«حي المربع».. مَهَّدَ من خارج السور القديم نهضة الرياض الحديثة

«حي المربع».. مَهَّدَ من خارج السور القديم نهضة الرياض الحديثة

"بين زمنين" عنوان رواية تؤرخ "حي المربع" كُتب أول فصولها في خمسينيات القرن الرابع عشر الهجري، ببناء مجموعة من القصور الملكية خارج سور الرياض القديمة، وتتابعت صفحاتها تدوّن مع تعاقب السنين شواهد التمدن وميلاد العاصمة الحديثة، لتستكمل فصولها في عام 1419هـ بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، استودعت في محيطه معالم المدينة التاريخية والحضارية والثقافية، ليصبح مسرحًا مفتوحًا تستقرئ منه الأجيال ملحمة البناء والنهضة.

البداية تعود لعام 1355هـ حينما وجّه الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بالشروع في بناء مجمّع من القصور خارج حدود الرياض في ذلك الوقت، سُميت بعد اكتمالها عام 1357هـ بقصور المربع، إلا أن العلم الأبرز وحجر الزاوية، ديوان الملك عبدالعزيز المعروف بـ"قصر المربع"، إذ شهد استضافة العديد من ملوك الدول العربية والإسلامية ورؤسائها، وشهد أحداثًا رئيسة وقرارات ملكية في تاريخ البلاد منها إنشاء وزارة الدفاع، والإذاعة، ومؤسسة النقد العربي السعودي -فيما بعد البنك المركزي السعودي- وإصدار العملة، والمدارس النظامية، وإنشاء السكة الحديد بين الرياض والدمام، إضافة لإصدار الأنظمة منها نظام البرق، والطرق والمباني، والتقاعد، والعمل والعمال، والغرف التجارية وجوازات السفر.

وزامنت فترة التأسيس وعمارة الموقع مقتضيات الحياة بشكل عام، فجاور تلك القصور جامع الملك عبدالعزيز، وفي جانب آخر بني مسجد المدى، ووفرت مصادر المياه من الآبار المحيطة ولا تزال البئر القديمة في موضعها.

بواعث الولوج إلى مرحلة التطور العمراني ترجمت على الواقع باكتمال تشييد "القصر الأحمر" عام 1364هـ؛ حيث أمر الملك عبدالعزيز ببنائه عام 1362هـ لابنه الملك سعود عندما كان وليًّا للعهد، فكان نقلة نوعية في أساليب العمارة الحديثة، وتحفة معمارية حتى يومنا بتفاصيله ولونه المميز.

ويعلو شامخًا في سماء حي المربع "برج المياه" بارتفاع 61 مترًا، مكتسبًا منذ إنشائه عام 1391 هـ صفة أشهر معلم حضاري وبتصميمه رمزية لمدينة الرياض، في الوقت ذاته دلالة على ركب التطور والتنامي المتزايد في العاصمة وتمدد أحيائها الأمر الذي استوجب تأمين ضخ للمياه في أرجائها آنذاك.

ذاكرة المكان مع ما فرضه عامل التطوير من إزالة لبعض المواقع ما زالت تحتفظ بالعديد من المعالم منها: مدرسة اليمامة الثانوية التي خلدت في نصب تذكاري أسماء خريجيها، ومقر الحرس الوطني، ومبنى البريد، والمركز والمسرح الثقافي شمال حديقة الفوطة المعروفة، والقصور الطينية، وارتباط حي المربع بدخول السينما فترة الثمانينيات الهجرية.

"حي المربع" يحكي بين جنبات دوحته الغناء "مركز الملك عبدالعزيز التاريخي" تفاصيل حقب زمنية شهدتها العاصمة، فعلى مساحة 440 ألف متر مربع روعي في المشروع جماليات المشهد البصري، والتصميم المتسق بين المكون التاريخي والثقافي والعلمي "دارة الملك عبدالعزيز، والمتحف الوطني، وفرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة".

ويشكل المركز منذ افتتاحه في الخامس من شهر شوال عام 1419هـ بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، قلبًا نابضًا وسط الرياض بإرثه المادي ومنشآته الثقافية والاجتماعية المتعددة ورئة خضراء تتنفس عبرها الأحياء المجاورة.

اقرأ أيضًا:

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa