هل نحن بحاجة لشهود؟

هل نحن بحاجة لشهود؟

تسافر المقاطع المصورة في فضاء العالم لتنقل لنا موقفًا طريفًا، أو عجيبًا، أو خطيرًا، أو غير ذلك. قد يُعد ذلك التوثيق دليلًا قطعيًّا على حقيقة، أو شاهدًا صادقًا على جريمة، أو محاميًا مُبرِئًا لأحدٍ منها. فهل تركيب الكاميرات في السيارات وعلى المباني أضحى ضرورة؟

كم من المقاطع كَشفت لنا سرقة سيارة، أو دهس طفل، أو اعتداء على عامل، بل وحتى جريمة قتل! في السابق كان تركيب الكاميرات مقصورًا على البنوك، وبعض أسواق الذهب. أما اليوم فكثير من المركبات تُجهز بـ4 أو 6 كاميرات، لتساعد قائد المركبة على أداء مهامه بيُسر وسلامة.

الكثير من المواطنين ركبوا الكاميرات على سياراتهم لتسجيل رحلاتهم اليومية، أو لإثبات ما يجب إثباته. بعض الحوادث العنيفة يصعب إثبات كيفية حدوثها. والمشكلة أن الالتزامات الكبيرة مرهونة بتخطيط حادث لا شاهد عليه، ولا دليل قاطعًا فيه.. لو كانت هناك كاميرا لأصبح تخطيط الحوادث دقيقًا.

من الصعب إلزام الكل بتركيب كاميرات على سياراتهم، لكن يمكن فعل ذلك على مراحل، فنبدأ مثلًا بالحافلات بأنواعها، ثم السيارات الكبيرة، تمهيدًا لتطبيقها على الكل. أما من ناحية المنازل، فأقترح البداية بالمباني الضخمة، والمحلات الراقية، ثم التقاطعات الكبيرة، والأصغر فالأصغر.

أعرف شخصًا ركب كاميرات على منزله. أول من عارضه جاره الذي نظر إلى الموضوع كانتهاك لحرمة المنزل، بأعذار غير منطقية؛ فقد كانت الكاميرات مركزة على منزل صاحبها، لا منزل الجار. في يوم من الأيام كان صاحب المنزل الأول يراجع التصوير بحثًا عن شيء معين، فوجئ بتصوير لجاره وهو يرجع بسيارته إلى الخلف، وابنته ذات السنتين تلعب أمام المنزل.. كانت صغيرة لدرجة حالت دون رؤيته لها. من محاسن الصدف، أن الصغيرة لم تكن على أحد الأطراف، بل في الوسط؛ ما سبب لها جروحًا بسيطة بسبب السقوط على الأرض، وكانت المركبة مرتفعة؛ ما حال دون دهسها.. غادر الجار، وعادت الطفل تبكي إلى منزلها، لم يكن في اعتقاد أحدهم ما حدث فعلًا، بل فسروا كل الجروح بسقوطها أثناء اللعب. بعد الاتصال بجاره وطمأنته، أرسل المقاطع المصورة له، كاد يُجن، وشكره على ذلك.. لولا وجود الكاميرا، ما كان لأحد أن يصدق الرواية، ولولاها أيضًا، لما أصبح الأب أكثر صرامةً في خروج أبنائه للعب. اليوم قام الجار نفسه بتركيب العديد من الكاميرات على منزله أيضًا.

في مدينة الجبيل الصناعية، يتم تركيب الكاميرات في أغلب شوارع المدينة.. في المنتزهات، في المطاعم، في صالونات الحلاقة، من باب تحسين الحركة المرورية، والحفاظ على الجودة، ومراعاة متطلبات الصحة والسلامة، التي توفر الجهد والوقت لتتم الرقابة آليًّا وكذلك لسهولة مراجعة أي فترة.

تركيب الكاميرات ليس مجرد تسلية، بل حاجة ملحة، قد لا تحتاجها اليوم، لكنك قد تتمناها غدًا كشاهد مصدق.

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa