بـ460 قطعة.. معرض «روائع آثار السعودية» يصل إلى روما

خلال محطته الـ17..
بـ460 قطعة.. معرض «روائع آثار السعودية» يصل إلى روما

رغم تركيزه على الحضارات التاريخية التي شهدتها الجزيرة العربية منذ الحصر الحجري وحتى عصر الحضارة الإسلامية، فإن معرض «طرق التجارة في شبه الجزيرة العربية.. روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، المقام حاليًا في المتحف الوطني الروماني بالعاصمة الإيطالية روما في محطته الـ17، قد اهتمّ بإبراز تراث الدولة السعودية في مراحلها الثلاث قبل 3 قرون إلى تأسيس المملكة الحديثة.

ويضمّ المعرض أكثر من 460 قطعة أثرية نادرة يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من مليون سنة قبل الميلاد، وإلى مختلف الحضارات التي شهدتها الجزيرة العربية على مرّ العصور، وهي قِطع أصلية تم جمعها من مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، ومعظمها تم العثور عليه من خلال بعثات تنقيب وطنية ودولية يقودها علماء آثار سعوديون، ويرجع تاريخ هذه المعروضات إلى حِقب زمنية مختلفة، تبدأ من العصر الحجري القديم «مليون سنة قبل الميلاد»، مرورًا بفترة العُبَيْد «الألف الخامس قبل الميلاد»، ثم فترة دلمون، ثم فترة الممالك العربية المبكرة، ثم الممالك العربية الوسيطة والمتأخّرة، ثم فترة العهد النبويّ، ثم فترة الدولة الأموية والعباسية والعصر الإسلاميّ الوسيط والمتأخّر، حتى عصر النهضة السعودي، الذي بدأ قبل ثلاثة قرون مضت، وصولًا إلى فترة توحيد المملكة العربية السعودية، وما تلاها من تطور وازدهار يتّضح في مختلف مجالات الحياة، وقد تم تصنيف محتويات المعرض إلى ثلاثة أقسام وفقًا لتسلسلها التاريخي.

ومنذ انطلاق المعرض عام 2010م حاطًّا رحاله بمتحف اللوفر في باريس وطائفًا بأشهر المتاحف العالمية، استقبل أكثر من 5 ملايين زائر، ليشهدوا ثراء وتنوّع التراث السعوديّ وتميزه الثقافيّ والاقتصاديّ بما يعكس أصالته.

وشملت القطع المتعلّقة بالتراث السعوديّ مناحي مختلفة من الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغيرها فمن خلال 42 قطعة تراثية؛ بعضها من مقتنيات المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، إضافة إلى عدد من قطع التراث الشعبي التي تمثّل الفترة الممتدة من الدولة السعودية الأولى إلى مرحلة توحيد المملكة قدّمت دليلًا ملموسًا على الأطوار التاريخية التي شهدتها المملكة، ومدى اتصالها بحكم موقعها الاستراتيجي بالحضارات والدول الأخرى ودورها المؤثر فيها.

ومن مقتنيات الملك عبدالعزيز، تضمّن المعرض عددًا من القطع التي شاركت بها دارة الملك عبدالعزيز، وتعود لأوائل القرن العشرين الميلادي، ومنها: علَم للمملكة العربية السعودية، ومشلح، ومصحف مُهدى للملك عبدالعزيز، بالإضافة إلى أدوات الصيد بالصقور الخاصة بالملك وتشمل قفاز يد، وغطاء رأس الصقر، ووكرًا لصقر الصيد.

كما قدّم المعرض عددًا من القطع التراثية السعودية تعود للقرن التاسع عشر، ومنها: مبخرة، وبنادق، وعملات سعودية قديمة، ودرفة نافذة تراثية من المجمعة، وخناجر تقليدية للاحتفالات، وحليًّا وقلائد، ووعاء كحل مزخرف، وخلخالًا من الفضة، وحامل بارود، ومبردة حبوب البن، ومِدّقة من الحجر الأملس، وحامل قلم، ومحبرة، وقلمًا خشبيًّا، وقالبًا للصبّ، ومِصهَر رصاص، وحزامًا تقليديًّا، وكرة مدفع، ونجرًا من الحجر المزخرف، ودلة قهوة عربية...، وغيرها.

ويهدف «طرق التجارة في شبه الجزيرة العربية.. روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، إلى تعريف شعوب العالم بحضارتها التي تمتدّ لآلاف السنين، وتؤكد المشاركة الفعَّالة لإنسان الجزيرة العربية في بناء الحضارات البشرية على مر العصور، في إبراز البُعد الحضاري للمملكة الذي لا يقل أهميةً عن أبعادها الثلاثة التي يعرفها العالم، وهي: «البعد الاقتصادي، والبعد الديني، والبعد السياسي»، للتأكيد على أن المملكة ليست طارئة على التاريخ، بل كانت امتداد وملتقىً لحضارات إنسانية شهدتها جزيرة العرب تُوِّجت بحضارة الإسلام العظيمة.

وصُمم المعرض ليكون سفيرًا متجوّلًا يمثّل المملكة ويحمل حضارتها إلى شعوب العالم، من خلال القطع الأثرية النادرة المعروضة للمرة الأولى نوعًا وكمًّا، والتركيز على إبراز الأثر الحضاري للطرق التجارية القديمة التي اجتازت شبه الجزيرة العربية في سياق التبادل الاقتصادي والحضاري بين الثقافات الإنسانية المختلفة، التي شكّلت الجزيرة العربية حاضنةً لها عبر العصور حتى ظهور الدين الإسلامي.

كما تُبرز المعروضات أن الدين الإسلامي لم ينطلق من أرضٍ خاوية من الحضارات، بل إنه جاء ليبني الحضارة الإسلامية تأسيسًا على ما سبقها والقائمة حينها وكيف احترمها واستوعبها وعمل على تطويرها من ذلك التاريخ القديم، وصولًا إلى قيام الدولة السعودية منذ ما يقارب 300 عام.

ويركز المعرض –أيضًا- على دور الطرق القديمة وحيويتها آنذاك في تعزيز التبادل التجاري والثقافي بين الحضارات القديمة ومواقع الواحات والمدن التي تلتقي فيها القوافل التجارية مثل: «تيماء، العلا، الفاو»، وهي بعض المواقع التي تجري فيها حاليًا أعمال التنقيب عن الآثار يباشرها متخصصون سعوديون بمشاركة بعثات دولية.

القطع الأثرية التي يحتويها المعرض تحكي التحوّل الأكبر في تاريخ شبه الجزيرة العربية بدأ مع ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي وانتشاره في مناطق جغرافية واسعة النطاق، فضلًا عنما شكلته طرق الحج التاريخية من مصر والشام والعراق واليمن من دور في التواصل والتبادل المعرفيّ والماديّ، ومن أشهرها درب زبيدة وآثاره التاريخية الماثلة، وهو ما يوضح انفتاح شبه الجزيرة العربية على العالم منذ القدم، ويؤكد أن نهضة المملكة العربية السعودية وانفتاحها وتواصلها مع الحضارات والثقافات العالمية في العصر الحديث هو امتداد طبيعي للإرث التاريخي.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa