روسيا وتركيا تواصلان كسب مزيد من النفوذ في ليبيا

في ظل انشغال الغرب بمحاربة كورونا..
روسيا وتركيا تواصلان كسب مزيد من النفوذ في ليبيا

اتهمت صحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج الألمانية، كلًّا من تركيا وروسيا باستغلال الوقت لصالحهما في ما يتعلق بالملف الليبي، وذلك في استغلال واضح ومثمر لانشغال الغرب في محاربة جائحة كورونا، وقالت الصحيفة إنه بعد ما يقرب من عشر سنوات من الحرب الأهلية، اختلطت الثقة بالتشاؤم في ليبيا في نهاية العام، بالتزامن مع وفاء الأطراف المتحاربة بجزء هام من الاتفاقية الموقعة (قبل شهرين)، لوقف دائم لإطلاق النار وتبادل الأسرى لأول مرة.

ومع ذلك، فإن الجهات الفاعلة الخارجية (روسيا وتركيا)، توظفان وقف إطلاق النار لتعزيز نفوذهما، بينما ينصب اهتمام الغرب على أمور صحية لا علاقة لها بالملف الليبي الحساس، وهناك مخاوف متزايدة في ليبيا من احتمال تقسيم البلاد مثل السودان، حيث تدعم تركيا الحكومة في طرابلس غربي ليبيا وروسيا تدعم قائد الجيش الوطني، خليفة حفتر في بنغازي شرقي البلاد.

وجرى تبادل الأسرى في مدينة الشويرف في الصحراء الليبية، بيد أنه لم يتم الكشف عن التفاصيل، وفي اتفاق وقف إطلاق النار الدائم، الذي تم التوقيع عليه في جنيف في 23 أكتوبر بوساطة من الأمم المتحدة، اتفق الجانبان على تبادل جميع الأسرى، لكن لم يتم الكشف عن عدد الإفراج عنهم يوم الجمعة.

وزار وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قوات بلاده في غرب ليبيا، وقبل ذلك مباشرة، مدد البرلمان في أنقرة تفويض إرسال القوات، الذي وافق عليه لأول مرة في ديسمبر 2019، لمدة 18 شهرًا، وفي الوقت نفسه، تعمل روسيا على توسيع وجودها العسكري بهدف السيطرة على المحور الشمالي الجنوبي في وسط البلاد، والذي يمتد من مدينة سرت الساحلية إلى قاعدة الجفرة الجوية في الجنوب، حيث تتمركز طائرات مقاتلة روسية.

وكان الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار نجاحًا للأمم المتحدة وممثلها ستيفاني ويليامز، حيث تمكنت من تولي زمام العمل مرة أخرى، وتنص الاتفاقية على سحب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب في غضون ثلاثة أشهر، أي بحلول نهاية يناير، وكإجراء لبناء الثقة، تم استئناف الرحلات الجوية المجدولة بين طرابلس وبنغازي لأول مرة في أكتوبر، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قلل على الفور التوقعات وقال إن الاتفاق غير واقعي، وشكك في استمرار وقف إطلاق النار.

ويتهم الجانبان بعضهما بانتهاك وقف إطلاق النار، لكن دون اندلاع قتال كبير، بينما تقوم روسيا والإمارات العربية المتحدة بتوسيع قواعدهما حول الجفرة، من المفترض أن تتحرك قوات حكومة طرابلس المدعومة من تركيا جنوبًا على محور سرت، وبسبب توسع الوجود التركي والروسي، يمكن أن يندلع الصراع مرة أخرى في أي وقت، حسبما ترى مجموعة الأزمات الدولية.

ويحقق الشركاء المفاوضون أكبر تقدم في القضايا الاقتصادية، وفي 16 ديسمبر، التقى مجلس إدارة البنك المركزي لأول مرة منذ خمس سنوات بأعضاء من كل من طرابلس وبنغازي، واتفقا على تخفيض قيمة العملة الوطنية وخارطة طريق لتوحيد أسعار الصرف، ومع ذلك، فإن المحصلة ستكون مجرد اتفاق على استخدام عائدات صادرات النفط.

لكن أقل تقدم تم إحرازه في إيجاد حل سياسي، حيث إن ممثلي كلا المعسكرين، عبر وساطة الأمم المتحدة، وافقوا مرة أخرى على الانتخابات يوم 13 نوفمبر، والتي تم تأجيلها عدة مرات، ومن المقرر إجراؤها الآن في 24 ديسمبر 2021، لكن ليس هناك اتفاق حول مسألة أي حكومة مؤقتة يمكن أن تمثل البلد بأكمله، وقد قاطع عديد من المندوبين اجتماع "منتدى الحوار السياسي الليبي"، الذي كان من المقرر مناقشة تشكيل المجلس الرئاسي المؤلف من ثلاثة أعضاء، لدرجة أنه لم يتم عقده.

وهذا يدل مرة أخرى على أن الطبقة السياسية الجديدة في ليبيا أصبحت إحدى أكبر العقبات التي تواجه البلاد. الليبيون يرسمون بالفعل المقارنة مع العراق، حيث كانت الطبقة السياسية أيضًا معنية بالدرجة الأولى باستنزاف ونهب البلاد منذ سقوط صدام حسين، ويبدو المجتمع الدولي متهما بعدم إشراك القبائل المؤثرة وتنظيمها الشامل في العملية السياسية، على الرغم من أنها، أكثر بكثير من الميليشيات، وستكون قادرة على توحيد المجتمع الليبي.

ويظل المرشح القبلي المطروح هو سيف الإسلام القذافي، الابن الثاني للحاكم معمر القذافي الذي قتل عام 2011، وكان قد أعلن بالفعل عن ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2018، في السنوات الأخيرة من حكم والده، دعا إلى انفتاح البلاد ووضع دستور جديد، ودعا إلى الديمقراطية والبرلمان، وحصل على إطلاق سراح السجناء السياسيين وتأسيس صحف مستقلة.

وقد أصبحت مؤسسته أقرب لديوان المظالم الذي يمكن للمواطنين اللجوء إليه ويمكنهم من خلاله تقديم الشكاوى، ومع ذلك، فليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أن الانتخابات، التي تم تأجيلها عدة مرات، ستجرى أخيرًا في نهاية عام 2021.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa