خبير غربي يوضح سبب الثورة السودانية و دور «الكيزان» في سقوط البشير

قال إن النظام دفع ثمن تردده وانقسام أجهزته
خبير غربي يوضح سبب الثورة السودانية و دور «الكيزان» في سقوط البشير

حمَّل خبير غربي بشؤون السودان، جماعة الإخوان المسلمين جانبًا من المسؤولية عن سقوط حكم الرئيس عمر البشير، معتبرًا أن توجيه الجماهير التي انتفضت ضد الأخير، طوال الشهور الأربع الماضية، هتافات عدائية ضد الإسلاميين الذين أطلق عليهم «الكيزان»؛ كان «دليلًا قاطعًا على تلك الحقيقة».

وقال الأيرلندي إدوارد توماس، الذي عمل في السودان  خبيرًا حقوقيًّا مستقلًّا، بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؛ إن الإسلاميين الذين تحالفوا مع البشير شكلوا طبقة اقتصادية تسببت في إضعاف حكمه، بعدما شاع عن أعضائها سعيهم الدائم إلى جني الأرباح، دون النظر إلى الأضرار التي تلحق بالمواطنين.

وذكر توماس -وهو باحث في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن، ومتخصص بالشؤون السودانية- أن  مصطلح «الكيزان» الذي أطلقه السودانيون على حلفاء البشير من الإسلاميين، «لم يأت من فراغ».

وأضاف موضحًا: «كان المتظاهرون يهتفون ضد الإسلاميين الذين يُطلق عليهم بالعامية السودانية نعت (الكيزان) أي المجارف، إشارةً إلى  أنهم أصحاب شهية لا تشبع».

وقبل تكليفه من قبل الأمم المتحدة، عمل توماس مُعلمًا في الفترة بين 1986-1989 بعدد من المدن السودانية، ثم  أنجز في عام 1990 رسالته لنيل درجة الدكتوراه في جامعة أدنبره، وكانت عن «الإسلام والإصلاح القانوني في السودان».

وفي تحليله للتطورات الأخيرة في السودان، قال  توماس في حوار مطول نشره مركز «كارينجي» على موقعه الالكتروني  اليوم الاثنين إن «تدحرج رأس البشير من الحكم  بدأ حين قوَّضت الأزمة المالية قدرة السودان على تمويل واردات القمح؛ ما دفع الناس إلى النزول إلى الشوارع في ديسمبر الماضي. وقد تفاقمت الأزمة بفعل نصيحة من المؤسسات المالية الدولية التي دعت إلى وضع حد لسياسة دعم الخبز والوقود».

وأضاف: «كان هذا الدعم يشكّل جزءًا من العقد الاجتماعي المُتداعي الذي أبرمته الحكومة مع قواعدها الشعبية الأساسية المنتشرة في المحافظات التي تحفُّ بوادي النيل الشمالي. وقد اندلعت احتجاجات الخبز في بلدات جهوية حول الخرطوم، لكنها سرعان ما تمددت إلى العاصمة وتحولت إلى محاكمة لثلاثة عقود من حكم البشير».

وتابع قائلًا: «تعامل البشير بسرعة وبلا شفقة مع احتجاجات مماثلة عامي 1992 و2013. لكن هذه المرة تردد هو وحزبه في تنفيذ المجازر. أحد أسباب هذا التردد هو أن الحكومة لم تكن قادرة على توفير الدعم المالي لحل الأزمة الاقتصادية، ولا الحصول على المساندة الدبلوماسية لشن ثورة مضادة. وثمة سبب آخر؛ إذ يبدو أن البشير فقد قدرته على إدارة أجهزة قوات الأمن العديدة، التي تخوض غمار منافسات أحيانًا فيما بينها».

وعن أسباب تراكم الغضب الشعبي ضد البشير وحكومته، قال توماس إن «الألم الاقتصادي كان قد صُدِّرّ طوال سنوات عدة إلى أطراف البلاد الشاسعة والمتنوعة، وتدبرت أمره تقنيات مكافحة العصيان»، مضيفًا: «استندت الطبعة السودانية من نظام السوق السلطوية إلى التحالف مع الإسلاميين والرأسمالية المالية والتجارية، وقوات الأمن، وكل هؤلاء تمكّنوا من دمج أنفسهم في ما بدا أنه طبقة حاكمة، نجحت في مراكمة ثروات من الازدهار النفطي؛ لذا، كان المتظاهرون يهتفون ضد الإسلاميين الذين كان يُطلق عليهم بالعامية السودانية نعت «الكيزان».

وتابع توماس: «الذين لم يتمكّنوا من شراء خبزهم اليومي هم من أطلقوا شرارة الاحتجاجات الأولى. وعندما اتسعت رقعتها ووصلت إلى العاصمة، جذبت دعم الجمعيات المهنية، التي لعبت دورًا بارزًا في انتفاضتي 1964 و1985، حين أُطيح بالدكتاتوريين الأخيرين في السودان. والآن، حين تصدَّت قوات الأمن بوحشية للمتظاهرين، وهاجمت المستشفيات والأطباء الذين كانوا يعالجون المحتجين الجرحى؛ أسفر ذلك عن ازدياد المعارضة تلاحمًا وعزيمةً؛ ما ساعد على استحضار ذكريات المقاومة السلمية السابقة».

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa