ماذا تعني عودة «طالبان» لأسواق النفط العالمية؟

ماذا تعني عودة «طالبان» لأسواق النفط العالمية؟

ناقش موقع «أويل برايس» الأمريكي عودة حركة «طالبان» للسيطرة على مقاليد الحكم في أفغانستان، وتأثير ذلك على أسواق النفط العالمية، وقال إن صعود الحركة السريع وقرب أفغانستان من أسواق الطاقة الرئيسية في الشرق الأوسط وآسيا يرسل موجات جديدة من عدم الاستقرار من شأنها التأثير على أسعار الخام عالميًا.

وتغذي عودة الحركة الخاطفة إلى الحكم في أفغانستان، بالتزامن مع الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية والأجنبية من البلاد، المخاوف بشأن انعدام الاستقرار الإقليمي، واحتمالية انزلاق أفغانستان في حرب أهلية، وتحولها إلى ملاذ آمن للجماعات الإرهابية المسلحة.

ورغم أن أفغانستان ليست من البلدان المنتجة للنفط، إلا أن قربها من الشرق الأوسط، المنتج الرئيسي الأكبر للطاقة في العالم، وقربها من الصين، ثاني أكبر سوق للنفط في العالم، يعني بلا شك أن الاضطرابات السياسية والأمنية سيكون لها تأثير فوري على أسعار النفط.

وقدرت المسوحات الجيولوجية الأمريكية الاحتياطات النفطية غير المكتشفة في أفغانستان بحوالي 1.6 مليار برميل من الخام، و562 مليون برميل من الغاز الطبيعي المسال، و15.7 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي. لكن هذه الأرقام لا تقارن بدول الجيران مثل إيران التي تملك احتياطات نفطية مثبتة تقدر بحوالي 208.6 مليارات برميل.

العداء مع إيران

وتملك حركة «طالبان» عداء تاريخي صوب إيران، بسبب اضطهادها لأقلية الهزارة الأفغانية، وهم من الشيعة وثالث أكبر المجموعات العرقية في أفغانستان، وهذا يجعل طهران العدو الطبيعي للحركة.

وكانت «طالبان» قد اغتالت تسعة من الدبلوماسيين الإيرانيين، في الفترة بين عامي 1996-2001، في مدينة مزار شرف، ما أشعل حربًا بين الحركة (السنية) وطهران، قائد المعسكر الشيعي في المنطقة.

ومن شأن عودة «طالبان» السريعة إلى سدة الحكم في أفغانستان إذكاء الاضطرابات السياسية، ويضيف إلى الخصومة القائمة بالفعل بين إيران وخصومها من دول الشرق الأوسط.

رسالة واضحة للمجموعات الجهادية

وعلى صعيد آخر، قال الموقع، المعني بمتابعة أسواق النفط العالمية، إن الفوز السريع لـ«طالبان» يرسل رسالة واضحة إلى المجموعات الجهادية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، وتمنحهم الشعور بإمكانية الفوز على الحكومات القائمة، والإطاحة بها وتثبيت أخرى موالية لها.

كما أنها «تجعل الولايات المتحدة في صورة العاجز غير القادر على حماية مصالحه في الشرق الأوسط وحماية الحلفاء، وهذا من شأنه تشجيع الميليشيات المسلحة الموالية لإيران، مثل حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن، على مواصلة قتالهم للسيطرة على كافة أراضي اليمن، ما يضيف إلى انعدام الاستقرار الإقليمي».

وحذر التقرير من أنه إذا فشلت القوى الدولية في التوصل إلى اتفاق سلام في اليمن، ستواصل جماعة الحوثي هجماتها ضد المنشآت النفطية والبنية التحتية للنقل في المملكة العربية السعودية، وكذلك مجرى الملاحة في البحر الأحمر، ما يعني تعطيل عمليات منتج النفط الأكبر في العالم، «أرامكو»، والتأثير بالتبعية على أسعار النفط عالميًا.

تعزيز موقف الصين وروسيا في آسيا

ومن جهة أخرى، قال التقرير إن التطورات السريعة في أفغانستان، والانهيار «المهين» للحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، قد عزز موقف روسيا والصين في وسط آسيا، وهي منطقة حيوية بالنسبة إلى بكين وموسكو، فهي تضم تركمنستان وأوزباكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وأفغانستان، إلى جانب احتياطات نفطية مجمعة تبلغ 31 مليار برميل من الخام، و826 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

وقال التقرير: «يتطلع الكرملين إلى استعادة مكانة روسيا العالمية وإعادة بناء إمبراطوريته في آسيا الوسطى. والتطورات في أفغانستان، إلى جانب تراجع المكانة الإقليمية للولايات المتحدة، توفر للكرملين النفوذ السياسي المطلوب لتوطيد علاقاته مع دول تركمانستان وأوزبكستان وقيرغيزستان المجاورة».

وتابع: «لن يمنح هذا موسكو هيمنة سياسية أكبر فحسب، بل سيعزز أيضًا وصولها إلى موارد النفط والغاز الطبيعي الهائلة في كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان. يعتقد الكرملين أن هذا سيعزز موقفه عند التعامل مع أوبك والصين والاتحاد الأوروبي، بينما يعزز وصول روسيا إلى موارد النفط والغاز الطبيعي الحيوية».

ويبدو أن الصين من ناحية أخرى تراهن على عودة «طالبان»، ولهذا أقامت علاقات مع الحركة المتشددة منذ منتصف العام تقريبًا، والأحداث الأخيرة تمنح بكين، المتعطشة للطاقة، وصولاً أكبر إلى موارد الطاقة الإقليمية، والتي خضعت في السنوات الأخيرة لسيطرة صينية أكبر.

وتوقع «أويل برايس» أن تدفع التطورات الأخيرة في أفغانستان الصين إلى تقليل اعتمادها على واردات النفط والغاز من دول منطقة الشرق الأوسط، وأضاف موضحًا أن بكين تسيطر على ما يقرب من ثلث إنتاج النفط في كازاخستان، وتستورد نصف إنتاج آسيا الوسطى من النفط والغاز الطبيعي، مع السيطرة على العديد من خطوط الأنابيب في المنطقة، وتنامي نفوذ بكين الإقليمي وقدرتها على دفع الزعماء السياسيين لتحقيق أهدافها الخاصة يعني تقليل اعتمادها على واردات النفط من الشرق الأوسط.

اقرأ أيضًا:

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa