لقد اختبرتِ استعداداتنا الرقمية

لقد اختبرتِ استعداداتنا الرقمية

شكرًا كورونا..

تحوّلت المدن العالمية حجراً بلا بشر، خلت المطارات من المسافرين واقتصر التسوّق على المواد الغذائية والمطهرات، جائحة تضرب العالم بلا هوادة، حتى انهارت أكبر دول العالم أمامها، لكن كان استعداد المملكة مبكراً مثالاً يُحتذى به؛ حيث بدأت في اتخاذ قرارات شجاعة وحازمة قبل انتشار الفايروس في البلاد على الأصعدة كافة، ما أظهر سياسة الدولة ومدى قوتها وقدرتها على التعامل مع الأزمات.

التحول السريع للبدائل الرقمية، كان أهم محاور خطة المملكة لمواجهة الجائحة والذي يشرح الاستعداد المسبق للأرضية الرقمية بالسعودية، والقدرة على العمل كحل موازٍ للتواصل التقليدي والمباشر، من خلال توفر الخيارات التقنية البديلة.

حيث تعاملت مؤسسات الدولة والمعنون بتناغم شديد، بداية من معالي وزير التعليم العالي، ومقام مدراء الجامعات، ومقام القائمين على رؤية السعودية 2030، ومقام القائمين على التقنية في وزارة الصحة والعدل والداخلية وغيرها من الجهات التي تميزت في خدماتها الرقمية، أقول لهم جميعاً شكراً لجهودكم، فقد أثبتنا للعالم مدى استعدادنا.

كما أشكر كل جهودكم وما تبذلونه في سبيل نجاح العمل الرقمي في وطننا الغالي السعودية، في ظل المتابعة الحازمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله عراب هذه الرؤيا، والذي أكد في كل مناسبة أن التقنية والحكومة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي أحد الأهداف الأساسية للرؤية التي لن نحيد عنها.

ومع هذه الأزمة التي يمر بها العالم اليوم، والجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين في الوقاية من هذا الوباء بالاحتياطات الاحترازية، ومن ذلك إيقاف التعليم في المملكة والتجمعات عموماً، لهذا كله أعتقد أن كورونا -جزاها الله خيراً- أثبتت ما كنا نقوله مراراً وتكراراً، أن كثيراً من الجامعات السعودية تعاني من ضعف في أنظمتها الرقمية للتعليم عن بُعد، أو حتى في تعاملاتها الرقمية داخل الجامعة.

وكما قال الإمام الشافعي

جزى الله الشدائد كُلّ خير

وإن كانت تُغصصني بريقي

وما شكري لها حمدًا ولكن

عرفتُ بها عدوّي من صديقي

طبعًا أنا لا أطالب بالذكاء الاصطناعي، فهذا ربما لم يخطر على بال الكثير من المسؤولين عن التقنية في الجامعات، وهذا لا يعني أن نستسلم لهذا التحدي، ولكن يجب أن نشعر بالقصور، وأن نضع الدواء على الجروح، وأن نستعين بالمبدعين والمخلصين من أبناء الجامعات السعودية، وأن نُعيد خطط البنية التحتية في مجال التقنية للجامعات، على غرار ما تقوم به بعض الجهات الحكومية التي قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال، وتجاوبت سريعًا مع متطلبات رؤية 2030 ومع المرحلة الجديدة للمملكة، كوزارة الداخلية مثلًا وكيف قدمت خدماتها بشكل أبهر العالم، سواء في الجوازات أو المطارات أو الأحوال المدنية، وغيرها من الوزارات المميزة كوزارة العدل والتجارة والصحة.

فضلًا على أن ما نشاهده من برنامج «أبشر» والنجاحات التي تحدثت عنها مؤسسات عالمية؛ حيث أصبح المواطن السعودي يطبع جوازه في نصف ساعة، بينما في دول متقدمة يحتاج مواطنيها الانتظار إلى اسبوعين لاستخراج جواز مثل أمريكا وبريطانيا. 

وخير شاهد على هذا النجاح أنه تجاوز عدد المستفيدين من خدمات منصة أبشر ١٦ مليون عميل موثق، بأكثر من ٢٠٠ خدمة مقدمة تُسهل إجراء المعاملات الخاصة بالمواطن والمقيم.

ويتمكن المستفيدون من خلال منصة وتطبيق «أبشر» من إنجاز معاملاتهم بشكل إلكتروني، دون الحاجة إلى مراجعة أي من الدوائر الحكومية المقدمة للخدمات.

وتربط منصتا أبشر «أبشر للأفراد» و«أبشر أعمال» بين الكثير من القطاعات الحكومية والأفراد، مما يوفر الجهد والوقت على المواطن والمقيم.. وتقدم المنصة خدمات لعديد القطاعات مثل المديرية العامة للجوازات والأحوال المدنية والإدارة العامة للسجون، والأمن العام متمثل في «الإدارة العامة للمرور، وإدارة الأسلحة والمتفجرات»، وغيرها من القطاعات..

وفي المقابل في بعض الجامعات السعودية يعاني الطالب معاناة شديدة لتسجيل جدول دراسي بسيط فضلًا عن عدم وجود خدمات الكترونية بين الطالب والأستاذ إلا بشكل قليل. ويؤسفني أن أقول، تذكرنا برامج بعض الجامعات السعودية بأيام برامج المشغل الدوس لمن يعرفه، وقد تحدثت مع بعض المسؤولين سابقاً أن ما قمنا به في مجال التقنية أننا نقلنا الملف الأخضر إلى ملف pdf إلكتروني فقط بمعنى أننا لم نفعل شيء يُذكر...!!.

 لهذا أقول.. التقنية في الجامعات يجب أن تكون نظامًا رقميًّا متكاملًا، الذي يحول كل شيء إلى آلية بسيطة أوتوماتيكية، لا تحتاج إلى جهاز إسكان وأوراق وتكرار بالمعلومات، خذ مثلًا: «هل تعلم أن الأستاذ عندما يقوم في كثير من العمليات أونلاين يطلب منه تقديم السيرة الذاتية، أو بعض المعلومات التي أدخلها سابقًا مرات عدة..!!».

وهذا دليل كبير على أن هذه الأنظمة ليست أوتوماتيكية وغير مترابطة مع بعضها البعض في كثير من الاحيان، وإنما سُميت ببرامج لأنها تعمل عبر الكمبيوتر فقط، وإلا فهي لا تقدم خدمة تفرق كثيرًا عن الملف الأخضر الورقي سابقًا، فهي برامج يخجل الإنسان أن يُسميها برامج، بقدر ماهي أعمال اجتهادية، لا ترقى إلى مستوى أن تخدم العملية التعليمية، مما جعل وجودها كعدمها وقد أثبتت أزمة كورونا ذلك إلى جانب الأخطاء التي تحدث بسببها سواء في النتائج او المعلومات.

ولهذا أدعو القائمين على التعليم العالي، إقامة ورش عمل عاجلة لتدارس هذا الوضع، للخروج بخطة شاملة موحده للجامعات السعودية، ولا تُترك الأمر لاجتهادات بعض العاملين بالجامعات، كذلك العمل على بناء نظام إلكتروني موحد للجامعات والتعليم العالي، على غرار تطبيق ابشر ينطلق من الوزارة وبإشراف القائمين على الرؤية، علمًا بأن هذا سيوفر الكثير من الجهد والمال للجامعات، ويقلل الأخطاء ويساهم في تحقق رؤية المملكة 2030. 

والله من وراء القصد 

محبكم د. عبد الله القفاري

@alqefari

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa