نجم أفَلَ في سماء الإعلام

نجم أفَلَ في سماء الإعلام

حكمُ المنيَّة في البريَّة جارِ

ما هذه الدنيا بدار قرارِ

بينا يُرى الانسانُ فيها مخبرًا

حتى يُرى خبرًا من الأخبار

فالعيشُ نوم والمنيّة يقظة

والمرءُ بينهما خيالٌ سار

يا كوكبًا ما كان أقصرَ عمره

وكذا تكون كواكبُ الأسحار

إذا أردت أن تضمّ كومة ضخمة من الاتجاهات الإيجابية إلى جوار واحة خضراء من التفاؤل مع حديقة غنّاء من المحبة وموسوعة كبرى من المعلومات في شتى آفاق العلوم والمعارف -إن أردت أن تضم كل ذلك- في إطار لوحة خلّابة تسرّ الناظرين وتبهج قلوب الحيارى والمحبَطين.

فلن تجد لتلك اللوحة عنوانًا يليق بها أجمل من (نجيب الزامل).

ذلك الرجل الذي رسمت صورُهُ في وسائط التواصل الاجتماعي ملامح شخصيته الفريدة.. حيث تلمَح ابتسامة صافية تخفي خلفها جسدًا منهكًا.. وتواضعًا جمًّا يتجلّى في عناقه ومصافحته لقلوب من مختلف الأعمار وشتى الطبقات.

لقد كان نجيب الزامل عمودًا شاهقًا من أعمدة الإعلام النزيه.. وقامة سامقة تطامنت لها القامات الإعلامية التربوية والاجتماعية.

وقد نقش بجهوده الإعلامية المباركة اسمه كرمز من رموز الفكر الإيجابي.. وعكس على مرآة الصحافة بقلمه السيّال صورة نقية بريئة للكاتب النبيل المحب لمجتمعه المبادر لخدمته بكل ما يملك من أدوات.

الصادق في رغبته في التغيير الإيجابي لشباب وطنه ذكورًا وإناثًا.. فكان لتغريداته أعظم الأثر في تحقيق تلك الأهداف.. حتى إنك تشعر مع (فجرياته) وكأنما غذّاها بروح الصدق، فانسكب الحب بين أسطرها وتجلّت البساطة في أفكارها، فلاقت في أوساط الشباب رواجًا يكاد يكون منقطع النظير.

وإن شئت أن تتحدث عن أيقونةٍ بارزة للتطوع والخدمات التطوعية المجتمعية، فحتمًا ستقودك شهادات الشهود والأرقام والإحصاءات والمعرفات نحو اسمه رحمه الله.. فقد لقبه البعض بـ(عرّاب التطوع).

من الصعب جدًّا أن يتحدث شخص مثلي عن ذلك الرمز البديع وأجدني محرجة عند كتابة هذه الأسطر في التعبير عن مكانته الاجتماعية المرموقة التي حظي بها في المجتمع السعودي على اختلاف أطيافه وتوجهاته الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.. حتى إن البعض دعا لأن يفتح العزاء في كل البيوت.

لكنما هو الوفاء والتقدير لتلك الأقلام الصالحة البنّاءة التي سعت جهدها لخدمة وطنها ودينها ومجتمعها ولم تعطِ سوى الحب فوجدت الحب وقد كان (يا حبي لكم) معرف الإعلامي الكاتب وعضو مجلس الشورى السابق على (تويتر) أصدق دلالة على حبه للناس واتخاذه ذلك شعارًا له في الحياة حتى فارقها غفر الله له.

فكان محبوبًا محبًّا قريبًا من الجميع ذا قلب مخموم -كما نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدًا- شهد له الجميع بسلامة صدره ونقاء سريرته التي ظهرت على محيّاه البشوش وثغره الباسم.. وصوره الناطقة بذلك.. وبالرغم من موسوعيته الثقافية ونبوغ فكره وتميزه الأدبي وبلاغته اللغوية، فقد تمتع بسلاسة أسلوبه وبساطة طرحه، ما أضفى بريقًا على قلمه فاقتحم القلوب بلا مقدمات واستحوذ على عقول فئة الشباب قاطبة، فكان ذا حراك جماهيري كبير بينهم آتى ثماره عبر البرامج التطوعية المتنوعة بين الغض والفتيّ.. وعلى مستويات متعددة.. وبرحيله فقد ثلِم في جدار الإعلام المحلي والإقليمي السعودي ثلمة لا تسد وبفقده خسرت قيادات التطوع خسارة لا تعوض.

رحم الله نجيبًا ذا القلب الفسيح الذي اتسع للجميع.. وأخلف أهله وذويه ومحبيه والإعلام خيرًا.

فاطمة بنت مستور

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa