة حيث تبقى منبج سوقًا كبيرة للتجّار من تل أبيض والرقة وعين العرب أو كوباني وجرابلس.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa