فتش عن أمن الطاقة.. لماذا أصبحت تركيا مصدر الشر في شرق المتوسط؟

تُثير الفتن وعلاقتها متوترة بالجميع..
فتش عن أمن الطاقة.. لماذا أصبحت تركيا مصدر الشر في شرق المتوسط؟

يبدو أن التوترات المتنامية في منطقة شرق البحر المتوسط، أصبحت محط الأنظار؛ حيث تناولت صحيفة «ذي إيكونوميست» الأمر، مرجعة الخلاف بين تركيا واليونان إلى الطاقة والأمن بشكل رئيسي؛ حيث وضعت أنقرة نفسها في مواجهة حامية ضد حلفاء من أوروبا والشرق الأوسط من سوريا إلى ليبيا.

ومع اختلاف الأسباب المعلنة وراء التوترات القائمة، إلا أن الصحيفة البريطانية أكدت، في تقرير «ترجمته عاجل»، على أن القضية تتمحور حول أمن الطاقة بالمقام الأول، لافتة إلى أنه منذ عشر سنوات تقريبًا، أعلنت إسرائيل العثور على مصدر هيدروكربوني ضخم بحجم 450 مليار متر مكعب، وفي 2015، أعلنت شركة إيني الإيطالية اكتشاف حقل الظهر الضخم قبالة السواحل المصرية، كما تم اكتشاف حقول ضخمة للغاز قرب قبرص. 

وقالت الصحيفة في تقريرها، أن إسرائيل ومصر وقبرص، باتوا يملكون ما يقرب من 2.3 تريليون متر مكعب من الغاز، وهذه الاكتشافات دفعت تركيا إلى التحرك لتأمين مصدرها الخاص من الطاقة ولو اضطرت إلى الاشتباك مع جيرانها في المنطقة.

وأضافت، أن الخلافات القائمة بين البلدين ليست بالجديدة؛ حيث كان البلدان على شفا الحرب العام 1996؛ بسبب جزر بحر إيجه المتنازع عليها، وفي العام 2017، اشتكت اليونان بأن طائرات حربية تركية اخترقت المجال الجوي لها أكثر من ثلاثة آلاف مرة. كما أن هناك خلافًا بشأن موقف قبرص، المنقسمة بين البلدين بعد الغزو التركي العام 1974. 

«الوطن الأزرق»

وتدّعي أنقرة أحقيتها في مياه شرق البحر المتوسط، وكانت الوحيدة التي تعترف بالجمهورية الانفصالية في الثلث الشمالي من قبرص وبالتالي بشرعية مياهها، وتصر على أن أي أنشطة للتنقيب عن مصادر للطاقة في المنطقة يجب أن تضع في الاعتبار شمال قبرص. 

ولدعم هذه المزاعم، أرسلت أنقرة سفنًا للتنقيب مصحوبة بسفن حربية إلى مياه قبرص والجزر قبالة سواحل اليونان. وخلال العامين الماضيين، تبنت حكومة أردوغان ما وصفته الصحيفة بـ«عقيدة انتقامية» تُعرف باسم «الوطن الأزرق»، هدفها منح تركيا السيطرة على مياه شرق بحر إيجه وشمال البحر الأبيض المتوسط، متجاهلة كل الجزر اليونانية.

ورغم أن تركيا لم تكتشف أي مصدر للطاقة داخل مياهها الإقليمية، إلا أنها تطمح أن تكون مركزًا للطاقة عبر مشروع خط أنابيب عبر الأناضول «تاناب»، والذي يهدف إلى توصيل ما يقرب من 16 مليار متر مكعب من الغاز من أذربيجان إلى تركيا ومنها إلى أوروبا سنويًّا. 

وتسعى أنقرة إلى زيادة سعة المشروع إلى 61 مليار متر مكعب، رغم تأكيدات أذربيجان أنها لن تستطيع توفير هذه السعة. وفي هذا الشأن، قال مايكل تانتشوم، من المعهد النمساوي للسياسة الأوروبية والأمنية: «تركمانستان تملك أكبر كميات من الغاز في العالم، لكن روسيا وإيران تمنعان خطوط الأنابيب من هناك، لهذا إذا أرادت تركيا الحصول على الغاز الذي تمنعه روسيا، فلن تجد سوى كردستان العراق أو إسرائيل أو شرق المتوسط.

«علاقة ليبيا»

من جهته، أوضح مايكل لي، الذي خدم في المفوضية الأوروبية، أنه منذ عقد، كان السؤال هو ما إذا كانت اكتشافات الغاز ستساهم في تخطي الخلافات السياسية، أو أنها ستفاقم من الصراعات السياسية. والآن أصبح من الواضح أن الخيار الأخير هو الأصح، الصراع على الغاز غذى صراعات سياسية أخرى، وما يحدث هو بشكل كبير نتيجة الصراع حول ليبيا. 

ورأت «ذي إيكونومست»، أن تدخل أردوغان في ليبيا يكشف بوضوح التشابك بين الطاقة والأمن في المنطقة، مشيرة إلى أن ثمن مساعدة حكومة الوفاق الوطني في وقف تقدم قوات خليفة حفتر صوب العاصمة هو موافقة حكومة فائز السراج على صفقة بحرية تعزز مزاعم تركيا. 

وأردفت، أنه حدد الاتفاق الرفوف القارية الليبية والتركية الممتدة على البحر الأبيض المتوسط، متجاهلين وجود كريت ورودس، وقطع بشكل واضح مسار خط الأنابيب المقترح. وأثارت الصفقة غضب في اليونان، ودفعت اليونان ومصر، الداعمين لحفتر، لتوقيع اتفاقهما البحري الخاص. وقد ساهم ذلك في اندلاع الاشتباكات الأخيرة.

وأكدت الصحيفة في تقريرها، على أن كلا البلدين، اليونان وتركيا، لا تستطيعان تحمل مزيد من التصعيد في المنطقة، فكلاهما يعتمد على السواحل في السياحة التي تدر مليارات الدولارات سنويًا. فالحرب ستكون مكلفة لكليهما. 

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa