«فورين أفيرز» ترصد تحركات إيران في سوريا.. وتحذر «بايدن»

في ظل زيادة التوتر بين طهران وواشنطن
«فورين أفيرز» ترصد تحركات إيران في سوريا.. وتحذر «بايدن»

حذرت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية من توغل نفوذ إيران في سوريا وبقائه على نطاق واسع، متسائلة عن الكيفية التي يجب أن تتعامل معها إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، مع الأمر، لاسيما وأن التوترات بين طهران وواشنطن بلغت ذروتها في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب. 

وجاء في مقال بقلم إليزابيث دينت، من معهد الشرق الأوسط، وأريان طبطبائي، الباحث في جامعة كولومبيا، أن إيران لديها أسباب كثيرة لتفادي جذب الانتباه إلى أنشطتها المتعددة في سوريا، كما خفض النظام الإيراني من أهمية دوره في الصراع المستمر هناك منذ عشر سنوات تقريبًا.

ولعل أبرز الدلائل على ذلك، حسب المقال المنشور في «فورين أفيرز» (ترجمته عاجل)، هو إعلان مسؤولين عراقيين، الأسبوع الماضي، مقتل قائد في الحرس الثوري الإيراني في ضربة جوية، في التاسع والعشرين من نوفمبر، كان قد دخل سوريا من العراق ومع شحنة من الأسلحة. 

إيران، التي أعلنت في خطابات مدوية عزمها الانتقام لمقتل العالم النووي، محسن فخري زاده، رفضت الإقرار بمقتل قائد الحرس الثوري قرب الحدود العراقية، ورفضت الإقرار حتى بوقوع هجوم.

ومع تركيز الباحثين الأمريكيين بشكل كبير على تأثير اغتيال فخري زاده على إدارة بايدن المقبلة وأمل العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، تقول المجلة الأمريكية إن انخراط طهران مع دمشق لايزال خطرًا يهدد الاستقرار الإقليمي، خصوصًا مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل بسبب سوريا، وهو ما قد يجبر إدارة بايدن على اتخاذ موقف فور تنصيبه رسميًا.

وتعتبر طهران سوريا جزء حيوي من ما تطلق عليه «محور المقاومة»، إضافة إلى كونها مسار مهم في نقل الأسلحة والإمدادات إلى «حزب الله» في لبنان.

ومع احتمالية أن لا تحمل أي حكومة جديدة بعد بشار الأسد التفضيل نفسه للنفوذ الإيراني، وربما قد تميل صوب المكون السني، والتحالف مع خصوم إيران الإقليميين، فإن طهران تعتبر وجود حكومة صديقة في دمشق نقطة حيوية لبقائها وسلطتها.

وكانت إيران أول الداعمين لنظام بشار الأسد عند اندلاع ثورة العام 2011، وقدمت الدعم لدمشق. لكن ما اعتقدت طهران أنه دعم سريع سرعان ما تطور لحرب شاملة ما اضطرها لإرسال قوات من الحرس الثوري، ثم قامت وبشكل تدريجي بتعبئة جماعاتها الموالية لها من الميليشيات. 

ومن الصعب تقدير حجم القوات الإيرانية والموالية لها الموجودة في سوريا، لكن عددًا كبيرًا منها غادر سوريا بعد أن أحكم بشار الأسد قبضته على معظم البلاد. وبقي القادة العسكريون البارزون من أجل مواصلة دعم المصالح الإيرانية والإشراف على العمليات المستمرة. 

أولوية أمريكية؟

وسبق وأوضح بايدن أن مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا ضمن أولويات إدارته، حيث تسهم إيران في زعزعة الاستقرار الإقليمي من خلال نقل الأسلحة والإمدادات إلى الميليشيات المسلحة في العراق ولبنان.

وانتقد المقال سياسة إدارة ترامب في سوريا، التي تلخصت في «إما كل شيء أو لا شيء»، وهي سياسة تسببت في توغل وتوسع النفوذ الإيراني في سوريا، كما قال إن إدارة ترامب اتبعت سياسات غير متسقة دمرت المصداقية الأمريكية وصبت لصالح طهران.

ولعكس الدفة، قالت المجلة إنه سيتعين على فريق السياسة الخارجية لبايدن العمل مع الشركاء في المنطقة وفي أوروبا، والإقرار بأن إيران بالتأكيد ستحافظ على درجة من النفوذ داخل سوريا. 

ورغم «محدودية» النفوذ الأمريكي في سوريا، حسب المقال، إلا أن واشنطن تملك القوة الجوية والوجود القوي في شمال شرق البلاد، والسيطرة على الآبار النفطية، إضافة إلى ورقة تخفيف العقوبات الدولية، التي تحتاج اليها سوريا وإيران.

ويرى المقال أن إدارة بايدن عليها تقبل أن خياراتها لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا محدودة، لكن سيكون عليها في الوقت نفسه اتخاذ بعض الخطوات الفورية، أهمها رفع أمر «التوقف والكف» الذي فرضته واشنطن على قوات «سوريا الديمقراطية»، وحث الأخيرة على الانخراط بشكل أكبر، مع قبول وساطة روسيا.

وقال المقال إن قوات سوريا الديمقراطية هي الطرف الوحيد المعارض للنفوذ الإيراني في سوريا، وطالما احتكت عناصرها بالميليشيات المدعومة من طهران. وفي حال تفاوضت «سوريا الديمقراطية» إلى جانب روسيا، فيمكنها إخراج الميليشيات الموالية لإيران من مناطق تحاول الولايات المتحدة إرساء الاستقرار بها.

كما حث المقال الإدارة الأمريكية على التعامل بشكل أكثر قربًا مع الدول العربية ودول الخليج، وبعضها قرر هذا العام، مثل عمان والإمارات، إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية. 

كذلك نصح الباحثان واشنطن بالاستفادة من الفجوة الآخذة في النمو بين طهران وموسكو، والضغط على الأخيرة للتخلص من القوات الإيرانية والتابعين لها على طول نهر الفرات. ويمكن كذلك أن تتنازل واشنطن لموسكو عن مناطق ليس ذات أهمية إلى الولايات المتحدة وتعتبرها روسيا حيوية لتحقيق هدفها وهو تمكين نظام الأسد من كافة الأراضي السورية.

تحجيم إيران

كذلك يمكن للولايات المتحدة العمل مع روسيا وتركيا لتحجيم إيران، وأفضل السبل هي مباحثات ثلاثة بشأن الخلايا الإرهابية في إدلب، مقر المعارضة الأخير ومركز بعض الخلايا التابعة لتنظيم «داعش» و«القاعدة».

لكن هذه المهمة لن تكون سهلة، مع تدهور العلاقات التركية – الأمريكية، والخلاف بين موسكو وأنقرة بشأن المجموعات التي يجب تصنيفها إرهابية، ورغبة الرئيس رجب أردوغان الواضحة في إذكاء الصراعات من شرق أوروبا إلى شمال أفريقيا.

كما يمكن لواشنطن تثبيت وضعها في شمال شرق سوريا، والعمل للتخلص من الخلايا الإرهابية المتمركزة هناك، واستعادة وضعها كلاعب حيوي في مستقبل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة السورية. 

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa