خبراء تغذية يؤكدون: الطعام الدسم ليس مؤذيًا بالضرورة

انقسام بين الباحثين حول الدهون ومواصفات الطعام الصحي
خبراء تغذية يؤكدون: الطعام الدسم ليس مؤذيًا بالضرورة

ملعقتان كبيرتان من زيت بذور الكتان في الزبادي كل صباح، وملعقة كبيرة من الزبد في الظهيرة، وملعقتان إلى ثلاث ملاعق كبيرة على الأقل من زيت الزيتون على السَلطة، ويجب أيضًا ألا يغيب زيت الزيتون والزبد أو دهن الجوز في أي وجبة عشاء خفيفة.

هذا ما توصي به الطبيبة الألمانية الشهيرة، آنا فليك، التي تقدم برنامجًا عن التغذية السليمة في قناة « NDR» الألمانية، في كتاب جديد لها عند الحديث عن «التغذية الصحية التي تركز على الدسم».

صحي ودسم في الوقت ذاته؟.. ربما كان وقع ذلك مستغربًا، بمناسبة يوم التغذية الصحي في السابع من مارس، الذي يوافق يوم غدٍ الخميس، بالنسبة لأولئك الذين يحرصون على التغذية الصحية وعلى الرشاقة، وكانوا حتى الآن يتعاملون بشكل رشيد مع الزيت والزبد.

وفي الحقيقة، فإن من يتبع نصائح الطبيبة فليك فيما يتعلق بكميات الدهون الواجب تناولها؛ سيتجاوز- وبسرعة- القيم المعتمدة من قبل الجمعية الألمانية للتغذية؛ فيما يتعلق بالتناول اليومي للدهون والزيوت؛ حيث تعتبر هذه الدهون والزيوت النسبة الأقل من كل مجموعات السلع الغذائية في البوصلة، التي وضعتها الجمعية لمساعدة الساعين لانتهاج أسلوب غذائي صحي؛ بناء على الانتقاء السليم للأغذية.

وهناك منذ فترة، نقاش بين الخبراء المعنيين بشأن النسبة النموذجية الواجب تحقيقها بين الدهون والنشويات عند إعداد الطعام بشكل صحي، وذلك لأسباب من ضمنها الدراسة الموسعة، التي نشرت قبل نحو عام ونصف في مجلة «ذي لانسيت»، التي أكد أصحابها أن التغذية الغنية بالدسم يمكن أن تكون ذات مميزات صحية، وهو ما يمكن أن يراه البعض سببًا كافيًا للتشكيك في التوصيات المعروفة حاليًا؛ بشأن الأسلوب الأمثل للتغذية، وإعادة الاعتبار لسمعة الزبد وملحقاته.

غير أن خبراء بالجمعية الألمانية للتغذية، رأوا أن دلالة هذه الدراسة محدودة؛ بسبب ما وجدوه قصورًا إجرائيًا في إعدادها.

ولكن الطبيبة فليك تحمست الآن في كتابها بعنوان «إلى الدسم»، الذي يضم أكثر من 400 صفحة، للدهون الصحية، محذرة في الوقت ذاته من أن المقرمشات المقلية في الزيوت ليست من بين هذه الدهون، بل إنها ترى فوارق هائلة بين الزيوت النباتية نفسها.

ولكن وعلى أية حال، فإن الطبيبة فليك ترى أن «عقيدة الغذاء قليل الدسم» لا تقف على أرض صلبة بما يكفي.

ومن المعروف أن خفض الدهون لم يُعرّف على أنه يمكن أن يكون المخلّص والمنقذ من البدانة بمفرده، فرغم أن نسبة الدسم في غذاء الأمريكيين قد انخفضت في معدلها منذ السبعينيات من 42% إلى 34%، إلا أنه لا تزال البدانة والسكر منتشرين بينهم، حسب خبراء أمريكيين في التغذية السليمة في دراستهم، التي نشروا نتائجها مؤخرًا في مجلة «ساينس» للأبحاث العلمية.

ويرى الخبراء أن عوامل أخرى، مثل نسبة الدسم في الغذاء والسلوك الغذائي وأسلوب الحياة، تغيرت منذ ذلك الحين.

وأشار ديفيد لودفيج من مستشفى بوسطن الأمريكية للأطفال وزملاؤه في هذه الدراسة، التي حملت عنوان: «الدسم الغذائي.. من عدو لصديق؟»، أشاروا إلى إشكالية الكثير من الدراسات في تخصصهم، ألا وهي: أن هذه الدراسات تكون في كثير من الأحيان قصيرة أو صغيرة، بشكل لا يجعلها ذات دلالة يمكن الاعتماد عليها.

حيث إن ما يُعرف بدراسات الملاحظة على سبيل المثال، تعتريها مشكلة أنه لا يمكن الاعتماد عليها في الحصول على استنتاجات من قبيل «هذا الغذاء يؤدي للرشاقة».

ولا يستطيع الباحثون، من خلال الاعتماد على محاضر عن التغذية والتطور الصحي للمتطوعين، سوى التعرف- ربما- على التأثيرات المتبادلة التي تحدث بالصدفة، ولكنهم لا يستطيعون التعرف على العلاقة السببية، السبب والتأثير.

ورغم ذلك، فإن الباحثين يستنتجون أحيانًا توصيات من مثل هذه الدراسات.

من يبحث عن مثل هذه النصائح العامة، هو الذي سيرى في الخلاصة التي توصّل إليها أصحاب الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ساينس» إعلان إفلاس؛ حيث تشير الأدلة الحديثة إلى أنه «ليست هناك علاقة مُثلى بين النشويات والدهون تصلح في التغذية بالنسبة للعوام»، حسبما يؤكد الباحثون.

كما أن جميع نظم الحمية الغذائية ومصادر السعرات الحرارية، ليس لها نفس التأثيرات على عملية الأيض، أي تحويل الغذاء إلى طاقة لدى جميع البشر.

وشدد أصحاب الدراسة، على أنه من الضروري لمعرفة تأثير المواد الغذائية على الصحة، معرفة أكثر من مجرد إلقاء نظرة على العلاقة بين كميات النشويات والبروتين والدهون.

وأشار الباحثون في هذا السياق إلى عوامل أخرى، مثل جودة الأطعمة وتركيبتها وجيناتها.

وتقول زيلكه ريستمِيار، إخصائية في الجمعية الألمانية للتغذية،: «الأهم من النقاش عن النسب الصحيحة للدهون والنشويات، هو الجوانب المتعلقة بالحصول على قدر مرتفع من الطاقة بشكل عام، وجودة الدهون والنشويات».

وأشارت ريستماير إلى أن ما يتناوله الناس في كثير من الأحيان، هو مواد غذائية تحتوي على نسبة قليلة جدًا من الألياف، مثل الحبوب الكاملة، والبقوليات، والخضروات والفاكهة، ولكننا نتناول كميات مبالغًا فيها من النشويات البسيطة على شكل سكريات مضافة (على سبيل المثال) في زبادي الفاكهة أو المشروبات المنعشة، وعلى شكل نشا مكررة (مثل تلك الموجودة في الخبز الأبيض وفي رقائق البطاطس والكعك).

أما ماتياس شولتسه، من المعهد الألماني لأبحاث التغذية في مدينة بوتسدام، فيرى أنه قد تبيَّن أن انتهاج أسلوب غذائي يراعي بشكل مبالغ فيه أن تكون التغذية غنية بالنشويات أو فقيرة بها، غير مناسب فيما يتعلق بمعدلات الوفاة.

وحسبما تؤكد ريستميار، فإنه لا بد من تجنب الدهون المخبأة في المنتجات الغذائية، مثل النقانق والحلويات والمنتجات الجاهزة والوجبات السريعة، مشيرة إلى أن الزيوت النباتية التي يوصي بها الخبراء، تحتوي على أحماض دهنية ضرورية للحياة وعلى «فيتامين E»، ولكنها مثل جميع الدهون تحتوي أيضًا على قدر مرتفع من السعرات الحرارية.

وتختم ريستميار: «من يتغذى بشكل متوازن إجمالًا ويتحرك كثيرًا، لن يكون بحاجة للقلق بشأن القدر الذي يتناوله يوميًا من السعرات الحرارية».

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa