«عاجل» ترصد خريطة الدعم اللوجستي الإيراني للإرهاب وميليشياته

العرب يرفعون غصن الزيتون و«الحرس الثوري» يحاول حرق المنطقة
«عاجل» ترصد خريطة الدعم اللوجستي الإيراني للإرهاب وميليشياته

قبل القمم «العربية والإسلامية والخليجية» التى تستضيفها مكة المكرمة، اليوم الخميس وغدًا الجمعة؛ سلطت مقررات عربية سابقة (على مستويات: القمة، ووزراء الخارجية، والمندوبين الدائمين) الضوء على التحركات الإيرانية المشبوهة التي يقودها الحرس الثوري في الجوار العربي، بالتزامن مع منعطفات خطرة تمر بها المنطقة، من جراء الظروف والمتغيرات المتسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية. ونبهت المقررات الصادرة عن المستويات الثلاث إلى أن دول المنطقة «تدرك ما يحاك ضدها من مخططات تهدف إلى التدخل في شؤونها الداخلية وزعزعة أمنها والتحكم في مصيرها».

وتتواصل التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، عبر زعزعة الأمن، من خلال ما تقوم به من تأجيج مذهبي وطائفي، ودعمها وتسليحها الميليشيات الإرهابية في عدد من الدول؛ ما يمثل انتهاكًا لمبادئ حسن الجوار ولقواعد العلاقات الدولية ولمبادئ القانون الدولي ولميثاق منظمة الأمم المتحدة. وفي المقابل، تدعو الدول العربية إيران إلى سحب ميليشياتها وعناصرها المسلحة التابعة لها، وتتمسك الأطراف العربية بالمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية، وأن تكون علاقاتها بالدول الأخرى مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون الإيجابي، بما يكفل إرساء دعائم الأمن والسلام والاستقرار ودفع عملية التنمية.

غير أن تحركات إيران المشبوهة تكشف عن العلاقة العضوية التى تربطها بعشرات الميليشيات المسلحة في الجوار العربي، وتؤكد في الوقت نفسه أن مَنْ في المنطقة من قوات «الحرس الثوري»، ليسوا مجرد «مستشارين لنقل التجارب والخبرات الدفاعية»، كما تزعم طهران في خطابها السياسي والإعلامي. وفي ظل الدور المشبوه الذي تلعبه إيران في العراق وسوريا ولبنان، في اليمن (جماعة الحوثي الانقلابية) –وهو الأخطر- تتبدى رغبة طهران التوسعية التي تتم بالتنسيق (المباشر، وغير المباشر)، مع أطراف أخرى (قطر، وتركيا) وكل من تتلاقى مصالحهم الضيقة معها.

وتعتمد استراتيجية إيران التى ينفِّذها رجلها القوي في إدارة العمليات الخارجية (العسكرية والأمنية والاستخباراتية) الإرهابي قاسم سليماني، على الاستعانة بحلفاء إقليميين، ينتمون إلى بيئتهم الجغرافية والثقافية، حتى تكون لديهم القدرة على تنفيذ ما يُطلب منهم من عمليات إجرامية، وتكلف قيادة قوات الحرس الثوري (عبر قاسم سليماني ومساعديه) الميليشيات التابعة لها في المنطقة بأعمال عسكرية أمنية في مناطق وجودهم بعد تلقي الخبرات التدريبية والدعمين (المالي والتسليحي)؛ لتهديد استقرار الدول المستهدفة، والضغط على القوى الدولية للحصول على مكتسبات.

ويتولى سليماني (بأمر مباشر من علي خامنئي)، مسؤوليةَ تنسيق الدور الإيراني في «لبنان، والعراق، وأفغانستان، وفلسطين، واليمن، وليبيا، والسودان»، كما أُوكلت إليه منذ منتصف عام 2010 مسؤولية التنسيق المباشر وغير المباشر (عبر منظمات وحركات فلسطينية)، مع عناصر تكفيرية. ويتعاون سليماني في هذا الشأن مع صديقه المقرب حسين حمداني (نائب القائد السابق لقوات الباسيج خبير إدارة عمليات الميليشيات والمنظمات)، بجانب قائد آخر هو الجنرال «يد الله جفاني» في التخطيط والتوجيه وتحديد حجم الدعم للميليشيات التابعة.

ويتبع «فيلق القدس»، الذي يتولاه قاسم سليماني، قوات الحرس الثوري الإيراني (الباسداران)، وهي الميليشيا الدينية التي تضم أيضًا قوات التعبئة العامة (الباسيج)، المجهّزة بقوات برية وبحرية وجوية واستخبارات الخاصة به، علاوة على ذلك، هناك القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني (90 ألف عنصر مقاتل، ونحو 300 ألف جندي احتياط)، معظم عناصرها يستخدمون واجهة مدنية لتحركاتهم داخل وخارج إيران، عبر أنشطة مدنية وتجارية.

ويوجِّه «فيلق القدس» موازنته الضخمة لدعم العمليات والأنشطة الضخمة لإيران في المنطقة وخارجها، وسط معارضة (تقمعها إيران) ضد تدخلات الحرس الثوري في الجوار؛ لكونه يكبد الاقتصاد الإيراني شهريًّا أكثر من مليار دولار. ويُعَدُّ فيلق القدس بمنزلة الميليشيا وجهاز الاستخبارات الأهم داخل منظومة الحرس الثوري. وفيما يرفع شعار «تحرير فلسطين»، فإن له دورًا مشبوهًا يقوم به منذ سنوات، لا سيما الفترة التي تزامنت مع موجة ما يسمى بـ«الربيع العربي».

وكشفت العديد من المعلومات والتقارير العربية والغربية عن حقيقة الدور الذي تلعبه قوات «فيلق القدس» في المنطقة العربية، من «جمع المعلومات، وتنفيذ عمليات خاصة، وتهريب الأسلحة، ودعم أنشطة سياسية لتمدد النفوذ الإيراني». ومع أن قوات «فيلق القدس» تأسست مطلع الثمانينيات خلال الحرب الإيرانية مع العراق لدعم الأكراد في مواجهة الرئيس الراحل صدام حسين، فقد تولت لاحقًا المهام السرية الخارجية الموكلة لقوات الحرس الثوري الإيراني.

ورغم أنه يُعَدُّ من الناحية التنظيمية جزءًا من القوات المسلحة، لكن قوات الحرس الثوري (وفيلق القدس) تتمتع بقيادة مستقلة تتلقى أوامرها من المرشد الإيراني علي خامنئي، يحدث هذا رغم تتابع عدة أسماء على قيادات الميليشيات الأضخم في إيران (محسن رضوى - يحيى رحيم صفوي - اللواء محمد على جعفري - حسين سلامي). ويحافظ «فيلق القدس» على خصوصيته في تركيبة الحكم الإيرانية، مدعومًا بصلاحيات واسعة، لا سيما أن أبرز قادته السابقين يتحكمون بمفاصل الدولة، فيما تتكفل أنشطته الاقتصادية التي تُقدَّر بمليارات الدولارات (مجالات النفط والغاز والبنية التحتية وقطاعات إنتاجية وخدمية) بالهيمنة على الداخل الإيراني.

واستغلَّت أجواء الانفلات الأمني عقب ما يُعرف بـ«ثورات الربيع العربي» (عسكريًّا، وأمنيًّا، واستخباريًّا)، بعدما بادرت قوات «فيلق القدس» إلى تنفيذ عمليات ممنهجة في الدول المستهدفة، أخطرها محاولة إسقاط اليمن في قبضة الحوثيين، قبل تدخل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، كما أنها عقب انهيار نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا نجحت في الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة (أهمها صواريخ أرض-جو إس إيه-2 روسية الصنع)، من ترسانات السلاح الليبية وتهريبها عبر الحدود الليبية.

وتم نقل هذه الشحنات إلى قاعدة عسكرية بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور السودانية (ضمن اتفاق ضمني)، وقد ذهب بعض هذا السلاح إلى جماعات إرهابية (وتكفيرية)، في مصر، ومنظمات جهادية في فلسطين. وعملت إيران على تغيير عقيدة منظمات وفصائل جهادية في فلسطين، لتتحول هذه المنظمات والحركات من مواجهة المحتل الصهيوني إلى مواجهة الداخل العربي (الوقائع في مصر وسوريا نموذجًا)، خاصة خلال السنوات العشرة الأخيرة.

ويتم هذا بتعاون كامل بين فيلق القدس ووزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية (16 جهازًا للأمن والاستخبارات تتبع وزارة الاستخبارات واستخبارات الحرس الثوري ومخابرات الجيش واستخبارات الشرطة). وتعمل هذه الأجهزة تحت إشراف مجلس تنسيق المعلومات (أعلى هيئة استخبارية في إيران). وفيما يرأس هذه الهيئة وزير الاستخبارات، فإن الوزارة تدعم أجهزة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني، لا سيما «مكتب التضليل» المعني بشن حرب نفسية ضد أعداء إيران، وكذلك فيلق القدس الذي يدير العمليات الخارجية.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa