التدخل الإيراني في سوريا.. دمار يتواصل وانتهازية تتربح بآلام الشعوب

الميليشيات تتمركز في مناطق استراتيجية والاستثمارات تتزايد
التدخل الإيراني في سوريا.. دمار يتواصل وانتهازية تتربح بآلام الشعوب

يلخِّص الدور الإيراني في سوريا الطبيعة التوسعية الانتهازية التي تميز سياسة طهران تجاه الدول العربية، فمن باب مناصرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد تغلغلت القوات الإيرانية في هذا البلد العربي، ثم بدأت في توسيع مناطق نفوذها، مستغلة رغبة السلطة المحلية في الثبات أمام جماعات المعارضة المسلحة، وذلك بالتزامن مع سعي الحكومة الإيرانية للفوز بعقود استثمارية ضخمة تعوض بها نفقاتها العسكرية المرتفعة من جهة، وتقدمها كهدايا لرجال نخبتها الاقتصادية من الجهة الثانية.

وعكس التدخُّل الإيراني الذي بدأ في عام 2012، رغبة طهران في ضمان تواصل ممرها البري إلى بيروت، والوصول إلى شواطئ البحر المتوسط. ووضع أقدامها بشكل دائم في سوريا لما لها من أهمية استراتيجية، لكن الأمور لم تسر بنجاح إلى النهاية، إذ جاء التدخل الروسي المباشر في 30 سبتمبر 2015، ليفتح الطريق أمام صراع ثنائي بين طهران وموسكو على فرض النفوذ وجني ثمار التصدي لجماعات المعارضة.

وحققت إيران أول نجاح كبير لها على الساحة السورية مع  إرسال مئات من المستشارين العسكريين الذين يعملون ضمن  الحرس الثوري، للمشاركة في تقديم الاستشارات ووضع الخطط، إلى جانب الإشراف على عشرات المجموعات الشيعية المسلحة قيادةً وتدريبًا وتسليحًا.

وقدرت بعض المصادر عدد  المستشارين الإيرانيين في سوريا بـ 2000 من كبار قادة الحرس الثوري ، فيما ذكر أن  هناك 9 آلاف مقاتل ينشطون في مجموعتي «فاطميون» المشكلة من شيعة أفغانستان، و«زينبيون» المشكلة من شيعة باكستان، إلى جانب 7 آلاف مقاتل من «حزب الله» اللبناني، فضلًا عن أعداد غير معروفة من مجموعات شيعية عراقية تنتمي إلى ما يعرف بـ«الحشد الشعبي».

ووفق مصادر سورية، فإنَّ إيران حرصت على نشر قواتها والميليشيات الموالية لها في المناطق التي تمثل أهدافًا لها، دون الرجوع إلى السلطة السورية، مفضلة التموضع بالقرب من الحدود مع الدول التي تمتلك نفوذًا فيها، لأنَّ هذه المناطق عادة ما تكون ذات مدلولات استراتيجية، ويمكن استخدامها كأداة في صراعاتها الإقليمية.

وتنتشر القوات الإيرانية، وكذلك المجموعات الموالية لها في المناطق الاستراتيجية السورية، ومن ذلك مدينة درعا، حيث يتمركز فيها اللواء «313» المشكل من ميلشيات محلية أنشأتها إيران؛ للتحايل على الاتفاقيات الساعية لإبعادها عن الحدود (مع إسرائيل كما يتواجد لواء «تحرير الجولان»، وهي ميليشيا عراقية شكلت في مارس 2017، مدعومة إيرانيًا بالقرب من هضبة الجولان.

وعلى الرغم من إعلان روسيا انسحاب الميليشيات الإيرانية من الجنوب السوري، فإن العديد من مقاتلي هذه الميليشيات عمدوا إلى الاندماج مع قوات النظام. حيث دُمجت وحدات «حزب الله» مع الفرقة الرابعة من الجيش السوري والحرس الجمهوري، في حين تم رصد مقاتلين من ميليشيات مثل «لواء الفاطميون» داخل «قوات النمر» السورية.

أما في شرق الفرات حيث الحدود المشتركة مع العراق، فتتواجد فيه الميليشيات الإيرانية بكثافة، وذلك أملًا في تأمين ممرات العبور إلى العمق السوري، ولتعزيز سيطرتها على بعض المناطق، التي تمثل مركزًا للحركات المسلحة العراقية المناوئة لها، وهو ما أفقد السلطة السورية السيطرة على هذه المناطق.

ولم ينحصر التدخل الإيراني في الأزمة السورية على الجانب العسكري، بل امتد ليشمل الاقتصاد، وما يتعلق به من استثمارات في العديد من المجالات. ففي قطاع الطاقة، فقد أعلنت إيران أنها تعتزم إنشاء مصفاة نفط كبرى قرب مدينة حمص في وسط سوريا. كما حصلت على ترخيص باستثمار نحو 5000 هكتار؛ لإنشاء مرافئ وخزانات للنفط في الساحل السوري.

فضلًا عن ذلك، أعطى النظام السوري إيران حق استثمار مناجم الفوسفات بجنوب حمص، التي تعتبر من أكبر حقول الفوسفات في العالم، وذلك بالتوازي مع منحها حق الاستثمار في مشاريع الكهرباء بإعادة تأهيل محطات في دمشق وحلب وحمص ودير الزور وبانياس.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa