السلمي يوضح لـ«عاجل» أسباب انتشار «الهياط» في السعودية

بالرغم من أنظمة تمنع وجوده
السلمي يوضح لـ«عاجل» أسباب انتشار «الهياط» في السعودية

أوضح المختص بعلم النفس العام والسيبراني يوسف السلمي، لـ«عاجل»، اليوم الأحد، أن وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، تلعب دورًا مؤثرًا في انتشار سلوك «الهياط» وتزايده، على الرغم من وجود أنظمة تمنع وجوده.

وقال السلمي، تعليقًا على انتشار مقاطع الفيديوهات التي يمارس فيها أصحابها عددًا من أنواع الاستعراضات التي تخالف النظام الاجتماعي، وتسيء لممارسها؛ إن كل شخص يبحث عن السلوك الأكثر شذوذًا وغرابةً وخروجًا عن المألوف والقيام به، في ظل دعم اجتماعي يتمثل في القصائد والتعزيز بالثناء والمدح والرقصات وإطلاق النار ابتهاجًا به، مشيرًا إلى أن هذا الثنائي المتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي والدعم الاجتماعي، يعتبران أكبر مغذٍّ ودافع لسلوك «الهياط» الاجتماعي، وهما الأكثر حفاظًا على استمراره وتطوره.

وأضاف المختص بعلم النفس العام والسيبراني، أنه بالرجوع إلى معاجم اللغة، نجد أن معنى «الهياط» هو الضجة والشر والجلبة، وهي كلمة انتشرت مؤخرًا لوصف مظاهر من السلوك تتصف بالمبالغة والإتيان بغير المألوف والمعتاد في نظامنا الاجتماعي.

وقال السلمي إن «مجتمعنا يتميز بكثير من العادات الرائعة والجميلة التي حافظ عليها منذ عصور قديمة، لكن هنالك تصرفات أساءت لعاداتنا وتقاليدنا وأصبحت مذمةً ونقصًا واستخفافًا، مثلما قال الشاعر رزين الثلابي في قصيده معبرة ومشهورة تحاكي هذا الموضوع:

يا مصورين الضيف عند الذبيحة

أوضاعكم صارت من الزفت لا زفت

ما به مديح بلا فعولٍ مديحة

عنكم ركاب المدح من صبح قفت»

وأوضح السلمي أن الناس أصبحوا لا يفرقون بين الغاية والوسيلة؛ فالطعام والهدية وحسن الاستقبال وتهيئة المكان وسائل لغاية سامية هي إكرام الضيف، لكن عندما يكون الطعام والهدية وحسن الاستقبال وتهيئة المكان غايةً في حد ذاتها ويبالغ فيها الإنسان؛ يحدث «الهياط» ويتغير مفهوم الكرم والجود اللذين كانا غايةً في الأصل.

وتابع المختص بعلم النفس العام والسيبراني، أن نظريات التحليل النفسي تقدم لنا تفسيرًا لما يحدث من سلوك «الهياط»، وفي مقدمة هذه النظريات المفسرة لـ«الهياط» نظرية «أدلر» في التحليل النفسي، الذي أكد أن الإنسان في بحث مستمر عن الأفضلية والسيطرة، ويكون التعامل معه وفق نمط حياته وثقافته وحالته الاجتماعية والثقافية والصحية، ولا يمكن عزله عن ذلك، وأن التعامل مع الإنسان هو تعامل مع هذه العوامل مجتمعة؛ فمثلًا، الشعور بالنقص الاجتماعي، مثل رغبة الانتقال من طبقة اجتماعية إلى طبقة أخرى أعلى، أو المحافظة على مكانة اجتماعية مهددة من قبل الآخرين؛ يجعل هذا الشخص يقوم بأفعال مبالغ فيها، في محاولة منه للفت الانتباه وتمجيد الذات وتضخيم الأنا، ومخالفة الأعراف والتقاليد والتقليل من الآخرين، والقيام بالكثير من الصفات الشاذة، من أجل تعويض النقص الذي يشعر به، وهو ما يفسر سبب الهياط والتصرفات غير المألوفة والمبالغ فيها اجتماعيًّا.

وأشار السلمي  إلى أن من الأفضل التعامل مع جوانب الضعف في الإنسان وتقويتها دون محاولة لفت الانتباه والمبالغة؛ فالشخص يرفع مكانته الاجتماعية بحسن الخلق والعلم وتطوير الذات. وهذا ما يطلق عليه في علم النفس بـ«الحاجة إلى تقدير الذات من قبل الآخرين والوصول إلى درجة علمية وعملية مرموقة، وهو ما يمثل قمة الحاجات الإنسانية، وهي تحقيق الذات.

وأضاف: «الإنسان لن يصل إلى مرحلة تحقيق الذات حتى يشبع حاجات تقدير الذات من قبل الآخرين؛ فالإنسان بطبيعته يبحث عن تقدير اجتماعي ومكانة اجتماعية في مجتمعه، وهي حاجة سيكولوجية تتطلب الإشباع على الوجه الصحيح لا محاولة المبالغة وتمجيد الذات والتقليل من الآخرين»، موضحًا أن حب تمجيد الذات ولفت الانتباه في سلوك «الهياط» يتطلب انتشار السمعة والاستماع لعبارات الإعجاب من الآخرين، وهو ما يبرر أسباب ظهوره واستمراره.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa