الزيد.. يا أمير الثقافة!!

الزيد.. يا أمير الثقافة!!

تسمو الشعوب بمثقفيها وترتقي الدول بموازين أعمال أدبائها.. لم نعرف شهرة اليونان العظيمة إلا بـ«سقراط» وتلميذه «أفلاطون» وتلميذهما «أرسطو»، ولم ندرك ثقافة الإغريق إلا بـ«هوميروس»، ولم تُعرف العرب إلا بشعرائها وأدبائها وعلمائها، الذين سطروا ملاحم السؤدد على وجه البسيطة.. وعندما يتكئ أحدهم على مواجعه وتتوقف به الحياة طلبًا لأبسط حقوقه في العلاج؛ فمن العيب علينا تجاهله.

استبشرنا ولا نزال خيرًا في سمو وزير الثقافة، وكنا نطمع منه بالتفاتة نحو مثقفي الوطن، الذين انطووا تحت سقف الخجل، وفي أقفاصهم الصدرية مواجع تحترق كل يوم، دون أن يلتفت نحوها أحد.

الأديب والشاعر والإعلامي عبدالله بن عبدالرحمن الزيد، كان أسدًا جسورًا في كل محفل يتغنى فيه، من أجل الوطن؛ شعرًا وأدبًا وبوحًا إعلاميًا على مدار ربع قرن، وللأسف لم تشفع له كل سنوات التضحية والعطاء لدى مقام وزارة الثقافة، وحين ألمت به المواجع، ومكث خلف جدران بيته تجاهلناه ونسينا كل عطاءاته ومواقفه.

بالأمس هالني رؤية الرجل وقد أصبح عاجزًا عن الوقوف أو حتى الحراك، يتلمس من يدثر مواجعه بأدب جم وخجل كبير، عرف به.

عبدالله الزيد الخلوق الذي لم يكتب ليشكو لأحد عن حاجته الماسة للعلاج في ألمانيا، وهو البلد الذي قرر كل الأطباء سرعة ذهابه إليها، فهل نترك عبدالله يبيع بيته وسيارته ومصاغ زوجته، ويترك عترته في العراء من أجل العلاج، وفي ظهرانينا قامة ممثلة بسمو وزير الثقافة وهو الأديب والحصيف، وقد أوكل إليه ولي أمرنا شؤون الثقافة والمثقفين.

ولعمري أن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يزعجه أن يسمع، أو يرى أحدًا من رواد الوطن على الصعيد الثقافي أو الإعلامي أو المهني، في طي النسيان.

وماذا نرجو؟، إن لم تهتم وزارة الثقافة بعلاج أحد كبار مثقفي البلد.. وكيف لنا أن نرتقي ونزهو بمثقفينا ونحن نرى بعض من يجاورنا من دول أتت بعدنا بمئات السنين تكاد تسبقنا بثورة الأدباء والمثقفين، وهي تدفع بهم كقوى ناعمة في كل محفل ليمثلوا الصورة المشرفة لأوطانهم.

إن مثل عبدالله.. كأفلاطون وسقراط وأرسطو في الثقافة والشعر والأدب، وهو ملأ السمع والبصر في الخارطة الثقافية العربية من المحيط إلى الخليج ومع كل هذا يشكو وجعًا لا يطيقه، ووضعًا لا يحتمله قلبه المفتون بحب الوطن.. وهو من احتفت به جامعات عربية ومحلية فنوقشت رسالة الماجستير لطالب بجامعة اليرموك عن شعره، وكذلك فعلت جامعة الملك عبدالعزيز.. ومن باب أولى أن يكون في قلب المسؤول الذي باح ذات يوم بعلاجه واتصل مكتبه وأفرح أدباء الوطن بهذا الموقف النبيل الذي انتشر عبر مواقع التواصل الإلكتروني، بهاشتاقات تشكر فيها الثقافة وأميرها.. وما لبث الجميع أن اكتشف أن الأمر لم يكن بالصورة التي توقعناها؛ فحين ذهب عبدالله، ليسأل ويستفسر عند «الثقافة».. صدوه وصدموه وتنكروا له بالقول والفعل.. فهل يعلم أمير الثقافة ما حكاه مكتبه؟ أم أن سموه قال.. وربما نسي.. والإنسان مجبول على صفة النسيان، لكن شيمة الأمير يعرفها قلب كل من يدرك حرصه ومساندته، آملاً منه الوقوف والمؤازرة وأمر العلاج.. وكفى!

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa