الدولار.. سلاح قاتل للولايات المتحدة في ظل غياب عملة منافسة

أفضل الأصول الأمريكية لجذب المدخرات وتمويل العجز
الدولار.. سلاح قاتل للولايات المتحدة في ظل غياب عملة منافسة


في ظل غياب عملة احتياطية عالمية منافسة، لا يزال الدولار أفضل الأصول للولايات المتحدة؛ لمواصلة جذب المدخرات من جميع أنحاء العالم وتمويل العجز لديها.

ووفقًا لصحيفة "ليزيكو"، الفرنسية الاقتصادية، فإنّ عمل النظام النقدي الدولي تطوّر إلى حد كبير خلال السنوات الأخيرة، ومنذ النصف الثاني لعام 1990 حتى عام 2013، سادت هذه العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين.

كان لدى الصين فائضٌ كبيرٌ في المدخرات بالمقارنة مع الاحتياجات الاستثمارية، وبالتالي كان هناك فائض خارجي ضخم، ولتجنّب هذا الفائض الذي يؤدي إلى ارتفاع حاد جدًا لسعر الصرف أمام "الرنمينبي" الصيني، عمل البنك المركزي على تراكم احتياطيات النقد الأجنبي (التي تجاوزت 4000 مليار دولار)، واستثمرت في الغالب في الأصول المالية بالدولار، خاصة في سندات الخزانة الأمريكية.

ومنعت هذه المشتريات من الدولارات الصينية، انخفاض قيمة الرنمينبي (العملة الرسمية في جمهورية الصين الشعبية) مقابل الدولار، وموّلت العجز المزدوج للولايات المتحدة؛ حيث كانت هذه الاتفاقية بين الولايات المتحدة والصين مفيدة للطرفين، فقد أقرضت الصين الولايات المتحدة لتمويل شراء السلع الصينية من قِبَل المستهلكين الأمريكيين.

لكن منذ عام 2014، تغيّر أداء نظام النقد الدولي بشكل كبير؛ حيث تخسر الصين من احتياطيات النقد الأجنبي ما يفوق تريليون دولار، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أنّ فائضها التجاري أصبح أضعف بسبب تدفقات رؤوس الأموال من القطاع الخاص.

ولم يعد من الممكن تمويل العجز الخارجي للولايات المتحدة من قبل الصين، فتدفقات رأس المال الخارجة من البلاد لم تعد تأتي من البنك المركزي ومشترياته من سندات الخزانة الأمريكية، لكن من وكلاء الاقتصاد وبخاصةً من الشركات التي تقوم بعمليات استحواذ في الخارج، أكثرها في أوروبا من الولايات المتحدة.

لكن في الوقت نفسه، لا تزال تعاني الولايات المتحدة عجزًا مزدوجًا (ماليًا وخارجيًا)، وسوف يزداد هذا العجز؛ ولذلك اختارت إدارة الرئيس دونالد ترامب اتباع سياسة مالية توسعية (سيكون العجز العام في الولايات المتحدة في حدود 5.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019)، من خلال التوظيف الكامل (معدل البطالة هو 3.7٪)، وهذا سيؤدي بالضرورة إلى مزيد من التدهور في التجارة الخارجية للبلاد.

وتساءلت الصحيفة: "كيف سيتم تمويل العجز المزدوج للولايات المتحدة، إن لم يكن من الصين؟"، ثم أجابت: "بالنسبة للجزء الأكبر، يتطلب تمويل العجز الأمريكي تدفق رؤوس الأموال من الدول الناشئة ومنطقة اليورو، وهكذا تستغل الولايات المتحدة بذكاء دور العملة الاحتياطية للدولار، فهي تسمح بسهولة جذب رؤوس الأموال على حساب البلدان الأخرى، الناشئة ومنطقة اليورو، وبالتالي تمويل عجزها".

لكن إذا خسر الدولار وضعه كعملة احتياطية، فإنّ العواقب ستكون كارثية، وهي انخفاض قيمة الدولار، وانخفاض أسعار الأسهم، وارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل.

وفيما لا يمكن لـ"الرنمينبي" الصيني في الوقت الحالي لعب هذا الدور بسبب صغر حجم أسواق الأسهم في الصين، وهي أسواق ليست واسعة بما يكفي لجذب المدخرات من الصينيين، فإنّ اليورو عالق في صعوبات منطقة اليورو (الأزمة الإيطالية، وانخفاض النمو المحتمل)، وتجتذب الولايات المتحدة رؤوس الأموال والمدخرات بسهولة نسبية.
 

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa