الشركات التركية في ليبيا.. فساد وعمولات ومشاريع لم تكتمل

الكشف عن فساد سماسرة أنقرة
الشركات التركية في ليبيا.. فساد وعمولات ومشاريع لم تكتمل

كشفت مجلة «إنفستجيتف جورنال» الإلكترونية فساد شركات المقاولات التركية في ليبيا، وتلقي رشى وعمولات ضخمة بملايين الدولارات، في مشاريع بناء لم تكتمل منذ ما يزيد عن عشر سنوات، فيما وصفته المجلة بـ«نظام حكم اللصوص».

وقالت المجلة الأمريكية إنها حصلت على ملف كامل من مصدر ليبي يعمل بقطاع التشييد، كشف بدوره عن فساد وإهدار كبير للأموال بمشروعات بناء ضخمة كانت بالتعاقد مع شركات تركية؛ أحدها عقد بقيمة 161 مليون دينار لتجديد جامعة الطب العربية في بنغازي، وهو مشروع كلَّف منذ عام 2009 مبلغ 197 مليون دينار ليبي، ولم يتم استكمال سوى 2% فقط منه.

وأظهرت الملفات تربح الرئيس رجب طيب أردوغان نفسه والدائرة الداخلية المقربة منه من عقود البناء في ليبيا؛ حيث كشفت الملفات عن أنه يحصل على نسبة لا تقل عن 20% من أي تعاقد، منذ توليه منصب عمدة مدينة إسطنبول في عام 1994.

وأصبح قطاع البناء والتشييد من أهم محركات الاقتصاد التركي، منذ تولي أردوغان حقيبة الحكومة في عام 2003، حتى بعد توليه منصب الرئاسة.

وكانت العقود بقيمة مليارات الدولارات، أحد مصادر الدخل الحيوية لأنقرة، مع وجود أكثر من 25 ألف موظف بالشركات التركية العاملة في ليبيا قبل ثورة عام 2011 وما بعدها.

وبعد ثورة عام 2011 والإطاحة بمعمر القذافي، تم وقف كافة التعاقدات مع الشركات التركية لأسباب متعددة؛ بينها التكلفة الضخمة، والعمولات الفاسدة، والفشل في الإنجاز.

لكن في عام 2020، مدَّت أنقرة حكومة الوفاق الوطني في طرابلس بالمقاتلين المسلحين، والعتاد العسكري لإنقاذها. وفي المقابل، وافقت حكومة طرابلس على إحياء عقود البناء الفاسدة التي جرى إبرامها في عهد القذافي، حسب المجلة الأمريكية.

فرصة الربيع العربي

وقالت المجلة الأمريكية إن أردوغان اعتبر ثورات الربيع العربي، فرصة سانحة للترويج لنفسه باعتباره «الشخص القادر على قيادة الأمة الإسلامية»، لكن ليبيا بالنسبة إليه، كانت دائمًا تتعلق بعقود البناء والتشييد.

وبالنظر إلى مبلغ 19 مليار دولار قيمة العقود المبرمة في عهد القذافي، اعتقد أردوغان أنه إذا نجح في إقناع الحكومة الليبية الجديدة بأن تدفع مبالغ العقود، فإنه سيحصل لنفسه على عمولة قد تصل إلى أربعة مليارات دولار.

كما استفاد ما يزيد عن نصف دستة من الشركات التركية التي يملك أصحابها روابط قوية مع أردوغان؛ من العقود الليبية. وكان الأكثر حظًّا صهره بيرات البيرق، الذي لعب دورًا حيويًّا، سواء من خلال شركاته الخاصة أو منصبه وزيرًا للطاقة والموارد الطبيعية أو وزير الخزانة والمالية.

وكشفت الملفات عن تلاعب خطير كان البطل فيه هو بيرات البيرق من خلال مجموعة «كاليك» القابضة للإعلام والطاقة؛ حيث عُيِّن مديرًا تنفيذيًّا لها في عام 2007 بعد زواجه بنجلة أردوغان.

وخلال السنوات الست الماضية، كانت مجموعة «كاليك» مسؤولة عن بناء محطة الطاقة الكبرى في ليبيا بقدرة 550 ميجاواط في مدينة الخمس، وهو مشروع بدأ العمل فيه في عام 2014، ولم ينتهِ بعدُ. ومن المعروف أن المجموعة توسعت بشكل ملحوظ في عهد أردوغان من خلال صفقات مشبوهة ضمت ثماني شركات خارجية في مالطا.

عائلة الدبيبة في ليبيا

وكانت الشركات التركية تعمل في ليبيا بتعاون وثيق مع عائلة دبيبة أشهر عائلات مصراتة، المعروفة بعلاقاتها الوثيقة بأردوغان نفسه. وقد سهلت العائلة التدخل التركي في الحرب الأهلية في ليبيا.

وساعدت العائلة في منح عقود بناء بقيمة 19 مليار دولار إلى الشركات التركية من قبل هيئات ليبية يسيطر عليها أبناء عمومة وأصهار عبدالحميد الدبيبة رئيس الشركة الليبية للاستثمار والتنمية القابضة، وعلي الدبيبة، رئيس جهاز تنمية المراكز الإدارية، ويقال إن كليهما كان يحصل على عمولة بنسبة 20% من كل عقد.

واتهمت المجلة الأمريكية أردوغان بتوسيع مخططاته الفاسدة إلى ليبيا، واستغلال الانقسام بين الأطراف المتناحرة هناك لتحقيق مصلحته الشخصية، والتعاون مع شخصيات ليبية موالية حتى يواصل الترويج لأجندته الخاصة.

وأضافت: «حتى الآن، يبدو أن أردوغان يحصل على ما يريد. والأكثر أهميةً، هو أنه يعمل على زراعة بذور عداء مستقبلي بين الليبيين والأتراك، مثلما فعل مع مصر».

وكشفت أن حكومة أردوغان سعت إلى إخفاء أي معلومات تتعلق بالشركات التركية المسجلة في ليبيا، وعمدت إلى إغلاق أرشيف العديد من الصحف المطبوعة والإلكترونية، وإخفاء أي نتائج بحث على الإنترنت متعلقة بها.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa