كيف أبطل «سحر» جوارديولا «واقعية» زيدان في قمة الأبطال؟

الفيلسوف يواصل كتابة التاريخ
كيف أبطل «سحر» جوارديولا «واقعية» زيدان في قمة الأبطال؟

عندما كال «التلميذ» الفرنسي زين الدين زيدان، المدير الفني لفريق ريال مدريد، المديح إلى «الأستاذ» القادم من إنجلترا، جوسيب جوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، قبل صدام الفريقين في موقعة تكسير العظام لحساب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، لم يكن الأمر من قبيل التنويم المغناطيسي المعتاد في مثل تلك المواعيد، وإنما كان زيزو يعني جيدًا ما يقول أمام الأفضل واقعيًّا في عالم إدارة المباريات.

وربما عاندت الكرة الإسباني كثيرًا في الساحة القارية تحديدًا منذ حزم الحقائب بعيدًا عن مسقط رأسه برشلونة بل تخبط على عتبات الأدوار الإقصائية تارة مع بايرن ميونيخ وتارات مع المان سيتي، لكن الفيلسوف -كما يطلق عليه العارفون ببواطن كرة القدم- بقي إحدى أيقونات الكأس ذات الأذنين، حتى وإن ضل طريق المنصة منذ قرابة عقد كامل.

وأمضى زيدان فترة معايشة رفقة عدد من المديرين الفنيين المرموقين في مدرسة جوارديولا خلال حقبة بايرن ميونخ، لا يزال الفرنسي مدينًا لها بالكثير من الفضل، وصف على إثرها المُعلم: «لقد قدم لي الكثير والكثير من النصائح الرائعة، دارت بيننا العديد من المحادثات الشيقة، وكان أمينًا للغاية في اليومين اللذين قضيناهما هناك».

رجل المواعيد الكبرى

ولأن المواعيد الكبري هي أكثر ما يرضي غرور الإسباني، كان بيب حاضرًا في الموعد تمامًا في مسرح سنتياجو برنابيو؛ حيث معقل الغريم الأزلي ريال مدريد، وقاد السيتيزنز، لتقديم واحدة من أفضل المباريات في دوري أبطال أوروبا، ليضرب رجال زيدان في عقر الدار، ويعود إلى القواعد بنصف بطاقة تأهل.

وبات السيتي على مشارف الصعود لدور الثمانية ببطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، بعدما قلب تأخره في خمس دقائق بهدف نظيف أمام الريال، إلى فوز ثمين ومستحق بهدفين، أمس الأربعاء، في ذهاب دور الستة عشر للمسابقة القارية.

الساحر البلجيكي مر من هنا

وراهن بيب على سلاح الساحر البلجيكي دي بروين، لإرباك الخط الخلفي للملكي بقيادة المخضرم سيرجيو راموس، وغامر كثيرًا عندما لعب الكل في الكل، في ملعب المنافس، بالاعتماد على الضغط المتقدم، والذي امتد إلى ما بعد التقدم، فكان له ما أراد بل توج كيفن برجل المباراة، بتمريرة الهدف الأول، وإحراز الثاني من ركلة جزاء.

وكبد جوارديولا الخسارة الأولى لزيدان أوروبيًّا؛ حيث أحبط واقعية الفرنسي الذي صال وجال وتسيد أوروبا بألوان أبيض مدريد 3 مرات متتالية في 2016 و2017 و2018، قبل أن يرحل عن الميرينجي، ليعاني الأخير من سنة قاسية قاريًّا أجبرت الإدارة على استعادة زيزو من جديد.

التلميذ لم يتفوق على الأستاذ

ولم يسبق أن تواجه المدرب الفرنسي مع المعلم الإسباني في أي مشهد رسمي؛ حيث رحل الأخير عن جدران برشلونة قبل أن يأتي زيزو إلى مدريد مدربًا، كما أن فوز زيدان على السيتي في نصف نهائي نسخة 2016، جاء على حساب المدرب التشيلي مانويل بيلجريني.

ويبحث جوارديولا عن استعادة الحقبة الذهبية التي قاد فيها برشلونة من 2008 إلى 2012، قدم خلالها كرة قدم أبهرت العالم، وحقق لقب دوري أبطال أوروبا مرتين في 2009 و2011، وربما يستند على تخطى عقبة سيد البطولة القارية بـ13 لقبًا لمواصلة الزحف نحو السيادة.

جوارديولا يتألق في البرنابيو

ولأن معقل ريال مدريد هو الساحة المحببة لقلب جوارديولا، منذ عصر الفريق الكتالوني، والذي طالما سطر فوق عشبه الأخضر الكثير من الأساطير، لم يكن الفوز وحده هو الذي رجح كفة رجال الفيلسوف، وإنما كان السيتيزنز الطرف الأفضل طوال زمن المباراة، هجومًا ودفاعًا، حتى عندما تكبد هدف على غير سير القمة بتوقيع إيسكو.

وأهدر رفاق دي بروين جملة من الأهداف، جعلت من الحارس البلجيكي تيبو كورتوا، رجل المباراة من جانب الفريق المدريدي، الذي تكفل بحماية الشباك أمام المد الإنجليزي قدر الإمكان، قبل أن يرضخ لأحكام كرة القدم بهدفين، إلا أنه حال دون نتيجة كارثية في العاصمة الإسبانية.

ولم يلتفت جوارديولا إلى التأخر بهدف قبل نصف ساعة من نهاية مباراة الذهاب بل واصل الضغط العالي على دفاع الميرينجي، في مغامرة محسوبة بالنظر إلى ما يمر به الريال في الأيام الأخيرة، خاصة على الصعيد المعنوي بعد خسارة صدارة الليجا.

ربما لم يحسم بيب التأهل رسميًّا إلى ربع النهائي، بل تحمل دروس كرة القدم الكثير من العبر حول ريمونتادا هنا وأخرى هناك، تحفظها الذاكرة القريبة، إلا أن ما صنع الإسباني أمس في مدريد، يبقى درسًا رائعًا يستحق الكثير من التأمل، ويبرهن عن أن جوارديولا، المُعلم الأول في العصر الحديث؟

اقرأ أيضًا:

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa