إعراض وتجاهل

إعراض وتجاهل

كثيرًا ما نواجه أناسا يشدوننا بغرابة استنتاجاتهم وجنايتهم على أنفسهم أولا قبل غيرهم من حيث التقبل والقبول ورغبتهم القوية في أن يكونوا أسرى لأفكار سلبية أو ثبت خطأها مع التوسع المعرفي وأيضا مع التقدم في العمر الذي من المفروض أن يكون صقلًا للتجارب واختبارًا للسلوكيات والمعتقدات فبإصرار غريب وأحيانا تنمر لفظي وسلوكي يناكف الصواب ويصوب الخطأ ويسوق له.

 عرف الإيجـو (ترجمة البعض الأنوية- الغرور والمكابرة) وعرف أمراض نفسية واجتماعية وعقلية فوجدت حال هؤلاء يقودك لقوله تعالى: (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).

يقول القرطبي في تفسيره لهذه الآية: «وفي قوله وأعرض عن الجاهلين الحض على التعلق بالعلم، والإعراض عن أهل الظلم، والتنزه عن منازعة السفهاء، ومساواة الجهلة الأغبياء، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة والأفعال الرشيدة».

ويذكر ابن كثير قول بعض العلماء في ذلك: «الناس رجلان: فرجل محسن، فخذ ما عفا لك من إحسانه، ولا تكلفه فوق طاقته ولا ما يحرجه. وإما مسيء، فمره بالمعروف، فإن تمادى على ضلاله، واستعصى عليك، واستمر في جهله، فأعرض عنه، فلعل ذلك أن يرد كيده».

يقول بوب ودورد في كتابه «حالة انكار»: «حالة الإنكار تصل ببعض الناس إلى درجة أنهم على استعداد لتجاهل وجود فيل معهم في نفس الغرفة».

وقد يبتلي الإنسان بهذا النوع من الناس في أقربائه ويكون كما قال ﷺ: «فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ» ولا نعني هنا السكوت على من يتطاول عليك فيكون ذلك أولا الدفع بالتي هي أحسن وإن لم يرتدع يجب إيقاف ذلك والحزم ووضع الحدود للجميع والإعراض هنا لمن يكون في دائرته الخاصة أو المحدودة أي من مضرته على نفسه.

قال تعالى: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) فذاك مرده أنه من النجابة أن تجعل وتوفر طاقتك في التطور والاتجاه لما يحقق أهدافك الأخروية والدنيوية بعد تجلي وضعهم كما قال تعالى (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ).

يقول مالكوم إكس: «إذا لم تتقن فن التجاهل، ستخسر الكثير وأولهم عافيتك».

يقول الشاعر أبي الفتح البستي في قصيدته «عنوان الحكم»:

لا تحسب الناس طبعًا واحدًا فلهم       غرائز لســـــت تحصيها وأكـــــــنان

ويقول أيضا:
أيـــها العــالِــمُ المــتَرْضِيُّ ســـيرَتُهُ                 أبشِرْ فأنتَ بغيرِ المــــاءِ ريــــــــانُ 

ويا أخا الجهلِ لو أصبحتَ في لُجَجٍ                فأنت ما بينهما لا شكَّ ظمآنُ


فرحان حسن الشمري
للتواصل مع الكاتب:
‏e-mail: fhshasn@gmail.com
‏Twitter: @farhan_939

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa