مورينيو ومانشستر يونايتد.."عاجل" ترصد رحلة سقوط "الطاووس"

بدأها بطموح كبير ثم خذله الخطط والنجوم
مورينيو ومانشستر يونايتد.."عاجل" ترصد رحلة سقوط "الطاووس"

قضى البرتغالي جوزيه مورينيو 935 يومًا على رأس الإدارة الفنية لنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي في 27 مايو 2016 حتى إقالته يوم أمس، وهي مسيرة انتهت بطريقة لم يتمنها هو ولا الإدارة التي تمسكّت به كثيرًا، أو كما يقول بعض مناصري "المان" أكثر من اللازم.

وأمس الثلاثاء، أعلنت إدارة مانشستر إقالة مورينيو (55 عامًا) من تدريب الفريق، وذكر بيانٌ صادرٌ عن الفريق، نشره الموقع الإلكتروني: "النادي يشكر جوزيه على عمله خلال الفترة الماضية في مانشستر يونايتد، ونتمنى له النجاح في المستقبل".

وبُعيّد الإقالة، أفادت شبكة "سكاي سبورتس"، بأنّ إدارة مانشستر قررت تعيين مايكل كاريك في منصب المدير الفني المؤقت للفريق، حتى نهاية الموسم.

إقالة "سبشيال وان" من منصبه جاءت بعد سلسلة من النتائج السيئة للفريق في الفترة الأخيرة، آخرها الهزيمة من ليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز الأحد الماضي بثلاثة أهداف لهدف.

وتولى مورينيو تدريب كتيبة مانشستر في 27 مايو 2016.

ومحليًّا، يقبع "الشياطين الحمر" في المركز السادس في جدول ترتيب البريميرليج برصيد 26 نقطة بفارق 19 نقطة عن "الريدز" متصدر جدول الترتيب بعد 17 جولة.

كثيرةٌ هي الأسئلة التي تراود أذهان عشاق "الشياطين الحمر"، أهمها- مثلًا- هل استحق مورينيو، الذي يوصف في بعض الأوساط بـ"الطاووس"، الإقالة من منصبه؟ وهل حصده ثلاث بطولات مع الفريق كان كافيًّا للصبر عليه لإعداد فريق قوي؟ وهل دعّمته الإدارة بما طلب من صفقات، أم أنّ طريقة لعبه لم تناسب كتيبة قلعة الأولدترافورد؟!

أرقام

تجيب لغة الأرقام عن بعضٍ من هذه التساؤلات، فالمدرب البرتغالي خاض في 144 مباراة مع مانشستر، 93 مباراة في الدوري، و13 مباراة في دوري أبطال أوروبا، و15 مباراة في الدوري الأوروبي، و11 مباراة في كأس الرابطة الإنجليزية، وعشر مباريات في كأس الاتحاد الإنجليزي، ومباراة وحيدة بالسوبر الأوروبي، ومباراة في كأس الدرع الخيرية.

وفي البريميرليج تحديدًا، فاز "السبشيال وان" مع مان يونايتد في 50 مباراة بنسبة نجاح لم تصل إلى 54%، وتعادل في 26 مباراة وخسر 17 أخرى، فيما سجّل لاعبو اليونايتد في الدوري 126 هدفًا، وتلقت شباكهم 64 هدفًا.

في الموسم الحالي، انتهت مسيرة مورينيو مع "مانشستر" بخوض 24 مباراة في كل المسابقات، حقّق فيها عشرة انتصارات مقابل سبعة تعادلات ومثلها هزائم، وسجّل 38 هدفًا واستقبل 35، بنسبة انتصارات بلغت 41,7%..

وفي دوري هذا الموسم، لعب الفريق 17 مباراة، حقق الفوز في سبعة منها وخمسة تعادلات وخمس هزائم، وسجّل 29 هدفًا واستقبل 29 هدفًا أيضًا، برصيد 26 نقطة في المركز السادس بفارق 17 نقطة عن ليفربول المتصدر.

أزمات

تعدّدت الأزمات التي وقعت بين مورينيو وإدارة مانشستر، وكان الفرنسي بول بوجبا أشهر عناوينها.

فجر التاسع من أغسطس 2016، أُعلن عن تعاقد بوجبا (25 عامًا)  قادمًا من يوفنتوس الإيطالي في صفقة وُصفت بـ"القياسية" آنذاك، بلغت 105 ملايين يورو، وعند التعاقد صرّح مورينيو: "بوجبا أحد أفضل اللاعبين في العالم، وسيكون عاملًا هامًا في الفريق الذي أبنيه من أجل المستقبل".

مرّت الأيام ولم يصبح بوجبا عامل نجاح في مانشستر، بل دُوّن اسمه في قائمة "أعداء مورينيو"، وبعد الإقالة ربما يكون - بطل كأس العالم - هو الأكثر سعادةً وربحًا.

بدأت الخلافات بين المدرب البرتغالي واللاعب الفرنسي منذ شهر فبراير الماضي، وتصاعدت خلال سوق الانتقالات الصيفية بالحديث عن الرحيل، وازداد الأمر هذا الموسم بعد تصريحات بوجبا والتي طالب فيها بضرورة اللعب بطريقة هجومية فتمّ استبعاد اللاعب من حسابات مورينيو.

لم يُفوت بوجبا فرصة إقالة "السبيشال وان" دون أن يسخر منه، إذ نشر صورة له على حسابه الشخصي في "إنستقرام" تحمل نظرات سخرية، وطلب من متابعيه أن يختاروا لها العنوان المناسب، وبعد دقائق قليلة قام اللاعب الفرنسي بحذف الصورة.

ويرى محللون أنّ رحيل مورينيو سيغير وضع بوجبا مع مانشستر في الفترة المقبلة، لا سيّما أنّه كان قريبًا من الرحيل قريبًا إلى ريال مدريد أو برشلونة أو العودة إلى يوفنتوس.

طريق السقوط في الهاوية لم يرتبط بسلسلة النتائج السيئة لكتيبة مانشستر في الفترة الأخيرة، بل يمكن القول إنّه بدأ منذ ما قبل انطلاقة الموسم الحالي، وهو يتعلق بتعامل إدارة مانشستر مع المدرب البرتغالي.

فمع انتهاء الميركاتو الصيفي في أغسطس الماضي، تكشفت التفاصيل حول الخلافات بين المدير الفني الساخط على أداء النادي في سوق الانتقالات ومجلس الإدارة، وخصوصًا نائب المدير التنفيذي إيد وودوارد، فيما يتعلق بقائمة اللاعبين الذين كان مورينيو يرغب في ضمهم للنادي وما إذا كانوا يستحقون المبالغ المالية المطلوبة أم لا؟

مجلس إدارة النادي رأى- في نهاية المطاف- أنّ مورينيو في معظم الحالات طلب التعاقد مع مدافعين ليسوا أفضل من المدافعين الموجودين بالفعل في الفريق، والذين يكلفون النادي- في ضوء الأسعار الفلكية للاعبين في الوقت الحالي- أكثر من 70 مليون جنيه إسترليني دون تحسين أداء الفريق بشكل كبير.

كان مورينيو يرغب في التعاقد مع مدافع ليستر سيتي هاري ماجوير؛ لكن مجلس إدارة مانشستر لم يكن يشاركه نفس الرأي، وحتى عندما تواصل مسؤولو النادي مع إدارة "الثعالب" لمعرفة المطالب المالية للتخلي عن خدمات اللاعب تراجعوا عن إتمام الصفقة بسبب المقابل المادي الكبير في أعقاب انتقال المدافع الهولندي الدولي فيرجيل فان دايك من ساوثهامبتون إلى ليفربول مقابل 75 مليون جنيه إسترليني الموسم الماضي.

وبعد ذلك، تحدثّت تقارير عن اهتمام النادي بالتعاقد مع مدافع توتنهام هوتسبير توبي ألديرويرلد؛ لكنّ الحقيقة هي أنه كان هناك اتصال واحد فقط بين وودوارد ورئيس نادي توتنهام هوتسبير دانيل ليفي هذا الصيف، وحدث عندما اتصل ليفي بوودوارد ليسأله عن إمكانية التعاقد مع اثنين من لاعبي مانشستر يونايتد أحدهما أنتوني مارسيال؛ لكنّ وودوارد كان يرغب في الإبقاء على خدمات مارسيال، وهي النقطة التي كانت مثار خلاف أيضًا بين مسؤولي مانشستر يونايتد ومورينيو، وقد كان المدرب البرتغالي مستعدًا للتخلي عن خدمات مارسيال مجانًا، ودائمًا ما كان يشكو خلف الكواليس من مستوى اللاعب.

آنذاك، قالت صحيفة "ديلي ميل" معلقةً على هذه الأزمة، تحت عنوان "فوضى ما قبل الموسم"، إنّ "ذلك يشبه ما حدث للمدرب البرتغالي في ريال مدريد وتشيلسي".

في المقابل، وجد مورينيو صوتًا يدافع عنه إزاء كل هذه الأزمات، وكان ذلك على لسان جاري نيفيل قائد مانشستر يونايتد السابق الذي قال إنّ مورينيو ليس هو المسؤول عن تردي أوضاع الفريق.

ورأى نيفيل أنّ "السبب الحقيقي للفوضى المنتشرة في مانشستر تعود إلى طريقة إدارة الرئيس التنفيذي إد وودوارد وعائلة جليزر المالكة للنادي.

وأضاف عبر موقع "تويتر"- في سبتمبر الماضي- أنّ تردّي الأوضاع يأتي نتيجة للإقالة المبكّرة لمدرب الفريق السابق ديفيد مويس الذي استلم الفريق خلفًا للسير أليكس فيرجسون في عام 2013.

وتابع: "حينها فقدنا كل القيم التي بناها النادي طوال 100 عام، الأمر لا يتعلق بالمدرب، بل بإدارة كرة القدم الموجودة على رأسه، إنهم يقفزون في كل مكان دون خطّة".

التكنيك

لا يمكن غض الطرف عن دور طريقة اللعب في فشل تجربة مورينيو مع مانشستر، واتفق نقادٌ بأنّ الارتباك كان يسودها؛ حيث تنوعت بين أكثر من طريقة لعب بين "4-2-3-1"، و"4-3-3"، و"4-1-4-1"، و"3-5-2"، وقد أدّى ذلك إلى افتقاد الفريق لهويته التي اعتادها منذ عشرات السنوات.

غيّر مورينيو مفاهيم كرة القدم في "اليونايتد"؛ حيث أصبح يعتمد على أسلوب الدفاع المبالغ فيه في كثير من الأحيان وهو الأمر الذي لم تعتد عليه جماهير الشياطين الحمر.

في المقابل، كان مورينيو يسعى إلى إيجاد مبررات لهكذا وضع، فمثلًا عن خسارة الفريق- الأحد الماضي- أمام ليفربول، وتقديمه أداءً وُصف بأنّه "سيئ جدًا"، صرح المدرب البرتغالي: "لدينا مشاكل بدنية كثيرة ولاعبون دائمًا عرضة للإصابة وهذا قبل قدومي".

وأضاف: "هناك إمكانيات يملكها اللاعب أو لا يملكها.. فلا يمكنك أن تتحسن أو تتطور من تلك الناحية، ومثال على ذلك محمد صلاح وماني وفينالدوم وربرتسون هم أقوياء بدنيًا وجيدون تكتيكيًا، لديّ أيضًا لاعبون جيدون تكتيكيًا لكنهم ليسوا بتلك القوة البدنية مثل من ذكرتهم".

تبريرات مورينيو لم تقنع كثيرين من أنصار مانشستر، لا سيّما أن القبول بهكذا وضع يمكن أن يكون في أول موسم للمدرب مع الفريق، بينما يتولى تشكيل الفريق بالشكل الذي يريده فيما هو لاحق ويكون مسؤولًا عن اختياراته.

اللعنة

اللافت أنّ ما حدث مع مورينيو هذا العام، رسّخ ما يطلق عليه "لعنة الموسم الثالث"، فالمدرب البرتغالي كان دائمًا ما ينتظره الفشل في الموسم الثالث مع أندية تولى إدارتها الفنية.

حدث ذلك في الموسم الثالث لـ"سبشيال وان" مع تشيلسي عندما كان مديرًا فنيًّا للنادي عام 2013، وقتها حقّق أرقامًا مذهلة مع النادي اللندني؛ حيث فاز بالدوري الإنجليزي مرتين، وحقّق ثلاثة كؤوس متنوعة.

الموسم الثالث كانت اللعنة على "مورينيو"؛ حيث ساءت نتائج تشيلسي بشكل كبير، قادت إلى الإطاحة بالمدرب البرتغالي، بعد ثماني مباريات فقط من ذلك الموسم، بعدما بات "عملاق لندن" ينافس على عدم الهبوط.

"لعنة الرقم 3" حضرت في رحلة مورينيو مع ريال مدريد في 2010، ففي الموسم الأول حقّق لقب كأس الملك، وفي الموسم التالي توج الملكي بالدوري؛ لكنّ الموسم الثالث جاء كالصاعقة، خسر فيه الريال الدوري لصالح الغريم برشلونة، والكأس لصالح الجار اللدود أتليتكو مدريد، بينما غادر الفريق دوري أبطال أوروبا من الدور نصف النهائي على يد بروسيا دورتموند الألماني.

 مع الشياطين الحمر لم تغب اللعنة، فـ"سبشيال وان" حقّق ثلاث بطولات هي كأس الدرع الخيرية وكأس الرابطة الإنجليزية ولقب الدوري الأوروبي في موسم 2016-2017، حتى جاء الموسم الثالث (الحالي) بنتائجه الكارثية على كتيبة مانشستر.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa