تطورات عدن.. من يحاول تبديد جهود السعودية والتحالف لحماية «الأمن الإقليمي»؟!

المملكة تواصل جهودها الميدانية-الإغاثية لدعم الشعب الشقيق
تطورات عدن.. من يحاول تبديد جهود السعودية والتحالف لحماية «الأمن الإقليمي»؟!

يطرح المراقبون لتطورات الأوضاع الميدانية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، سؤالًا مفاده: من يحاول تبديد جهود التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، فيما يتعلق بحماية «الأمن الإقليمي»، خاصة الجهود السعودية المتواصلة ميدانيًّا، وإغاثيًّا، لصالح الشعب الشقيق؟!

ويرتبط طرح السؤال باندلاع الاشتباكات العنيفة في مدينة عدن، وسط تحركات عاجلة من الأطراف المعنية بالسلام في اليمن لدعوة المتناحرين إلى وقف التصعيد والامتناع عن إراقة المزيد من الدماء، وحل الخلافات عبر الحوار.

ومنذ البداية، كان تحرك المملكة (وحلفائها) لدعم اليمن، مرتبطًا بطلب رسمي من الرئيس عبدربه منصور هادي، والحكومة اليمنية، مراعاة للسيادة اليمنية، التي انتهكتها إيران عبر دعم وتسليح ميليشيات الحوثي، التي بادرت بالانقلاب على الشرعية في اليمن، قبل التآمر على اليمنيين أنفسهم، والتمكين لطهران في البلاد.   

وفي شهر مارس عام 2015 (موعد انطلاق عملية عاصفة الحزم) وجدت ميليشيات الحوثي الانقلابية نفسها أمام متغير ميداني جديد، بعدما كانت تتحكم بالقوة في نحو 90% من البلاد، غير أن الفترة منذ انطلاق العمليات حتى مطلع عام 2017، شهدت نجاحات مؤزرة للحكومة وقوات التحالف بعد استعادة نحو 85% من الأراضي التي سيطر عليها الانقلابيون.

وفي 21 أبريل 2015، أعلنت السعودية انتهاء عملية عاصفة الحزم، عقب تحقيق أهدافها، بعد تدمير معظم الأسلحة الثقيلة والصواريخ الباليستية التي تشكل تهديدًا لأمن السعودية والدول المجاورة، فيما ظل الدعم الإيراني للميليشيات الحوثية (التابعة له) عبر ميناء الحديدة والبحر الأحمر، تلعب دورًا في استمرار خطورة الحوثيين.

وأطلق التحالف لاحقًا عملية «إعادة الأمل»، التي تستهدف الجمع بين المواجهة العسكرية للتمرد، ودعم الجهود الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني، قبل إطلاق عملية برية لتعقب فلول الحوثي أطلق عليها اسم «السهم الذهبي»، بغطاء بحري وجوي من التحالف، ودخلت القوات اليمنية التي تم تدريبها في السعودية عبر البحر مدعومة بمئات العربات المدرعة والدبابات التي قدمها التحالف.

كذلك شكلت عمليات التحالف (بقيادة السعودية) خطوة مهمة لخوض معركة مصير ضد ميليشيات الحوثي ومواجهة تهديدات جيوسياسية على حدود المملكة، بل وللدفاع عن حركة التجارة العالمية بالعمل على دعم الاستقرار الأمني، وإزالة معوقات التبادل التجاري، وحماية الأمن القومي للمنطقة، ومن ثَم طمأنة المستثمرين والشركات الأجنبية؛ ما جعل الخطوة العسكرية السعودية (معركتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل) تحظى بقبول دولي، في ظل تهديدات الانقلابيين لمضيق باب المندب صاحب الأهمية التجارية الدولية.

ويحظى المضيق بأهميته خاصة؛ حيث تقدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية كمية النفط التي تعبر يوميًّا من خلاله بنحو 3.4 مليون برميل (6% من تجارة النفط العالمية سنويًّا) ويعتبر المضيق بوابة عبور 8% من حركة التجارة العالمية؛ ما يعني أن أي تهديد سيرفع أسعار النفط عالميًّا، بجانب ارتفاع بوليصة التأمين على الناقلات، وتكاليف النقل في حال اللجوء إلى طريق بديل، لا سيما رأس الرجاء الصالح.

ونجحت العمليات الميدانية التي يعتمد خلالها التحالف على تحقيق أهداف عسكرية دقيقة، يجري تنفيذها لدعم الجيش اليمني على الأرض، في إخراج الحوثيين من عدن وأجزاء واسعة من المحافظات الجنوبية: لحج والضالع وشبوة وأبين، ثم خاضت القوات معارك ضارية في تعز والبيضاء، بدعم من قوات سعودية من الاتجاه الشمالي لليمن.

واستعادت السيطرة على أجزاء واسعة من محافظتي مأرب والجوف، وباتت تسيطر الآن على أجزاء واسعة من صعدة (مقر إدارة الميليشيات) كما نجح الجيش اليمني مدعومًا بقوات التحالف في استعادة أكثر من 700 موقع من الميليشيات الحوثية، بحسب ما أكد العقيد الركن تركي المالكي المتحدث باسم التحالف في المؤتمر الصحفية المتعاقبة.

على الجانب الآخر، تحظى الجهود الإنسانية التي تقدمها المملكة العربية السعودية للشعب اليمني الشقيق بإشادات دولية، لا سيما أنها تصل للمناطق المنكوبة في البلاد، من جراء جرائم ميليشيات الحوثي (المدعومة من إيران) التي سبق أن حولت معظم اليمن إلى ساحة حرب، ومسرح عمليات، قبل تدخل التحالف العربي لدعم الشرعية (بطلب من الحكومة المعترف بها دوليًّا) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ولم يكن غريبًا أن ترحب دول كبرى (كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا) بجهود المملكة التي تقود التحالف، خاصةً الجمع بين العمليات العسكرية ضد فلول الحوثي، وبين الجهود الإنسانية؛ حيث أطلقت المملكة خطة للعمليات الإنسانية في 22 يناير 2018، وحولت 930 مليون دولار إلى وکالات الأمم المتحدة؛ لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2018.

وفي السياق ذاته، أشاد أعضاء مجلس الأمن الدولي بالجهود الإنسانية الكبيرة للمملكة العربية السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، خلال الفترة التي بدأ فيها نشاطه في هذا الشأن. ويركز  التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، على تقديم العون للشعب اليمني عبر عدة مسارات. ولا يتوقف الأمر على المجهود العسكري لمؤازرة الجيش الوطن اليمني في عملياته ضد ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران. ويمتد الأمر إلى جوانب اقتصادية وأمنية وإغاثية وخدمية.

ونجحت بعض المؤسسات السعودية في الوصول إلى غالبية مناطق اليمن وتقديم يد العون للمنكوبين هناك. ولم يقف الأمر عند المناطق المحررة، بل وصلت المواد الإغاثية المقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، إلى بعض المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات، ومناطق في وسط اليمن بعيدة عن العمليات العسكرية.

وتأتي مجهودات مركز «إسناد»، الإنسانية الشاملة أيضًا، لتثبت نجاح المملكة في توفير الموارد الإنسانية للأشقاء اليمنيين؛ وذلك من خلال أعمال تعبيد الطرق، وفتح المجال أمام التجارة وقوافل المساعدات بالمرور، كما تسهل ربط شمال اليمن بجنوبه في أكثر من مركز.

ونجح مركز إسناد من خلال أحد المشروعات الخاصة بتعبيد الطرق في خلق 15 ألف وظيفة، طبقًا لما ذكره محمد آل جابر السفير السعودي لدى اليمن، والمدير التنفيذي لمركز «إسناد» العمليات الإنسانية الشاملة.

وأكد آل جابر أن التحالف سيضاعف قدرة الموانئ البحرية لليمن برفع كفاءتها تحقيقًا للمصلحة التجارية والإغاثية للبلد الشقيق، مشيرًا إلى أن فكرة مركز «إسناد»، جاءت نتيجة تطوير الجهود التي بذلها التحالف منذ بدء عملياته في اليمن، وتوازي الإعلان عن انطلاق عمليات المركز، مع أولى خطوات دعمه لليمن اقتصاديًّا.

ومنحت السعودية اليمن وديعة مقدارها مليارا دولار، في وقت كانت تحتضر فيه العملة التي بدأت تتأرجح وتتأثر بالحرب التي فرضتها الميليشيات الانقلابية المدعومة من إيران. وفي السياق ذاته، فإن المساعدات التي قدمتها السعودية لليمن تجاوزت 10.2 مليار دولار، شملت مساعدات إنسانية وإنمائية وتنموية. ويعمل مركز الملك سالمان على إعادة تأهيل 2000 طفل يمني سنويًّا ممن جندتهم الميليشيات الحوثية في الصراع.

ووفقًا لما أعلنه مركز الملك سلمان للإغاثة، فإن هناك 128 منظمة إنسانية تعمل في اليمن: 86 منظمة محلية غير حكومية، و34 منظمة دولية غير حكومية، و8 من منظمات الأمم المتحدة. وبلغ إجمالي مساعدات المملكة المقدمة لليمن من أبريل 2015 حتى أغسطس 2017؛ 8.27 مليار دولار، منها 911 مليون دولار مساعدات إنسانية وإغاثية من خلال مركز الملك سلمان، و1.1 مليار دولار مساعدات مقدمة إلى الزائرين اليمنيين داخل المملكة، و2.9 مليار دولار مساعدات إنمائية، في حين أن 2.7 مليار دولار عبارة عن مساعدات حكومية ثنائية، ومليار دولار مقدمة للبنك المركزي اليمني.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa