هل تحرض أمريكا الحوثيين على الإرهاب في الشرق الأوسط؟

بعد رفع تصنيف الميليشيا وتصاعد هجماتها الأخيرة
هل تحرض أمريكا الحوثيين على الإرهاب في الشرق الأوسط؟

بينما تتدفق البيانات والتصريحات من البيت الأبيض عن تعهدات أمريكية، بالدفاع عن أمن المملكة العربية السعودية، والتنديد بجرائم جماعة الحوثي الإرهابية ضد أهداف مدنية واقتصادية، تشهد أروقة الكونجرس ضغوطًا من مشرّعين جمهوريين، لمنع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من تخفيف العقوبات عن إيران، باعتبار أن الحوثيين ليسوا سوى أداة لتنفيذ أجندة الملالي، ويقابل ضغوط الجمهوريين توجهات بالإسراع في العودة إلى الاتفاق النووي، على أن تكون العودة مشروطة بضبط السلوك الإيراني، فيما يتعلق بالجرائم الإرهابية عبر وكلاء طهران في اليمن والعراق ولبنان وسوريا.

الجدل الدائر في الداخل الأمريكي لا يغفل أن الحوثيين، اعتبروا إلغاء تصنيفهم كجماعة إرهابية من قبل الخارجية الأمريكية، ضوءًا أخضر، لمواصلة جرائمهم التي تتجاوز الداخل اليمني وتمتد إلى الحدود مع السعودية، فضلًا عن الرغبة في فرض أمر واقع، يمنحهم الفرصة لرفع سقف مكاسبهم في أي تسوية سياسية، والأهم هو استمرار الصراع، بما يجعل الملف اليمني ورقة ضغط بيد إيران، تلوح بها في أي مفاوضات بشأن ملفها النووي .

أمام تلك الإشكاليات العبثية، لم تستطع الإدارة الأمريكية، التعتيم على ما سببه لها الحوثيون من حرج بالغ أمام شركائها الاستراتيجيين في المنطقة، مما جعلها تفقد القدرة على تبرير قرارها برفع الحوثيين من لائحة الإرهاب، خاصة بعد تصعيد الهجمات الإرهابية الأخيرة، فضلًا عن رفض الحوثيين عقد أي لقاء مع المبعوث الأمريكي الخاص تيموثي ليندركينج، الذى عينته إدارة بايدن مسؤولًا عن ملف اليمن، لذا قفزت على تداعيات قراراتها السابقة، بقرارات جديدة ردًا على هجمات الحوثي التي استهدفت المملكة العربية السعودية ومحافظة مأرب اليمنية، حيث فرضت عقوبات على قياديين بالجماعة، وهما منصور السعدى رئيس أركان القوات البحرية وأحمد على أحسن قائد القوات الجوية والدفاع الجوي، لإشرافهم على الهجمات التي تهدد المدنيين .

في السياق ذاته، لم يخجل ملالي الدولة الفارسية من الإفصاح بأن طهران هي مركز التحكم بالملف اليمنى، فقد استقبلت المبعوث الأممي لليمن مارتن جريفيث واستغلت زياراته لتستعرض نفوذها والسعي نحو فرض إرادتها على المجتمع الدولي، بالتأكيد على أنها طرف رئيسي في الصراع، وأنها البوابة الوحيدة للتحكم في جماعة "الحوثي" التي تعمل وفق أجندتها فى المنطقة .

لم تخف إيران أنها تستخدم الصراع في اليمن، لتحقيق مراميها في الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، وتحقيق ما تصبو إليه من توسيع لدوائر نفوذها في المنطقة، أما الضغوط التي تمارسها ضد واشنطن، فتتعلق برفع العقوبات قبل العودة إلى خطة العمل المشتركة "الاتفاق"، لكى يظل الاتفاق ستارًا تختبئ خلفه الأنشطة المشبوهة، ويعني في ذات الوقت إفلات طهران من العقوبات الاقتصادية، أما بقاء العقوبات، فيعني تجفيف منابع تمويل أنشطتها وأزرعها التي تطوق بها المنطقة العربية، وهو ما فعله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أصر على مواجهة إيران بمزيد من العقوبات، بتفعيل آلية "سناب باك"، والتي أعيد بموجبها، فرض عقوبات أممية على إيران، وفقا لقرار مجلس الأمن 2231، وتشمل وزارة الدفاع والحرس الثوري ومنظمة الصناعات الدفاعية والجيش .

السياسة الأمريكية الحالية لا تقوم على أي مرتكزات، وما ينطوي عليها من تجاهل سواء كان مقصودا، أو غير مقصود، لمصالح المنطقة، فسيكون أحد أهم المعطيات الأكثر مثالية لتصعيد التوتر، خاصة أن القرار الأمريكي بإزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب، كان بمثابة تحريض على ارتكاب مزيد من الجرائم الإرهابية .

ولأن الملف الإيراني شديد التعقيد بما يحويه من تفاصيل متشابكة، لذا لا يمكن إقصاء الحوثيين، عن الاتفاق الذى أبرمه باراك أوباما في العام 2015، والذى لم يكن في صالح المنطقة بالأساس ، لذا فان أي محاولة من الإدارة الحالية لتجاهل الإشكاليات المتوقع حدوثها، سيجعل المنطقة برمتها على فوهة بركان، خاصة دول منطقة الشرق الأوسط ، بحسب ما تعج به تقارير المتابعين والمحللين، لن تجلس على مقاعد المتفرجين، ولن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي تهديد لمصالحها الإستراتيجية، وفي نفس الوقت لن تسمح لواشنطن، مهما كان شكل العلاقة معها "شراكة أو تحالف"، بأن تقرر نيابة عنهم ما يهدد مصالحهم، أو يحمي أمنهم واستقرارهم .

معطيات كثيرة سوف تحدد شكل الصورة المحتملة، والتي يمكن التنبؤ بها في إطار استمرار التهديد الإيراني عبر وكيلها في اليمن .

اقرأ أيضًا:

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa