إيران تستجدى «إجراءات عملية» لحماية الاتفاق النووي

وزير الخارجية: «البيانات المؤيدة غير كافية»..
إيران تستجدى «إجراءات عملية» لحماية الاتفاق النووي

فيما يشبه الاستجداء، تتواصل الجولة الخارجية لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي قال لوسائل إعلام رسمية (قبل مغادرة اليابان متوجهًا إلى الصين): إنه «حري بباقي الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني - يقصد الأوروبيين - أن تتحرك لإنقاذه...».

وتابع ظريف: «البيانات المؤيدة غير كافية.. بالإمكان حماية الاتفاق النووي عن طريق إجراءات عملية، وليس من خلال بيانات التأييد فحسب...»، في إشارة لموقف بريطانيا وفرنسا وألمانيا الذي ما زال يدعم استمرار الاتفاق.

غير أن المفوضية الأوروبية حذرت طهران من الانسحاب الجزئي «التحلل من القيود التي تهدف إلى منعها من صنع قنبلة نووية»، ونوَّهت القوى الأوروبية، لا سيما بريطانيا وفرنسا وألمانيا بأنها «ترفض أي إنذارات من طهران» في هذا الشأن.

وحثّت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني، إيران بـ«الامتناع عن اتخاذ خطوات تصعيدية»، بينما يعترف الدبلوماسيون بالاتحاد الأوروبي بأنَّ التكتل ليس لديه مجال كبير للمناورة؛ حيث يدعم الاتحاد تجنب أي تصعيد آخر.

جاء ذلك بعدما أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، في وقت سابق «خفض مستوى الالتزام بالاتفاق النووي»، و«تعليق بيع اليورانيوم المخصب والماء الثقيل الفائضين لديها»، وأمهل الاتحاد الأوروبي باعتباره شريك إيران في الاتفاق 60 يومًا لتنفيذ القرار.

وقال ظريف: «أسافر إلى الدول الصديقة والشريكة لنا - زار تركمانستان والهند واليابان - خاصة الدول التي هي عضو في الاتفاق النووي للتشاور معهم حول آخر التطورات بشان الاتفاق وكيفية الحفاظ عليه، لكن ليس عن طريق إعلانات الدعم فقط».

لكن التسريبات الإيرانية الجديدة تقول: «إن طهران اتخذت خطوة الانسحاب الجزئي بالفعل استجابة لأمر من مجلس الأمن القومي الإيراني»، بعدما أبلغت طهران الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا، الأسبوع الماضي بقرارها.

وبادر النظام الإيراني، الأربعاء الماضي، بتسريب معلومات حول تحلله رسميًّا من بعض التزامات الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع القوى العالمية العام 2015، بعدما أبلغ مسؤول مطلع بمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وكالة أنباء الطلبة (إسنا) على القرار الذي لم يعلن رسميًّا حتى الآن.

وتأتي هذه التطورات بعد عام من الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، ومعاودة واشنطن فرض عقوبات على طهران، فيما يسمح الاتفاق لطهران بإنتاج يورانيوم منخفض التخصيب بحدّ أقصى يبلغ 300 كيلوجرام، وإنتاج مياه ثقيلة بمخزون يصل إلى نحو 130 طنًا كحد أقصى، بحسب رويترز.

وبمقدور إيران شحن الكميات الفائضة إلى خارج البلاد للتخزين أو البيع، لكن المسؤول الإيراني قال (وفق التسريبات الجديدة): «إنَّ بلاده ليس لديها حد من الآن فصاعدًا؛ لإنتاج اليورانيوم المخصب والمياه الثقيلة؛ ما يعني أنها ستبدأ في غضون 60 يومًا، تخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى».

وفيما قال الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا: «إنهم ما زالوا ملتزمين بالاتفاق، لكنهم لن يقبلوا إنذارات من طهران، فإن الاتفاق يضع سقفًا لدرجة النقاء المسموح لطهران بالوصول إليها في تخصيب اليورانيوم عند 3.67%».

وتعدّ النسبة المقررة أقل كثيرًا من نسبة 90% اللازمة لصنع أسلحة، كما تقل بكثير عن النسبة التي كانت تصل إليها قبل الاتفاق (20%)، وسط تأكيدات من المرشد الإيراني علي خامنئي، بأن إيران لا تسعى للحرب، وأن طهران لن تتفاوض مع واشنطن بشأن إبرام اتفاق نووي آخر.

إلى ذلك، قال الرئيس الإيراني (بحسب وكالة فارس المقربة من الحرس الثوري): «نتجه للتوقف عن العمل ببعض التعهُّدات المدرجة في الاتفاق النووي، وفقًا لقرار المجلس الأعلى للأمن القومي.. قمت بإرسال خمس رسائل إلى رؤساء الدول الخمس المتبقية في الاتفاق النووي...».

وتابع: «أوضحنا في الرسائل أننا صبرنا عامًا، منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.. الاتفاق النووي أعطانا الحق في البنود 24 و26 و36 أنه فيما لو نقض الطرف الآخر تعهده، أن نقوم نحن بطرحه في اللجنة المشتركة وحدد جداول زمنية قد تجاوزناها...».

وتابع: «عقدت اللجنة المشتركة سواء على مستوى الوزراء أو مساعدي الوزراء، وللأسف رغم أنَّ الأوروبيين أكدوا مرارًا أنهم سيقومون بالتعويض عن خروج أمريكا من الاتفاق النووي بصورة ما، لكننا لم نشهد ذلك على المستوى العملي...».

وأضاف: «أعلنا لرؤساء الدول الخمس أننا سنتوقف تنفيذ إجراءين: كلما تجاوزت موادنا المخصبة 300 كجم كنا نقوم ببيع الفائض لدولة أخرى، ونتسلم الكعكة الصفراء بدلًا عنه، وعملية البيع الثانية هي بيع الماء الثقيل، أي أننا نبيع الفائض كلما زاد على 130 كجم...».

وقال: «سنتوقف اليوم عن عمليتي بيع اليورانيوم المخصب الفائض والماء الثقيل الفائض.. هذا الإعلان لمدة 60 يومًا، وقد أوضحنا للطرف الآخر أنه لو جاءت الدول الخمس للتفاوض معنا وتوصلنا إلى نتيجة تحقق مصالحنا الرئيسية خاصة بيع النفط والمصارف فإننا سنعود إلى النقطة السابقة».

وحاول المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، كيوان خسروي، في وقت سابق، إظهار تماسك بلاده، بعد إعلان الولايات المتحدة إرسال حاملة طائرات «يو إس إس إبراهام لنكولن»، وقاذفات للشرق الأوسط، عقب تهديدات إيرانية بغلق مضيق هرمز.

وزعم المتحدث الإيراني (وفق وكالة تسنيم المحلية) أنَّ جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي (التى قال فيها: إن واشنطن «ستنشر حاملة الطائرات الهجومية، وقوة قاذفات، لتوجيه رسالة إلى إيران) مجرد «حرب نفسية مستهلكة». على حد وصفه.

وكان القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي باتريك شاناهان قد وافق، على إرسال حاملة طائرات وقاذفات إلى الشرق الأوسط؛ بسبب «تهديد جادّ من قوات النظام الإيراني»، ما يدعم توجهات الإدارة الأمريكية، التى عبر عنها، مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون.

وقال بلوتون: «إنَّ الولايات المتحدة سترسل مجموعة حاملة طائرات وقوة من القاذفات إلى الشرق الأوسط لتبعث بـ«رسالة واضحة لا لبس فيها إلى إيران.. نشرها استجابة لعدد من المؤشرات والتحذيرات المقلقة والمتصاعدة».

وأضاف: «أي هجوم على مصالح الولايات المتحدة أو على مصالح حلفائنا سيقابل بقوة لا هوادة فيها.. لا نسعى للدخول في حرب مع النظام الإيراني، لكننا على استعداد تام للردّ على أي هجوم، سواء بالوكالة أو مع فيلق الحرس الثوري الإسلامي أو القوات النظامية الإيرانية».

ورغم أنَّ شاناهان وبولتون لم يتطرقا إلى تفاصيل، فقد قال مسؤولون أمريكيون: إنَّ هناك عدة تهديدات جادة من إيران والقوات التي تحارب بالوكالة عنها للقوات الأمريكية على الأرض، بما في ذلك في العراق، وفي البحر.

وقال شاناهان، على تويتر: «إنّ هذا الخطوة تمثل إعادة تمركز للعتاد، وتتسم بالحذر ردًا على مؤشرات على تهديد جاد من قوات النظام الإيراني.. ندعو النظام الإيراني إلى وقف جميع الاستفزازات، وسنحمل النظام الإيراني مسؤولية أي هجوم على قوات أمريكية أو مصالحنا».

وأوضحت الوزارة (في بيان لاحق) أن «التحرك جاء استجابة لمؤشرات على تعزيز الاستعداد الإيراني لشنّ عمليات هجومية على القوات الأمريكية ومصالحنا...»، ويمثل الإجراء أحدث تحركات إدارة الرئيس دونالد ترامب؛ التي تهدف لتكثيف الضغط على إيران في الأشهر الأخيرة.

وكانت الولايات المتحدة قد أعادت فرض العقوبات على إيران العام الماضي، كما صنفت واشنطن الشهر الماضي الحرس الثوري الإسلامي الإيراني «منظمة إرهابية أجنبية»، وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة هذا التصنيف ضد قطاع من حكومة أخرى.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa