هل يسير الاقتصاد الأمريكي نحو تباطؤ جديد؟

وسط عوامل ضعف الإنتاج والنمو...
هل يسير الاقتصاد الأمريكي نحو تباطؤ جديد؟

بينما يحتفل المستثمرون بالذكرى السنوية العاشرة للسوق الأمريكية الصاعدة التي بدأت في مارس 2009، بدأ في الأفق علامات أولية على الضعف الاقتصادي الأمريكي في الوقت الحالي، مع انخفاض نمو إجمالي الناتج المحلي في الربع الرابع من العام الماضي.

وتصاعد الحديث عن الركود في الأسابيع القليلة الماضية؛ حيث أرسلت التطورات في مارس إشارات سلبية إلى حدوث انخفاض محتمل.

وأحد أهم العوامل التي أسهمت في تباطؤ النمو الأمريكي ارتفاع أسعار الفائدة لأربعة مرات على التوالي من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في عام 2018، مما أدى إلى استمرار تشديد الظروف المالية.

واختار الاحتياطي الفيدرالي اتخاذ موقف أكثر صبرًا في السياسة من خلال الحفاظ على سعر الفائدة دون تغيير خلال اجتماعي السياسة المنعقدين خلال العام الجاري.

ضعف الإنتاجية

انخفض الإنتاج الصناعي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري للمرة الأولى منذ الربع الثالث من عام 2017، مما يُشير إلى أن النمو الاقتصادي أضعف من توقعات بعض الاقتصاديين.
وتراجع إجمالي الإنتاج الصناعي بنسبة 0.1٪ في مارس الماضي، بعد ارتفاعه بنسبة 0.1٪ في فبراير. وتراجع الإنتاج الصناعي بمعدل سنوي 0.3٪، بعد ارتفاعه بنسبة 4٪ في الربع الرابع من عام 2018.

وقال الخبير الاقتصادي في ناتيكسيس، جوزيف لافورجنا، إن مؤشر الإنتاج الصناعي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي، مُضيفًا: «بالنسبة لي، تشير بيانات الإنتاج إلى احتمال وجود مخاطر سلبية على الربع الأول أكثر مما يعتقد الناس في الوقت الحالي».

وقال كريس روبكي ، كبير الاقتصاديين في MUFG: «ما زلنا نتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الأول إلى 1.5٪، ولكن معظم الزيادة ستأتي من تراكم مؤقت للمخزونات بدلًا من المصانع التي تنتج المزيد من السلع».

ويقول اقتصاديون في شركة ويلز فارجو للأوراق المالية: «بينما يجب أن يكون أداء الاقتصاد أفضل في الربع الثاني، مقارنةً بالربع الأول؛ بسبب التحيز الموسمي، يبقى من غير الواضح أن نمو الناتج المحلي الإجمالي سيكون قويًّا، بعد أن كان الإنفاق الاستهلاكي متواضعًا في أحسن الأحوال، ولم يكن هناك دليل يُذْكَرُ يشير إلى زيادة في الإنفاق الرأسمالي. وبالتالي، نحن أقل تفاؤلًا بشأن الأداء الاقتصادي للنصف الأول».

تحديات تُنذر بالركود

وتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير «التوقعات الاقتصادية العالمية (WEO)» الصادر في 9 أبريل الجاري، تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي إلى 2.3% خلال العام الجاري بسبب تراجع «التحفيز المالي»، أي بانخفاض 0.2% مقارنة بتقدير صندوق النقد الدولي لشهر يناير الماضي- مُشيرًا إلى مزيد من التباطؤ إلى 1.9% في عام 2020.

ويقول الصندوق: «إن المراجعة الهبوطية لنمو 2019 تعكس تأثير الإغلاق الحكومي وانخفاض الإنفاق المالي إلى حد ما عما كان متوقعًا في السابق. وعلى الرغم من التباطؤ، يرى الصندوق أن وتيرة التوسع لعام 2019 تفوق معدل النمو المحتمل للاقتصاد الأمريكي، مضيفًا أن نمو الطلب المحلي القوي سيدعم زيادة الواردات ويسهم في توسيع العجز في الحساب الجاري.

وهناك خطر محتمل آخر يمثل تحديًا لاستدامة الاقتصاد الأمريكي وهو عجز الموازنة الفيدرالية المتضخم في البلاد. فوفقًا لتقرير وزارة الخزانة الشهري الصادر عن وزارة الخزانة، والذي صدر في 10 أبريل الجاري، بلغ العجز في السنة المالية الحالية حتى الآن 691 مليار دولار، ارتفاعًا من حوالي 600 مليار دولار في عام 2018. وتتوقع الوزارة أن يتجاوز العجز تريليون دولار بنهاية السنة المالية في 30 سبتمبر المُقبل.

علاوة على ذلك، فإن ضعف مبيعات التجزئة وتراجع الثقة في العمل هما من بين العوامل المؤثرة في التوسع الاقتصادي؛ حيث أظهرت بيانات وزارة التجارة، الصادرة في الأول أبريل الجاري، أن مبيعات التجزئة انخفضت بنسبة 0.2% في فبراير مقارنةً بيناير السابق إلى 506 مليارات دولار أمريكي.

كذلك انخفض مؤشر الرؤساء التنفيذيين للتوقعات الاقتصادية للربع الأول من عام 2019، وهو مقياس لثقة الأعمال لدى الشركات الأمريكية الكبرى التي تصدر كل ثلاثة أشهر بواسطة مائدة الأعمال المستديرة في واشنطن، إلى 95.2، بانخفاض 9.2 نقاط عن الربع السابق. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت خطط الرئيس التنفيذي للتوظيف 11.3 نقطة إلى 80.4، وتراجعت خطط استثمار رأس المال 6.9 نقاط إلى 91، وتراجعت توقعات المبيعات 9.6 نقاط إلى 114 نقطة.

تأثيرات سلبية للحرب التجارية

وتتأثر الولايات المتحدة كثيرًا من المعركة التجارية مع الصين. وضربت الحرب التجارية بالفعل العديد من القطاعات الهشة في الولايات المتحدة مثل المنتجات الزراعية. وكانت الصين، حتى وقت قريب، أكبر مُشترٍ لفول الصويا من أمريكا، لكن المبيعات من سبتمبر إلى فبراير الماضي، انخفضت بنحو الثلثين إلى تسعة ملايين طن.

ويُقدر أحد المزارعين الذين يزرعون فول الصويا والذرة، الذين يستخدمون المواد الكيميائية المستوردة من الصين وغيرها من المنتجات التي تخضع أيضًا للتعريفة وترفع التكاليف، عوائده بثلث ما كانوا عليه من قبل. 

ويقول خبراء اقتصاديون ومؤسسات فكرية إن الولايات المتحدة تأثرت بصورة أكبر من المعارك التجارية أكثر من الصينيين. ووفقًا لمعهد التمويل الدولي (IIF)، تصدر الولايات المتحدة ما قيمته حوالي 130 مليار دولار من البضائع إلى الصين، ويمكن أن ينخفض هذا بمقدار مذهل قدره 40 مليار دولار في عام واحد.

كذلك تضررت صناعات التكنولوجيا المتقدمة أيضًا لأن الصين تستورد ما قيمته 7 مليارات دولار من أشباه الموصلات، من بين منتجات أخرى من الولايات المُتحدة، بعد أن اشتملت الحرب التجارية بين الدولتين.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa