شلل الرتابة

شلل الرتابة

انتقلت بداية هذا الأسبوع من مكتبي إلى مكتب آخر -الثالث- في نفس الشركة. واجهت مشكلة ترتيب أغراضي وملفاتي في المكتب الجديد، وتذكرت أنني واجهت نفس المشكلة عندما انتقلت من مكتب الأول للمكتب الثاني. بعد تفكر وتدبر أيقنت أن المشكلة ليست حجم المكتب!

كان المكتب الأول كبيرًا، وكان لدي الكثير من الملفات والمراجع، ونسخٌ من الاتفاقيات، وملفات خاصة بالتسعيرات، بالإضافة إلى بعض شهادات التقدير والدروع، والقطع التذكارية وووو. بعد انتقالي واجهت مشكلة حجم المكتب الأصغر؛ ما دعاني إلى الاستغناء عن بعض تلك المراجع، بأخرى إلكترونية، وبإعادة ما يخصني للبيت، وبإعادة ترتيب المكتب، ونقل بعض الأدوات -كالدباسة والخرامة- لمكتب السكرتير. مكتبي الحالي أكبر بكثير من المكتب الثاني، فواجهت مشكلة الفرغات الكبيرة، والدروج، والدواليب ووو

الحقيقة أن طلب نبتة هنا، وأدوات لتقسيم الأدراج هنا، وإعادة بعض التحف التذكارية، وعرض بعض الشهادات في الدواليب الزجاجية، سيحل المشكلة. المشكلة ليست أن المكتب الجديد -أو أي شيء جديد- غير مناسب، بل هو ما لم نتعود عليه. وهنا نقطة خطيرة للغاية، فنحن نعيش حياتنا في دوامة من الرتابة، والإعادة، وهو ما يحرمنا الكثير من فرص التطوير والأكثر من إمكانيات التحسين.

تذكر أنك لم تكن مرتاحًا في أول أيام دراستك بالصف الأول الابتدائي، ولا حينما انتقلت إلى الصف الثاني بعدما تعودت على بعض الزملاء، والمعلمين، وكانت حالة عدم الراحة أكبر مع الانتقال للمرحلة المتوسطة وهلم جرا.

إن البقاء فيما يسمى بمنطقة الراحة (Comfort Zone) بمثابة التجمد، والشلل. لو بقينا على ما نحن عليه لما تعلمنا، لما تحركنا، لما تطورنا. وصف سبحانه وتعالى خلق الإنسان بأنه «أطوار»، مراحل ومراحل، لذلك كان من كمال الراحة في الجنة، أن كل من يدخلونها يكونون في سن ثابتة. لا تنسَ أنك لن تتطور ما لم تخرج من منطقة الراحة.

لعل انتقالك من مكتبك، أو منزلك، أو تغيير سيارتك فرصة لمراجعة احتياجاتك (لا رغباتك)، لكن المؤكد أن ثباتك على حالك ما يحتاج إلى إعادة تقييم.

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa