باحث أكاديمي يحلل ظاهرة الانتحار وكيفية الحد من انتشارها بين الشباب

الأسرة تلعب الدور الرئيس في حماية الأطفال..
باحث أكاديمي يحلل ظاهرة الانتحار وكيفية الحد من انتشارها بين الشباب

أكد الباحث الأكاديمي المتخصص في القضايا الاجتماعية خالد الدوس، أن الاهتمام بالنسيج الأسري يحد من انتشار فكرة الانتحار، مطالبًا المؤسسات التعليمية والدينية، بحماية عقول الشباب من العديد من الأفكار الهدامة والآراء المنحرفة التي تهدد الفرد والأسرة والمجتمع.

وتعليقًا على محاولة انتحار شاب في الرياض أمس الاثنين، قال الدوس، لـ«عاجل»، اليوم الثلاثاء، إن المجتمع السعودي كسائر المجتمعات الأخرى، يشهد في واقعه المعاصر محاولات للانتحار، إذ لا يكاد يمر شهر من دون أن نسمع خبرًا هنا أوهناك عن محاولة انتحار، وهذه لا شك لها دوافع ومسببات قد تكون اجتماعية أو نفسية أو اقتصادية، أو نتيجة لضعف الوازع الديني والفراغ الروحي، أو بسبب تعاطي المخدرات وإدمانها.

وطالب الباحث الأكاديمي بالحد من انتشار السلوك الانتحاري في المجتمع السعودي المحافظ، من خلال الاهتمام بالنسيج الأسري وتعميق دوره الوظيفي والبنائي، خاصة أن الأسرة تعد من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية الأبناء وتنشئتهم التنشئة الروحية والسلوكية والفكرية والأخلاقية والنفسية والدينية السليمة.

وتابع أن للمؤسسات التعليمية والإعلامية والدينية والأمنية دورًا تربويًا وتنويريًا وإرشاديًا أيضًا، في رفع سقف الوعي المجتمعي, وبالتالي حماية عقول الشباب من العديد من الأفكار الهدامة والآراء المنحرفة التي تهدد الفرد والأسرة والمجتمع.

وأوضح الدوس، أنه حسب معطيات علم الاجتماع، فإن الانتحار يعد من أخطر الظواهر التي أبرزها الواقع الاجتماعي، واستفحلت في كثير من المجمعات البشرية المعاصرة.

وأضاف أنه طبقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، فكل 40 ثانية تقع حالة انتحار في العالم، أي ما يقارب من 800 ألف حالة انتحار سنويًا، وأكثرها يحدث في المجتمعات متوسطة الدخل والدول الفقيرة، لذلك يصنف الانتحار بأنه ثاني مسبب للوفاة، بالنسبة للفئة العمرية 15-29 عامًا، مشيرًا إلى أن أكثر الطرق الشائعة للانتحار عالميًا هي تناول المبيدات والشنق واستخدام الأسلحة النارية والسقوط من الأماكن المرتفعة.

وقال الباحث الاكاديمي، إن الانتحار، وكما عرّفه الأب الثالث لعلم الاجتماع العالم الفرنسي أميل دوركهايم، هو «جميع حالات الموت التي ترجع بصورة مباشرة أو غير مباشرة لفعل سلبي أو إيجابي قام به الشخص المنتحر نفسه وهو يعلم بأنه سيؤدي إلى هذه النتيجة», وقد اعتبرت الشريعة الإسلامية أن الانتحار كباقي الأعمال الإجرامية الأخرى التي نهي عنها، وحرمت في ديننا الإسلامي، فهو أعظم الجرائم وأخطرها، لذلك صنفت جريمة «قتل النفس» من بين الكبائر.

وأضاف أن حياه الإنسان وديعة عنده استودعه الله إياها فليست ملكاً له، فهو لم يخلق نفسه، لذلك لا يجوز له التفريط فيها، فكيف الاعتداء عليها والتخلص منها!! ولخطورة الانتحار فقد حظيت هذه الظاهرة النفسية الاجتماعية باهتمام لدى علم الاجتماع، وكان عالم الاجتماع «دوركهايم» أول من صاغ النظرية السوسيولوجية عام 1897م من خلال كتابه المشهور «الانتحار»، وتضمن دراسة تحليلية لهذا السلوك الإجرامي في علم الاجتماع, حيث قام بدراسة ظاهرة الانتحار على أساس منهجي مغاير لمنهج مدرسة الطب العقلي وعلم النفس الفردي، وقدم نظرية عامة في «التضامن الاجتماعي»، أكد فيها أن هناك ارتباطًا وثيقًا وصلة واضحة بين مشكلة الانتحار والتماسك الأسري وروابطه الاجتماعية التي تضمن تماسك المجتمع.

كما وضع عالم الاجتماع «دوركهايم», عددًا من الارتباطات بين معدلات الانتحار وبين بعض القيم والعناصر الاجتماعية والثقافية في المجتمع، ويرى أن التنظيم الاجتماعي كالأسرة وبيئات اجتماعية أخرى يرتبط فيها الفرد «فيزيقيًا وعاطفيًا ونفسيًا» لها علاقة مباشرة في جريمة الانتحار، فكلما زاد التضامن الأسري والتماسك الاجتماعي وجد الفرد معنى لحياته, وبالتالي تقل احتماليته للانتحار, وبالمقابل يزداد الانتحار بانخفاض التضامن الأسري وبكبر حجم الأسرة, وبكثافة التفاعلات الاجتماعية المتبادلة وتكسّر الروابط الاجتماعية، وهنا يكشف لنا رائد علم الاجتماع «دوركهايم» أهمية العوامل الاجتماعية ومدى علاقتها المباشرة بجريمة الانتحار ومثالبها.

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي تداولت أمس الاثنين، مقطعًا مصورًا لمحاولة انتحار أحد الشباب والذي يبلغ من العمر 22 عامًا من أعلى جسر في ميدان القاهرة وسط مدينة الرياض، وإيذاء نفسه بعد أن اعتلى الحاجز الحديدي وقفز بمنتصف الطريق على إحدى المركبات أثناء سيرها، وأصيب بكسر في قدمه اليمنى.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa