تقارير موثوقة: الاقتصاد التركي يدخل «دوامة الركود».. ولن يخرج منها قريبًا

الديون الخارجية كانت وراء «المعجزة»
تقارير موثوقة: الاقتصاد التركي يدخل «دوامة الركود».. ولن يخرج منها قريبًا

أظهرت عدة مؤشرات اقتصادية، أن الاقتصاد التركي دخول دوامة من الركود، من الصعب الخروج منها في المستقبل القريب، بينما أكدت مؤسسات مالية موثوقة أن المعجزة الاقتصادية التي تحققت من قبل كانت مدفوعة بالديون الخارجية، والمقدر بنحو 250 مليار دولار، بما يوازي ثلث الاقتصاد التركي.

وقد دخل الاقتصاد التركي مرحلة الركود الفعلي في الربع الأخير من العام 2018، وسط معاناة أنقرة من تضخم مرتفع، وزيادة في معدلات البطالة، إلى جانب ارتفاع حالات الإفلاس، وفقًا للأرقام الصادرة عن معهد الإحصاء الوطني «TurkStat» في مارس الجاري.

وبالنظر إلى المسار الهبوطي الذي يسير عليه الاقتصاد التركي منذ منتصف 2018، سنجد أن الدخول في حالة الركود ليس بشيء مفاجئ، ولكن السؤال الأهم، إلى متى سيستمر الانكماش، وانعكاسات ذلك على القطاعات الاقتصادية المُختلفة في تركيا؟ مع الأخذ في الاعتبار أن تركيا لا تزال عُرضة بشكل خطير لأزمة ميزان المدفوعات، بسبب ديونها الخارجية الضخمة وتراجع احتياطياتها مع العملات الأجنبية. 

تراجع النمو
بحسب معهد الإحصاء الوطني «TurkStat»، فإن الناتج المحلي الإجمالي تراجع خلال الربع الرابع من العام 2018 بنحو 3٪ على أساس سنوي، و2.4 ٪، على المقياس الفصلي المعدل موسميًّا، ويأتي هذا استكمالًا لنسبة التراجع التي حققها الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من العام ذاته، والتي وصلت إلى 1.6٪.

ويعني تراجع الناتج المحلي التركي لموسمين متاليين، أن البلاد دخلت في مرحلة ركود تقني، خاصة أن تراجع معدلات النموّ، وانخفاض الليرة مقابل الدولار، يعني أن إجمال الناتج المحلي لتركيا انخفض خلال العام 2018 إلى 784 مليار دولار من 851 مليار دولار في عام 2017، وفقًا لبيانات المعهد.

أسباب الانكماش
في ذات الإطار، قالت صحيفة فاينانشال تايمز، إن تركيا دخلت مرحلة الركود في نهاية عام 2018؛ حيث أدّى الانهيار في الليرة والارتفاع الحاد في أسعار الفائدة إلى توقف النموّ الاقتصادي. ويرتفع لتضخم في تركيا بأسرع وتيرة منذ تولي الرئيس رجب طيب أردوغان السلطة قبل 15 عامًا، بينما تُفسد أسعار الفائدة المرتفعة توقعات الاستثمار.

من ناحيتها، قالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني: من المرجّح أن يؤثر معدل التضخّم المرتفع سلبًا على تكاليف الاقتراض (سعر الفائدة)، وعلى القوة الشرائية للمواطنين، والاستثمار بشكل عامّ، متوقعة أن يظل نموّ الأسعار في تركيا، الذي ارتفع إلى 25.2٪ في أكتوبر الماضي، في خانة رقمين حتى عام 2020، تأثرًا بتوقعات التضخّم غير المنضبط، مدفوعًا بضغط سعر الصرف وزيادة أسعار النفط.

وقد سجل مؤشر «مديري المشتريات لثقة الأعمال» ما نسبته 44.2 في يناير و46.4 في فبراير الماضي، وتلك المستويات التي تقل عن 50 تعتبر علامة على ركود اقتصادي، كذلك تُظهر الأرقام الرسمية تراجعًا في القروض المُقدمة من القطاع غير المالي، بنسبة 8.6 ٪، وذلك خلال الفترة بين 3 أغسطس والأول من مارس الماضي. ويُشير ذلك الانخفاض إلى أن رجال الأعمال إما ليس لديهم إمكانية الوصول إلى الائتمان أو أنهم يُفضلون عدم الاستثمار في تركيا.

وتؤكد كل هذه المؤشرات، أن المعجزة الاقتصادية التي كانت قائمة قبل انهيار النموّ بتركيا كانت مدفوعة بالديون، وكلها تقريبًا ديون أجنبية تتحملها البنوك والشركات الكبرى، إضافةً إلى حقيقة أن الشركات التركية ستثقل بالحاجة إلى دفع جزء كبير من ديونها البالغة 250 مليار دولار، أي ما يعادل ثلث الاقتصاد. 

تشديد السياسة النقدية
قال البنك المركزي التركي، إنه سُيبقي السياسة النقدية متشددة طالما استمرت المخاطر الناتجة عن زيادة التضخم، مؤكدًا أنه سيقوم بمزيد من التضييق النقدي في حال تعرض استقرار الأسعار للتهديد.

وأضاف المركزي، أن المستويات المرتفعة من التضخم والشكوك في مجريات عوامل التكلفة وسلوك التسعير ما زالت تشكل مخاطرًا على توقعات التضخم في الفترة المقبلة. لذلك سيتم الحفاظ على السياسة النقدية المشددة حتى تُظهر توقعات التضخم تحسنا كبيرًا.

وقد تعرضت سمعة البنك المركزي التركي لهزة قوية العام الماضي، إثر تدخل الرئيس رجب طيب أردوغان في السياسة النقدية، بدعوى أن ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى ارتفاع التضخم.

توقعات النمو
تُشير أحدث البيانات إلى أن النموّ سيكون سلبيًّا في الربع الحالي أيضًا، ووفي حال تحقق ذلك، ستدخل تركيا في حالة ركود، خلافًا لما تروج له الحكومة بأن الاقتصاد قد يُحقق نوعًا من الانتعاش خلال العام الجاري.

وتعتقد شركة أبحاث «كابيتال إيكونوميكس»، ومقرّها لندن، أن تركيا ستشهد انخفاضًا بنسبة 2.5٪ في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري. كذلك أظهر استطلاع لخبراء اقتصاديين- أجرته وكالة «بلومبرج»، أن الاقتصاد التركي مستمر في التقلص في النصف الأول من العام الجاري، يليه نمو فاتر خلال الأرباع الأربعة المُقبلة.

وتأتي تلك التوقعات المتشائمة، في ضوء أسبوع شجب فيه المواطنين من التكلفة المرتفعة للخضراوات، بينما خرج أردوغان ليلقي باللوم على المضاربين الذين شبههم بـ«الإرهابيين».
 

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa