قلعة مارد الأثرية.. تعرف على حصن الجوف المنيع

خطة لتأهيلها وتحويلها إلى مقصد سياحي..
قلعة مارد الأثرية.. تعرف على حصن الجوف المنيع

دفعت القيمة التاريخية والطراز العمراني الفريد لقلعة مارد في محافظة دومة الجندل بمنطقة الجوف، عددًا كبيرًا من السائحين والمؤرخين إلى زيارة الموقع في أزمان متقطعة؛ للتعرُّف على هذا الموقع التاريخي، الذي يُعد أبرز المواقع التاريخية بالمنطقة التي تزخر بالعديد من المواقع التي مرت بمختلف الحضارات البشرية.

وقال مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة الجوف ياسر إبراهيم العلي، في تصريحات صحفية، إنَّ قلعة مارد تعد معلمًا أثريًّا بارزًا بالمنطقة يقصدها الزوار بأعداد كبيرة، وقد أقيمت بالمنطقة التاريخية المحيطة بها العديد من الفعاليات التراثية والسياحية.

ونظّمت الهيئة مشروعًا لترميم القلعة وتأهيلها لتتحول بعد ذلك إلى مقصد للسُّيَّاح، إضافة إلى أعمال الصيانة الدورية للقلعة، بحسب العلي الذي بيَّن أنَّ المواقع الأثرية بالمنطقة تعني باهتمام ومتابعة أمير منطقة الجوف الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز، ونائبه الأمير عبدالعزيز بن فهد بن تركي، وكذلك دعم ومتابعة الرئيس العام لهيئة السياحة أحمد الخطيب، لافتًا إلى أنّ الهيئة أقامت سوقًا تراثية مؤخرًا ومطعمًا ومقهى تراثيًّا بمحيط القلعة ساهمت برفع الزيارات للموقع للتنزه بنكهة التاريخ وحياة من عاش فيها بالماضي في نزهة يحبها أبناء الوطن.

وتقع قلعة مارد في الطرف الجنوبي للبلدة القديمة بمحافظة دومة الجندل على تل مرتفع وتشرف على المدينة ويرتفع مستوى أرضيات القلعة عن مستوى مباني البلدة القديمة بنحو 25 مترًا تقريبًا، وتمثل حصنًا منيعًا أمام الأعداء.

ويعود تاريخ بناء القلعة إلى عدة قرون تسبق العصر الإسلامي وأقدم ذكر لها في القرن الثالث الميلادي، عندما غزت ملكة تَدْمُرَ «زنوبيا» دومة الجندل وتيماء، ولم تستطع اقتحام القلعة فقالت مقولتها الشهيرة «تمرّد مارد وعزّ الأبلق»، وكذلك تحدث ياقوت الحموي عن القلعة، وأفاد بأنَّ حصن دومة الجندل يسمى ماردًا، وأن المدينة سميت دومة الجندل؛ لأن حصنها شيد بحجر الجندل.

وكشفت الحفريات التي جرت على الجزء الأسفل من القلعة في 1976 عن بعض الخزفيات النبطية والرومانية التي ترجع إلى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، وفي كتابه في شمال غرب الجزيرة العربية قال العلامة حمد الجاسر عن قلعة مارد: «لقد تجوّلت بكل ما يحيط بالحصن من بنايات فشاهدت أنَّ هذا الحصن يقع على جبل أو تل صخري، بمعنى أصح يطل على الجوف من الجهة الغربية ممتدًا نحو الشرق؛ حيث تقع شرقه وشماله أرض منخفضة تنتشر فيها بساتين البلد وبعض قصوره القديمة التي تقع بجوار الصحن، ويسيطر الحصن على الأمكنة الواقعة حول الجوف، بحيث يشاهده كل من يقدم إليه من أي جهة من مسافات بعيدة، والحصن مرتفع ارتفاعًا شاهقًا وهو مبني من الصخر القوي».

فيما يذكر عبدالله التميم في كتابه «صور تاريخية عن حضارة الجوف»: «عصر بناء قلعة مارد هو عصر حياة أمة تتصف بقوة جبارة، وقد يكون لثمود قوم صالح عليه السلام يدٌ في بناء بعض منه، والحصن مكون من أبنية وقلاع وحصون، وشيدت أبراج المراقبة على امتداد الحصن من قطع حجرية صُلْبة تستطيع الاحتفاظ بلونها الأحمر الفاتح لأزمنة طويلة من دون أن ينالها أي تغيير».

ويضيف: «المنطقة كانت محصنةً بسور من الحجر لصد هجمات الغزاة، والدخول إليها يكون من طريق مدخليها الرئيسيين، أحدهما قرب الحصن في الجنوب، والآخر من جانب البرج في الشمال، ولهما بابان قويان أقفالهما حديد وشدت حولهما سلاسل حديد، وتعلو أسوار قلعة مارد بيوت المنطقة التاريخية بدومة الجندل، لتشكل منظرًا جماليًّا يحلو للكثيرين تصويره خاصة وقت الغروب، كما أن من يصعد أعلى القلعة فإنه يشاهد المدينة من جميع الجهات».

وقلعة مارد التي أقيمت على هضبة صخرية ارتفاعها 620 مترًا فوق سطح البحر؛ حيث كان اختيار مصمم البناء للهضبة الصخرية المقام عليها الحصن اختيار موفق من الناحية الاستراتيجية ذلك أنّ المطل من أعلى الحصن يستطيع أن يشرف على المنطقة المحيطة به، ويرى كل من يقدم إلى البلدة من مسافات شاسعة، أمّا من حيث تخطيطه فهو غير منتظم فطوله من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي حوالي 43 مترًا وعرضه من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي حوالي 28 مترًا.

ويحيط بهذا الحصن، ممر مكشوف من جميع الجهات عدا الجهات الشمالية الغربية وطول هذا الممر حوالي 48 مترًا وعرضه يتراوح ما بين 1.10 و5.50 متر، وهذا الممر يربط بين الجدران الخارجية والداخلية للحصن، وتوجد في نهاية الممر بالجهة الشرقية منه بئر بعمق 34 مترًا تقريبًا قطرها حوالي 70 سم، وهو مبنى بالحجارة ويصعد إلى هذا الجهة الشرقية بواسطة درج متهدم لم يتبقَ منه سوى أربع درجات.

كما توجد بالحصن أربعة أبراج مخروطية الشكل في جهاته الأربع، وبفناء الحصن مجموعة من الغرف الطينية تقع في الجهة الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية التي استخدم في بنائها اللّبِن، وهي من المباني المضافة، وفي الجهة الشمالية الغربية يوجد مبنى من الحجر مكون من دورين والحصن مبني من الحجر «الجندل».

أمّا المباني الطينية في الأجزاء العلوية منه سواء على الجدران الداخلية أو الخارجية أو الأبراج فهي من المباني المضافة إلى القلعة، شيدت الواجهة الشمالية الغربية من الحجر، ويبلغ ارتفاعها حوالي 21 مترًا، وتعد هذه الواجهة من الأجزاء الأصلية في القلعة، كما تعد أعلى جدران الحصن ارتفاعًا، وتوجد في الجزء الغربي منها أربع فتحات مستطيلة الشكل على مستويين سفلي وعلوي، ويبلغ سمك جدار الواجهة الغربية ما بين 70 و109 سم، ومادة ربط الأحجار هي الطفلة والجير، وتوجد فتحة أسفل هذا الجزء على ما يبدو أنّها لتصريف المياه.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa