«الاتفاق الروسي» يفضح العلاقة المشبوهة بين أردوغان و«جبهة النصرة» الإرهابية

موسكو تأمر الرئيس التركي بحل الميليشيات و«حكومة الإنقاذ»..
«الاتفاق الروسي» يفضح العلاقة المشبوهة بين أردوغان و«جبهة النصرة» الإرهابية

كشفت معلومات مثيرة، اليوم الأحد، عن طبيعة العلاقة المشبوهة بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وجبهة النصر الإرهابية، التى غيرت اسمها إلى «هيئة تحرير الشام»، وقالت المعلومات التى أوردتها وكالة الأنباء الألمانية- نقلا عن عناصر بارزة في الميليشيات الموالية لأردوغان في الشمال السوري- إن «إعلان روسيا عن اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية، الجمعة الماضية، اشترطت على الرئيس التركي، حل هيئة تحرير الشام، وما يُسمى بحكومة الإنقاذ التابعة لها في محافظة إدلب».

وتتضمن الشروط التى وضعتها روسيا للقبول باتفاق جديد مع تركيا «حل هيئة تحرير الشام –جبهة النصرة التى تتبنى فكر تنظيم القاعدة الإرهابي- وحل حكومة الإنقاذ التي شكلتها الهيئة، في غضون 8 أيام، وإنهاء نشاط الكتائب المتطرفة في مجمل مناطق الشمال، وتسريح مقاتليها»، وبين المصدر العسكري أن «إعادة فتح الطرق الدولية الواصلة بين محافظتي حلب وحماة -M5- ومحافظتي حلب واللاذقية - M4- ضمن الشروط الروسية...».

وبادر فريق عسكري تركي- يضم ضباطا من الجيش التركي والاستخبارات- بتفقد مناطق أوتوستراد حلب اللاذقية– الشهير بـM4- تمهيدًا لافتتاح الطريق وفق الشروط الروسية، وستكون نقاط المراقبة التركية غرب مدينة سراقب مدخل محافظة إدلب من جهة حلب، معسكر الشبيبة، معمل القرميد، قرب مدينة أريحا ومحمبل...».

وبحسب قائد ميداني يقاتل مع قوات الجيش السوري، تنتظر الحكومة «انتهاء مهلة الأيام الثمانية التي حددت وفق اتفاق وقف اطلاق النار حتى تنسحب ميليشيات أردوغان من مواقعها على طريق دمشق حلب»، وأكد المصدر للوكالة: «نرصد الميليشيات وهي تقوم بالتدشين وتحصين مواقعها، ما يعني أن مهمتنا بعد أيام هي الهجوم والتقدم والسيطرة على طريق حلب دمشق».

وأعلنت روسيا عن وقف إطلاق النار في الشمال السوري، فيما تقوم الميليشيات التابعة لتركيا  باستغلال وقف العمليات العسكرية في عمليات تدشيم، وتقوية الثغور والاستنفار تحسباً لأى تطورات سلبية.

وللوقوف على ما يحدث ميدانيا في محافظة إدلب السورية، التى باتت بمثابة المعركة الأخيرة للجيش السوري، في مواجهة ميليشيات ومرتزقة تركيا وقطر وجماعة الإخوان – فضلا عن قوى دولية باتت تدرك مؤخرا أهمية سوريا الموحدة- ينبغي الوقوف على جغرافية المحافظة، التى تعتبر البوابة الشمالية لسوريا في الإطلالة على أوروبا.

وتبلغ مساحة إدلب 6100 كم2، ويحدها من الشمال لواء اسكندرون السوري - تحتله تركيا منذ عقود- وشرقا محافظة حلب، وجنوبا محافظة حماة، وغرباً محافظة اللاذقية.. ويقطن إدلب – ثامن المحافظات السورية من حيث المساحة- نحو مليون و500 ألف مواطن، والأهم، أنها تعد من أغنى المحافظات السورية على الإطلاق.

وتحتل إدلب موقعًا متميزًا على طريق الحرير، كما أنها طريق مهم للقوافل التجارية عبر معبر باب الهوى الحدودي، وتنقسم إدلب إداريًا إلى خمس مناطق: إدلب.. أريحا.. جسر الشغور.. حارم معرة النعمان، والمنطقة الأخيرة يوجد بها ضريح خامس الخلفاء الراشدين، عمر بن عبد العزيز، والشاعر أبي العلاء المعري.

وسعى النظام التركي، ممثلًا في رجب أردوغان، إلى تنفيذ مخطط احتلال المحافظة؛ للتحكم في المنفذ التجاري الأهم لسوريا مع أوروبا، وللهيمنة على موارد المحافظة، لاسيما أثارها العريقة-أصبحت تجارة رائجة للعديد من الشخصيات المقربة من أردوغان- قبل تلقى أنقرة وميليشياتها صفعة عسكرية قوية، تبدت في خسائرها الكبيرة أمام الجيش السوري.

ويضع تقدم الجيش السوري في الشمال الغربي القوات التركية في موقف حرج؛ حيث عزل الهجوم على إدلب موقعًا عسكريًّا تركيًّا في عمق الأراضي السورية، بينما يتداعى الاتفاق الذي يحد من القتال في المنطقة، ما يوجه ضربة كبيرة لأردوغان الذي تحالف مع روسيا في السنوات القليلة الماضية؛ لكنه فشل في توظيف مكانة موسكو في الحد من جهود الجيش السوري.

وقبل جهود الحسم العسكري الجارية حاليًا في الشمال السوري، حصلت الميليشيات الإرهابية المدعومة من تركيا في ريف إدلب وحماة- في يونيو الماضي- على أسلحة متطورة من أنقرة، عبارة عن صواريخ ومضادات للطائرات، وطائرات مسيرة، وراحت الميليشيات تلعب في الوقت نفسه، بورقة استهداف المدنيين؛ لمنع الجيش السوري من تطهير شمال البلاد من مرتزقة تركيا.

لكن الورطة التى يعشيها أردوغان وميليشياته، حاليًا، لا تتوافق أبدا مع تأكيدات عنجهية سابقة من القوات التركية بأن »إدلب تحت الوصاية التركية، ولن تتخلى تركيا عنها، وأن نقاط المراقبة التركية ثابتة ولن تتحرك من مكانها، ولن تنسحب أي نقطة من موقعها مهما كان حجم التصعيد، وأن كل الخيارات مطروحة ومنها الخيار العسكري»!!

واعترف المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين مؤخرا، بأن »الوضع التركي في مناطق شمال سوريا بالغ الحساسية» في إشارة إلى الفصائل المسلحة التى تدعمها أنقرة و12 موقع مراقبة عسكرية تركية تنتشر في أنحاء محافظة إدلب بموجب اتفاق 2017 مع موسكو، الذى اعتقد أردوغان أنه أطلق يده في تحديد مصير سوريا.

وينهي سقوط منطقة خان شيخون سيطرة ميليشيات تركيا على أحد أهم المواقع الاستراتيجية شمال محافظة إدلب، واعترف مسلحو أردوغان بأن دورية تركية تحركت الأربعاء الماضي من أحد المواقع العسكرية الاثني عشر، بينما تعرض رتل عسكري تركي لقصف من الجيش السوري خلال توجهه لمواقع مراقبة قرب خان شيخون.

ويلعب أردوغان – بحسب مراقبين- على كل الحبال، ما جعل موسكو تفخخ الاتفاق المفخخ الذى تم توقيعه في مدينة سوتشي -مارس 2017- وينص في أحد بنوده على نزع سلاح مناطق في الشمال السوري، وبنود أخرى ساعدت الجيش السوري لاحقا على تحرير معظم المناطق في دمشق وحماة وحمص وحلب، وأخيرا ريف إدلب من مرتزقة تركيا.

وروج أردوغان خلال السنوات الثماني الماضية- مدة الأزمة السورية- أنه قادر على تشكيل الأحداث من خلال الفصائل المسلحة- الميليشيات والمرتزقة الموالين للنظام التركي- كذا استخدام اللاجئين السوريين في بلاده كعامل مهم في ابتزاز جميع الأطراف، قبل أن يتضح لأردوغان أنه مكشوف منذ البداية على الأقل للجانب الروسي.

وأنشأت موسكو – التى تعي جيدا حقيقة تقلبات أردوغان- مناطق خفض التصعيد في سوريا، فيما حاولت تركيا أن تقدم نفسها للأوروبيين والأمريكان باعتبارها جزءًا من الحل الذى سيتم التوافق عليه في سوريا، مع تقديم تنازلات في ملفات عدة، بعيدًا عن العنجهية التي يظهرها أردوغان ومساعدوه أمام الكاميرات.

وتنص مناطق خفض التصعيد على وقف تبادل إطلاق النيران بين الجيش السوري والفصائل المسلحة الموالية لتركيا والمدعومة منها، وبموجب الاتفاق نفسه نشرت تركيا قواتها العسكرية في 12 موقع مراقبة عسكريًا بخان شيخون التابعة لمعرة النعمان في محافظة إدلب؛ لكن الاتفاق كان يتضمن في ذات الوقت استعادة القوات الحكومية السورية تلك المناطق.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa