«الأسواق الناشئة».. فرصة جديدة للنمو بعيدًا عن التقلبات العالمية

تشهد ارتفاع معدلات الاستثمار
«الأسواق الناشئة».. فرصة جديدة للنمو بعيدًا عن التقلبات العالمية

تتيح الأسواق الجديدة فرصًا واعدة للتجارة، بعيدًا عن تلك التقليدية المعتادة لدى الاقتصادات الدولية الفاعلة، التي باتت تعاني ضعف النمو الاستهلاكي والاستثماري؛ حيث لم تعد الأسواق الأسرع نموًا قبلة الاستثمار الأولى.

وأصبح المستثمرون يبحثون عن تلك الأسواق التي تشهد نموًا مستقرًا إلى جانب ظروف تجارية ملائمة وسلوك دفع قوي وفرص نمو عبر عدة قطاعات، مع توافر سياسات داعمة هدفها زيادة الاستثمار.

ورغم تزايد احتمالات المخاطر أمام الاقتصاد العالمي، لا تزال عدة مناطق مضيئة لفرص النمو بالأسواق الناشئة، وتتألق العام الحالي كل من بلغاريا وإندونيسيا وفيتنام وبيرو والمغرب؛ حيث تتمتع تلك البلدان بزيادة تنويع التجارة، ونمو الاستثمار القوي، وأسواق محلية ديناميكية دافعة للفرص لا سيما بقطاعات التجارة الموجهة نحو المستهلك، وكذلك التصنيع والبنية التحتية.

عودة مُجددة للنمو

وتشهد الأسواق الناشئة عودة مُجددة للنمو منذ بداية العام الحالي؛ حيث ارتفعت أكبر صناديق الاستثمار المتداولة بالأسواق الناشئة، مثل صناديق VANGard FTSE البالغ استثمارها بالأسواق الناشئة نحو 63 مليار دولار، وارتفع مؤشر ETF للأسواق الناشئة بقيمة 59 مليار دولار، من 9 إلى 11٪ حتى الآن في عام 2019.

كذلك قفز صندوق Xtrackers Harvest CSI 300 China A-Shares ETF (ASHR) الذي بلغت قيمته ملياري دولار، بنسبة 27٪ منذ بداية العام الجاري.

ويقول جيفري دينيس، محلل الأسواق الناشئة: «أتوقع ارتفاعًا قويًّا تشهده الأسواق الناشئة خلال العام الجاري، في ظل اضطرابات تشهدها الدول المُتقدم»

انتعاش الأسواق

وارتفعت عملات وأسواق الأسواق الناشئة، بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي، ما مثل دفعة معنوية للمستثمرين بعد ورود تقارير مفادها «أن بكين وواشنطن أحرزتا مزيدًا من التقدم في محادثاتهما التجارية»؛ حيث سجل مؤشر MSCI لأسهم الأسواق الناشئة أفضل مستوياته منذ أغسطس 2018، مع تقدم الأسهم الصينية مدفوعة بتفاؤل تطرحه المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتجديد الالتزام بتعزيز النمو.

وارتفع مؤشر أسهم KOSPI في كوريا الجنوبية بنسبة 1.2%، لكنه تخلى عن بعض المكاسب بعد تقارير تفيد بأن كوريا الشمالية تدرس تعليق المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، كما ارتفعت الأسهم في جوهانسبرج بنسبة 0.5% بقيادة أنجلولد أشانتي بعد بيانات أظهرت قوة كبيرة بإنتاج قطاع التعدين في يناير الماضي؛ بسبب ارتفاع إنتاج الذهب.

وارتفعت معظم عملات العالم النامي مع ضعف الدولار، وارتفاع راند جنوب إفريقيا، وثبوت الروبل الروسي، بينما كانت الليرة التركية الخاسر الوحيد بعد بيانات خلصت إلى تسجيل البطالة أعلى مستوياتها في تسع سنوات في وقت كانت فيه البلاد على شفا ركود.

توقعات متفائلة

وتُشير بيانات إلى أن أسهم الأسواق الناشئة تستعد لمزيد من الارتفاع خلال العام الجاري، مع توقعات بأن يُحقق مؤشر MSCI للأسواق الناشئة ارتفاعًا إلى 8% خلال العام الجاري، وفقًا لبنك مورجان ستانلي.

وقال بنك الاستثمار في تقرير له، إن مؤشر MSCI للأسواق الناشئة من المرجح أن يكون مدفوعًا بحوافز إضافية من بكين مع الارتفاع بالأسهم الصينية، التي تشكل 32.12٪ من المؤشر.

وقال مورجان ستانلي، إن المستثمرين الراغبين في اللحاق بمسيرة الارتفاع عليهم متابعة الصين والهند وإندونيسيا وسنغافورة والبرازيل، متابعًا: «من بين دوافع توقعات الأسواق الناشئة؛ أرباح الشركات الأفضل من المتوقع بالمنطقة»؛ وفقًا لقناة CNBC.

نقاط مُضيئة

وتبرز بلغاريا في أوروبا الشرقية كنقطة مُضيئة للنمو؛ فالمتوقع تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.5٪ من 3.3٪ ، مدفوعًا بالطلب المحلي والاستثمار الثابت، ولدى بلغاريا ربط عملات مستدام لليورو؛ ما يدعم استقرار الاقتصاد الكلي ويقلل مخاطر العملة.

ولا تزال آفاق آسيا الناشئة قوية رغم تباطؤ تدريجي مستمر بالصين، وتبرز فيتنام وإندونيسيا بتوقعات نمو مُرتفعة بنسب 6.7٪ و 5.1٪ على التوالي في عام 2019؛ حيث تعد فيتنام أكثر الاقتصادات الموجهة للتصدير في آسيا، ويستفيد اقتصادها من نمو أجور مرتفع يدعم الاستهلاك الخاص وسياسات التحرير الحكومية المحفزة لزيادة الاستثمار بأعمال تجارية.

وقدرة فيتنام على تنويع التجارة بعيدًا عن الصين يمكنها توفير فرصًا لقطاع المنسوجات الكبير لديها، بنمو متوقع بنسبة 15٪، بدعم إضافي من اتفاق التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وفيتنام.

أما إندونيسيا فتتسم بمعدلات نمو مرتفعة ومستقرة؛ يدعمها وضع سياسي مستقر وأساسيات قوية، وارتفاع الدخل، إلى جانب نمو الوظائف وارتفاع الإنفاق العام قبل الانتخابات الرئاسية والعامة في أبريل المقبل.

ورغم التوترات بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يُخالف المغرب هذا الاتجاه بتسارع متوقع لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.3٪ العام الحالي، من 2.8 ٪ في عام 2018؛ حيث تتحسن التوقعات الاقتصادية بتحسن الإنتاج الزراعي، ونمو بقطاع الصناعات التحويلية يدعمه زيادة الإنفاق الحكومي على الاستثمار.

والمتوقع أن تشهد أمريكا اللاتينية أيضًا زيادة في النشاط الاقتصادي، ولكن التقلبات السياسية المستمرة وتباطؤ بعض الأسواق الفردية تزيد حالة عدم اليقين. ومع ذلك، تعد بيرو سوقًا مستقرة بمعدل نمو إقليمي يبلغ حوالي 4٪.

عوامل قوة

واتجهت معظم الأسواق الناشئة إلى تحسينات كبيرة بالإدارة الاقتصادية والمالية منذ موجة ازمات تعرضت لها في التسعينيات، وبعدها انتقلت معظم الدول التي استسلمت لذلك من أسعار صرف مرتبطة إلى أسعار صرف عائمة إلى حد كبير واعتمدت سياسات نقدية أفضل.

ولدى معظم الأسواق الناشئة الآن أيضًا أنظمة مصرفية أكثر مرونة، نتيجة للتحول بعيدًا عن تمويل مصرفي محفوف بالمخاطر على المدى القصير لصالح التمويل طويل الأجل من أسواق السندات.

وربما يكون التغيير الأوضح منذ أزمات التسعينيات هو الطريقة التي تمول بها بلدان الأسواق الناشئة ديونها؛ حيث تقترض الحكومات الآن بعملاتها أكثر مما تقترضه من العملات الأجنبية؛ ما يجعلها أقل عرضة لأزمات العملة.

ومنذ أزمة التسعينيات، انخفضت حصة الدين الحكومي للأسواق الناشئة الصادرة بالعملات الأجنبية انخفاضًا ملحوظًا، ونمت رغبة المستثمرين الأجانب في امتلاك الديون الحكومية المقومة بالعملة المحلية.

وفي بعض البلدان، مثل بيرو وجنوب إفريقيا وإندونيسيا، يمتلك المستثمرون الأجانب 40% من الدين الحكومي بالعملة المحلية، كما اكتسبت الحكومات سيطرة أكبر على مواردها المالية بتطوير أسواق السندات المحلية، وتحولت اقتصاداتها بعيدًا عن الاعتماد على أنواع القروض قصيرة الأجل بعملات أجنبية طالما تركتها عرضة للتأثر بالأزمات العالمية في التسعينيات.

نقاط الضعف

وتتمثل نقاط ضعف الأسواق الناشئة في دول مثل الصين، التي تشهد تباطؤًا من معدلات النمو المفرط البالغة 13٪ سنويًّا إلى معدلات مُستقرة تبلغ حوالي 5٪. والمتوقع استمرار التباطؤ؛ ليصل إلى معدل نمو ثابت.

ولا تزال حالة عدم اليقين مسيطرة، فالمخاطر السلبية المرتبطة بالتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يُمكن أن تؤدي إلى مزيد من تباطؤ اقتصاد الأخيرة؛ ما يسبب متاعب للأسواق الناشئة.

وخلال صيف 2018، شهدت تركيا والأرجنتين انخفاضًا كبيرًا بعملاتهما؛ حيث واجهت اقتصاداتهما مشاكل اقتصادية مُتعددة، وكان على الأخيرة اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لاقتراض 57 مليار دولار.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa