الخبراء يجيبون عن السؤال المثير: لماذا نثق في الغرباء؟

رغم مخالفة ذلك لقناعة البعض..
الخبراء يجيبون عن السؤال المثير: لماذا نثق في الغرباء؟

الثقة في الغرباء جزء لا يتجزأ من المجتمع الحديث، عندما تطلب الطعام في أحد المطاعم، فأنت واثق من أن مسؤول المطعم سوف يقدم لك طعامًا آمنًا لتناوله، وفي الوقت نفسه يثق الأخير بأنك ستدفع الحساب عندما تنتهي، وبالمثل يثق صاحب المطعم في أن هذا المسؤول سيعمل في الوقت المحدد، ويثق المسؤول بأن صاحب المطعم سيدفع له راتبه في نهاية الشهر، ودون استعداد عام لتوسيع ثقتنا بأشخاص لا نعرفهم جيدًا، فإن عالمنا الحديث سينهار.

ووفقًا لنموذج الاقتصاديين، يجب أن تثق بشخص ما فقط إلى الحد الذي يمكنك من خلاله إجباره على متابعة وعده، وهذا النموذج يشكل الدافع لقانون العقود ودور الحكومة في إنفاذ الاتفاقيات، وعلى الرغم من أننا قد نوقع عقودًا للمعاملات التجارية الكبرى، فإننا نعتمد في معظم الحالات اليومية على الثقة غير المضمونة، فنحن نثق في الحلاقين والسباكين لتقديم الخدمات التي نطلبها، وهم يثقون في أننا ندفع لهم أجورهم عند انتهاء المهمة، وفي حالات معينة فقط نتصرف وفقًا لنموذج الاقتصاديين، على سبيل المثال في مطاعم الوجبات السريعة من المتوقع أن ندفع أولًا قبل أن نتناول وجبتنا، وعلى الرغم من أن الناس نادرًا ما يتبعون هذا النموذج في الحياة الواقعية، إلا أنهم يفعلون ذلك بشكل عام في المواقف الافتراضية، فعندما تسأل مثلًا البعض في سيناريوهات وهمية يحتاجون فيها إلى تقرير ما إذا كانوا يثقون في شخص غريب أم لا، سيختار هؤلاء عدم الثقة في الشخص الآخر، لأن من مصلحتهم القصوى الاستفادة من هذا الشخص في هذا التوقيت، وعندما يواجهون مواقف حقيقية يمكنهم فيها اختيار ما إذا كانوا يثقون بشخص آخر أم لا، فإنهم يتجاهلون معرفتهم بأن الغرباء لا يمكن الوثوق بهم.

وقد حاول الباحثون في علم النفس بجامعة ميشيجان تقديم إجابة على هذا السؤال: لماذا يثق الناس بالغرباء؟ وخلال دراستهم وضعوا أكثر من تفسير من الناحية النفسية، التفسير الأول تعلق بعلاقة الإيثار، والقيام بشيء يفيد شخصًا آخر على حساب نفسك، وحسب هذا التفسير فإن الناس قادرون على الانخراط في أعمال الإيثار، فنحن نتطوع بوقتنا ونتبرع للجمعيات الخيرية، وقد يكون لدينا ميل متطور نحو مساعدة الآخرين المحتاجين، لأن القيام بذلك يجعلنا نشعر بالراحة، وهذا يعني أننا نتحمل مخاطر فقدان كل ما لدينا على أمل أن يستفيد كل منا.

أما التفسير الثاني فله علاقة بالسمعة العامة، فغالبًا ما يُظهر الناس كرمًا علنيًا لتعزيز مكانتهم الاجتماعية، يتبرع المتبرعون بمبالغ كبيرة للمستشفيات والجامعات، وفي المقابل يحصلون على اسمهم في مبنى، وفي العلاقات المستمرة مع أشخاص آخرين، فإن سمعتنا هي كل ما يجب علينا أن نُظهره لثقتنا، أي أننا نتحمل المخاطر للتعاون في لعبة الثقة؛ حتى عندما لا ينطوي هذا الخطر على فوائد اجتماعية واضحة.

على عكس التفسيرات القياسية، يجادل أصحاب هذا البحث بأن الناس يتعاونون في هذا الإطار (لعبة الثقة)؛ لأنهم يعتقدون أن هذا ما يفترض أن يفعلوه، بمعنى أنهم يتبعون القواعد الاجتماعية التي تنص على وجوب الوثوق بشخص آخر؛ ما لم يكن لديك سبب واضح لعدم القيام بذلك، وعلى الرغم من أنهم يعتقدون أنه قد تكون هناك فرصة للخيانة، وفي الأدغال الخرسانية التي نعيش فيها اليوم، معظم الأشخاص الذين نتفاعل معهم هم غرباء، ومع ذلك لكي يعمل المجتمع، علينا أن نثق في أن هؤلاء الغرباء، ويتعلق الأمر بالاستسلام للقواعد الاجتماعية البسيطة التي تجعل العالم الحديث يستمر.
 

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa