قالت وكالة الأنباء الألمانية، إن وزارة الخارجية التركية استدعت السفير الأمريكي لدى أنقرة، اليوم الأربعاء، على خلفية موافقة مجلس النواب الأمريكي، أمس الثلاثاء، على قرارات تتعلق بفرض عقوبات على أنقرة والاعتراف بإبادة الأرمن، من خلال المجازر الضخمة التي ارتكبها الجيش التركي قبل عقود.
بدوره، قال الرئيس التركي رجب أردوغان، اليوم الأربعاء، إن «البرلمان التركي سيرد على قراري مجلس النواب الأمريكي بالاعتراف بقتل الأرمن؛ بوصفه إبادة جماعية والدعوة إلى فرض عقوبات على تركيا؛ بسبب عمليتها العسكرية في سوريا»، زاعمًا أن «تركيا لا تعترف بالقرار، وأنه بلا قيمة بالنسبة لنا...».
وحاول وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، المكابرة بعد التحرك الأمريكي، زاعمًا أن تصويت مجلس النواب الأمريكي لصالح قرار يعتبر القتل الجماعي للأرمن قبل قرن من الزمان إبادة جماعية بلا قيمة، وذلك بعد موافقة أغلبية المجلس- 405 أعضاء مقابل رفض 11 عضوًا- على الاعتراف بالجرائم التركية ضد الأرمن، وهو وإن كان تصويتًا رمزيًا؛ لكن الدوائر الدبلوماسية الدولية وصفته بـ«التاريخي».
وقالت الخارجية التركية، إن «هذه الخطوة لا تتفق مع اتفاق الهدنة، الذي توصلت إليه أنقرة وواشنطن في 17 أكتوبر؛ بشأن وقف الهجوم التركي في شمال سوريا»، وحثَّت، حسب وكالة رويترز، الإدارة الأمريكية على اتخاذ إجراءات لتفادي الخطوات، التي من شأنها أن تلحق مزيدًا من الأضرار بالعلاقات الثنائية.
والإبادة الجماعية للأرمن، أو مذابح الأرمن تعرف باسم المحرقة الأرمنية أو المذبحة الأرمنية أو الجريمة الكبرى، وتشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل حكومة تركيا في الدولة العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل والترحيل القسري، وكانت عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين.
ويقدّر الباحثون أعداد الضحايا الأرمن بين مليون إلى 1.5 مليون شخص، معظمهم من المواطنين داخل الدولة العثمانية، وتاريخ الإبادة يبدأ تقليديًا في 24 أبريل من عام 1915، وهو اليوم الذي اعتقلت فيه السلطات العثمانية وقامت بترحيل بين 235 و270 من المثقفين وقادة المجتمع الأرمن من القسطنطينية «إسطنبول» إلى منطقة أنقرة، وقتل معظمهم في نهاية المطاف.
ونُفذت الإبادة الجماعية أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها، ونُفذت على مرحلتين- القتل الجماعي للذكور ذوي القدرة الجسديَّة من خلال المجزرة وتعريض المجندين بالجيش إلى السُخرة، ويليها ترحيل النساء والأطفال والمسنين والعجزة في مسيرات الموت المؤدية إلى الصحراء السورية.
وبعد أن تم ترحيلهم من قبل مرافقين عسكريين، تم حرمان المرُحلين من الطعام والماء وتعرضوا للسرقة الدورية والاغتصاب والمجازر. خلال هذه الفترة تم استهداف ومهاجمة وقتل مجموعات عرقية مسيحية أخرى، منها السريان والكلدان والآشوريون واليونانيون البنطيون وغيرهم، ويرى العديد من الباحثين أن هذه الأحداث عبارةٌ عن حدث واحد، وجزءٌ من نفس سياسية الإبادة، التي انتهجتها حكومة تركيا ضد طوائف مسيحية متنوعة.
من المعترف به على نطاق واسع، أن مذابح الأرمن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث، ويشير الباحثون بذلك إلى الطريقة المنهجية المنظمّة، التي نفَّذت من خلال عمليات قتل كان هدفها القضاء على الأرمن، وتعتبر مذبحة الأرمن ثاني أكبر قضية عن المذابح الجماعية بعد الهولوكوست.
توجد اليوم العديد من المنشآت التذكارية، التي تضم بعض رفات ضحايا المذابح، ويعتبر يوم 24 أبريل من كل عام ذكرى مذابح الأرمن، وهو نفس اليوم الذي يتم فيه تذكار المذابح الآشورية، وفيه تم اعتقال أكثر من 250 من أعيان الأرمن في إسطنبول. وبعد ذلك، طرد الجيش العثماني الأرمن من ديارهم، وأجبرهم على المسير لمئات الأميال إلى الصحراء وحدود سوريا الحالية، وحُرِمُوا من الغذاء والماء. اليوم أغلبية مجتمعات الشتات الأرمني هي نتيجة الإبادة الجماعية.