أكّدت تفاصيل جديدة حصلت عليها "عاجل" في ملف مسجد "أيسلندا"، شبكة العلاقات والتقاطعات المشبوهة، التي كانت سببًا رئيسيًّا في النزاع حول المسجد بين الجالية المسلمة، والأهم، توجيه اتهامات مزعومة للمملكة بدعم الإرهاب.
ونجحت حملة "عاجل" المستمرة في إعادة فتح ملف اللاعب الأول في الأزمة (حسين الداوودي، الذى تواصلت معه الصحيفة للرد على الاتهامات المنسوبة إليه، لكنه لم يتجاوب)، كما نجحت الحملة والتفاعل معها في تغيرت نبرة الإعلام الأيسلندي، الذي كان يهاجم المملكة ويتهمها (زورًا)، بدعم الإرهاب.
شركاء الداوودي
وتتناول المعلومات الجديدة دور أعضاء مجلس إدارة شركة "الداوودي"، بعدما استطاع من خلالها الاستيلاء على أرض المسجد وأموال التبرعات السعودية، دون أن يدفع ريالًا واحدًا لبناء المسجد الذي لا تزال أرضه فضاء حتى الآن.
وتكشف المعلومات عن أن النرويجية، ساندرا ماري مو (المدون اسمها بكراسة المشروع المقدم لسفارة المملكة بإستكهولم)، مسؤولة عن وقف النور بدولة النرويج التابع لوقف الرسالة الإسكندنافي الذي يسيطر عليه الداوودي.
واوضحت المعلومات أن اسمها مسجّل رسميًّا كعضو مجلس إدارة في شركة الداوودي، كما أنها متزوجة من المتشدد "أندرو إبراهيم وينهام"، الذي ثبت انخراطه في العمل مع جماعات إرهابية، وتم إلقاء القبض عليه من قبل السلطات الأسترالية.
وتؤكد هذه النقطة المفصلية طبيعة العلاقات المباشرة بين "الداوودي" وعدد من المتورطين في قضايا إرهاب، وكان تقرير سابق تم نشره في صحيفة "الأسترالي" الأسترالية، أوضح العديد من الحقائق في هذا الشأن.
وأشارت الصحيفة إلى أن "الإرهابي أندرو وينهام، تلقى تدريبات مع الجماعة الإسلامية المسلحة في إندونيسيا قبل مغادرته لليمن، ثم عاد للظهور مجددًا في النرويج، وأصبح واحدًا من الوجوه البارزة في ملف بناء مسجد للمسلمين في النرويج بتمويل سعودي"!!
وقالت المعلومات أيضًا، إن المتشدد "وينهام" برز دوره كشخصية مركزية في النقاش العامّ المحتدم حول بناء مسجد في بلدة "ترومسو" الصغيرة في شمال النرويج، بعدما كشفت صحيفة محلية عن التاريخ المتشدد لـ"وينهام" في أستراليا، تحت عنوان "زعيم مسلم مشارك في شبكة إرهابية".
ووفقًا للمعلومات فقد تلقى "وينهام" تدريبات في معسكر للجماعة الجهادية في "ميندانو" (جنوب الفلبين عام 2000)، وعقد لقاء مع رئيس العمليات في الجماعة الإسلامية (الملقب بـحنبلي، وهو العقل المدبر لتفجيرات بالي بإندونيسيا)، الذي حاول تجنيده للقيام بعمليات إرهابية".
وأوردت المعلومات أن "وينهام" اختلف مع "حنبلي" وترك أستراليا مسافرًا إلى اليمن، حيث عاش هناك لمدة 10 أشهر، قبل انتقاله للنرويج، ليصبح في وقت لاحق، رئيس جماعة النور الإسلامية في بلدة "ترومسو"، حيث أثار تاريخه القديم الذعر وجنت المملكة الثمار المرة لهذا التاريخ، بعد محاولته التدخل لبناء مسجد بتمويل سعودي!!
وحاول "وينهام" إنكار أي صلة له بالجماعة الإسلامية الإندونيسية، وأنه لم يسافر إلى هناك، لكنه تراجع واعترف بأنه سافر بالفعل إلى الفلبين "لكن بغرض الزيارة فقط"، ثم استكمل اعترافاته، موضحًا أنه "التقى الحنبلي، وأن الصلات بينهما انقطعت منذ وقت طويل".
وقال "وينهام" -خلال مقابلة صحفية- إنه "نادم على تورطه في الماضي مع الجماعة الإسلامية، لافتًا إلى أنه يخشى من عرقلة هذه التفاصيل على مشروع إقامة المسجد ويضرّ الجالية الإسلامية في ترومسو، حيث يعيش منذ عام 2002".
وعلمت "عاجل" أن رحلة "وينهام" المتشددة بدأت، عندما انتقل من بريطانيا إلى أستراليا مع عائلته عام 1997، بعد وقت قصير من اعتناقه الإسلام، حيث تعرف في "بيرث" الأسترالية، على زميل آخر اعتنق الاسلام يدعى "جون موسى بينيت"، الذي قدمه لقادة الفرع الأسترالي للجماعة الإسلامية، وكذا الأخوان عبدالرحيم وعبدالرحمن أيوب".
وأوضحت المعلومات أن "وينهام" تزوج لفترة من امرأة من سيدني (ربيعة هاتشينسون)، لكنها أصبحت لاحقًا تلعب دورًا محوريًّا في أنشطة الجماعة الإسلامية، قبل تواصلها مع حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة".
تاريخ إرهابي
وسافر "وينهام" إلى الفلبين لمدة ستة أسابيع وتلقى تدريبًا هناك، والتقى الحنبلي الذي أراد إرساله للقيام بعملية في أفغانستان، ولكن عندما وجدوه مترددًا ولم يحسم قراره، أرسلوا بدلًا منه صديقه جاك روش، غير أن "وينهام" زعم أن "التدريب في الفلبين كان بهدف إعداد الكوادر للدفاع عن الإسلام وليس للقيام بعمليات إرهابية"!!
وزعم "وينهام" أنه قرر الانشقاق عن الجماعة، بعدما علم بدور "روش" في خطة تنظيم القاعدة لتفجير السفارة الإسرائيلية في "كانبيرا"، واغتيال رجل الأعمال اليهودي الأسترالي، جوزيف جوتنيك، وذكرت المعلومات أنه عاش في الظل لمدة 9 سنوات في "ترومسو"، حيث كان يعمل في مجلس إدارة مسجد النور (تحت رئاسة زوجته/ ساندرا مريم مو، التي ارتبط بها لاحقًا)، وكان الخوف يلازمه من أن يأتي اليوم الذي يخرج فيه ماضيه إلى النور.
وتربط هذه المعلومات بين حسين الداوودي (الذي تخصص في اتهام خصومه بالتبعية لتنظيمات إرهابية)، مع إرهابيين متورطين في جرائم، اعترفوا بها، مثل أسامة كريم، وأندرو وينهام، وتكشف عن أن الرجل لم يتورع عن استخدام كل الوسائل في جمع التبرعات بدعوى خدمة المسلمين في عدد من دول أوروبا، مدعيًا أنه ممثل المملكة.
وتجزم أنه على صلات وثيقة بمسؤولين فيها، غير عابئ بالزج باسم المملكة في هذا الشأن، وقد علمت "عاجل" أن دعاة سعوديين قاموا بتزكية وقف "الرسالة الإسكندنافي"، يتصدرهم: محمد العريفي وسعد البريك و عبدالعزيز الفوزان.
نجاح لافت
ونجحت المعلومات السابقة التى نشرتها "عاجل" في تحريك المياه الراكدة حول هذا الملف، ولاقت ردود أفعال واسعة داخل وخارج المملكة أو خارجها في كل من أيسلندا والسويد والنرويج.
ونشرت "عاجل" (في 23 رمضان)، تقريرًا بعنوان "مسجد أيسلندا الوحيد.. يفضح مخططات الزج باسم المملكة في قضايا الإرهاب"، وتقرير آخر (29 رمضان)، بعنوان "موفد عاجل يطير إلى ريكيافيك بحثًا عن الإجابة.. من استغل مسجد أيسلندا الوحيد وكيف شوه سمعة المملكة؟".
وقد نجح موفد الصحيفة خلال رحلة السفر للعاصمة الأيسلندية، الوقوف على عديد من الوقائع والتفاصيل المثيرة في ما يتعلق بهذا الملف، عبر التواصل مع شهود العيان والعديد أطراف الأزمة، لتوثيق التفاصيل الكاملة.
وترتب على الحملة والمعلومات الموثقة التى نشرتها "عاجل" إعادة النظر في الهجوم على إمام المسجد الأزهري (الشيخ أحمد طه)، المكفول من قبل وزارة الشؤون الإسلامية السعودية، طبقًا للمعلومات الشحيحة التي كانت متوافرة حول القضية، وبدأت الأطراف المعنية في تتبع خيوط القضية للوصول للحقيقة الكاملة.
وحفل الإعلام الأيسلندي بنشر عدة تقارير حول علاقة "الداوودي"، بأسامه كريم، الإرهابي السويدي من أصول سورية، الذي شارك بالهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة البلجيكية بروكسل مؤخرا، وأسفرت عن وفاة أكثر من 30 شخصًا وإصابة 270 آخرين، قبل أن يُعلن تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عن الحادث".
اهتمام أيسلندي
واهتمت الصحافة الأيسلندية بالوثيقة المغلوطة التي أصدرتها بلدية "ريكيافيك" بتدخل من الذراع اليمنى لـ"لداوودي"، المدير التنفيذي لوقف أيسلندا، كريم العسكري، بعدما أوهم السلطات أن الوقف بحاجة لتلك الوثيقة بغرض "إثبات حالة" وكذلك إطلاع أبناء الجالية الإسلامية أنهم مسجلين كجمعية دينية.
واستخدمت الوثيقة في غير الغرض الرئيسي الذي صدرت من أجله، حيث تم تقديمها لسفارة المملكة هناك لتسهيل صرف مبلغ 4 ملايين ريال لبناء مسجد للمسلمين على أرض الوقف، وهو المبلغ الذي ظل موقوفًا صرفه حتى تدخلت شخصيات سعودية لدى السفير إبراهيم البراهيم، حتى تم صرف المبلغ لـ"لداوودي"، وسط اتهامات موجهة له بالتدليس على سفارة المملكة، وعلى السلطات الأيسلندية أيضًا.
وهاجمت وسائل الإعلام في "ريكيافيك" مسؤولي البلدية وشركة "الداوودي"، وهو ما دفع البلدية للاعتراف بأن الوثيقة تم استخراجها بشكل غير قانوني، وأن وقف أيسلندا يصنف باعتباره "شركة خاصة ربحية" ولا يحق له ممارسة أي نشاط ديني، وعليه دفع الضرائب مثل أي شركة خاصة.
اقرأ أيضا: