شكل انضمام بنك الكويت المركزي إلى بنك التسويات الدولي نجاحا جديدا يضاف إلى مسيرة البنك، وصوتا عربيا مشاركا في صنع القرار لرسم السياسات الرقابية العالمية وتحديد أطر الاستقرار النقدي العالمي وخاصة بعد التداعيات الاقتصادية الكبيرة التي فرضتها جائحة (كوفيد-19) على الاقتصاد العالمي عموما والدول العربية بوجه خاص.
وشارك بنك الكويت المركزي نهاية شهر يونيو الماضي في الاجتماع السنوي للجمعية العامة لبنك التسويات الدولي بعد أن وجّه الأخير دعوة لدولة الكويت للانضمام إليه، وهي أول دعوة تُوجّه بغرض زيادة عدد أعضائه منذ عام 2011 لتكون الكويت العضو رقم 63 مشاركةً بقية الأعضاء في وضع السياسات النقدية الدولية والأطر الإشرافية والرقابية.
ويعد بنك التسويات الدولي الذي تأسس قبل 91 عاما أعرق مؤسسة مالية دولية، إذ كانت مهمته حينها تسوية التعويضات المالية، وعقب التأسيس بمدة قصيرة ونتيجة لأزمة الكساد العظيم ركز بنك التسويات على التعاون في الجوانب الفنية بين البنوك المركزية لتوفير منصة لعقد لقاءات دورية بين تلك البنوك.
وفي أواخر الثلاثينيات مع ازدياد صعوبة التعاون الدولي نتيجة تصاعد التوترات السياسية والعسكرية أدى بنك التسويات دورا حيويا في نقل الذهب من أوروبا إلى مخازن آمنة في نيويورك، وكان ذلك في معظم الحالات لصالح البنوك المركزية إلا أنه في أعقاب الحرب العالمية الثانية توجهت الدول الأوروبية إليه ليؤدي دور الوكيل الفني لإقامة اتحاد المدفوعات الأوروبي.
ويمارس بنك التسويات الدولية اليوم عدة أدوار في الاقتصاد العالمي من بينها خدمة البنوك المركزية في سعيها لترسيخ الاستقرار النقدي والمالي، لا سيما أن المرحلة التي تبعت الحرب العالمية الثانية بدأ معها التفكير في إعادة هندسة النظام المالي العالمي، ونتيجة لذلك تأسس مجلس الاستقرار المالي العالمي للتنسيق بين عمل البنوك المركزية على المستوى الوطني وواضعي المعايير الدولية.
ويستفيد بنك الكويت المركزي من عضويته في بنك التسويات أن (بنك التسويات) يتبع لجنة بازل للرقابة المالية التي تتركز أعمالها على تطوير المعايير الرقابية العالمية وسياسات التحوط الكلي والجزئي لدى البنوك.
ويعمل المركزي الكويتي بموجب هذه العضوية مع عدد من مجموعات العمل واللجان العاملة في بنك التسويات الدولي لوضع المعايير والسعي للاستقرار المالي بما في ذلك لجنة بازل ومجلس الاستقرار العالمي ومعهد الاستقرار المالي فضلًا عن أن (المركزي) يشغل مقعدا في لجنة (إيرفنغ فيشر) المعنية بإحصاءات البنوك المركزية وشبكة حوكمة البنوك المركزية.
ويتعاون بنك الكويت المركزي مع بنك التسويات الدولية بأشكال عدة وبمستويات مختلفة من التمثيل، إذ شارك في عدة اجتماعات لمحافظي البنوك المركزية التي تهدف إلى التعاون والحوار الدوليين، إضافة إلى ذلك يشارك الشباب الكويتي العامل في بنك الكويت المركزي في اجتماعات وفرق عمل تحت مظلة شبكة الابتكار ومركز تنسيق المرونة السيبرانية.
وتبرز أهمية بنك التسويات الدولية في كونه منصة للتعاون الدولي وملتقى للبنوك المركزية والسلطات المالية في العالم، حيث تعود ملكيته للأعضاء الذين يتألفون من مجموعة من البنوك المركزية وتقوم هذه النخبة من البنوك المركزية بإجراء البحوث والتحاليل للسياسات النقدية والمالية فضلاً عن تطوير المعايير الرقابية والعالمية وسياسات التحوط الكلي والجزئي لدى البنوك.
وتضم عضوية بنك التسويات الدولية بنوكا مركزية من دول متقدمة ونامية تمثل 30% من دول العالم، وتشكل مجتمعة 95% من الناتج الإجمالي العالمي، ومن بين الأعضاء مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك الشعب الصيني وبنك اليابان والبنك المركزي الألماني وبنك الاحتياطي الهندي وبنك إنجلترا.
وكان محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل صرح بعد مشاركة (المركزي) في الاجتماع السنوي للجمعية العامة الـ91 لبنك التسويات الدولية الذي عُقد في 29 يونيو الماضي أن العضوية في بنك التسويات الدولية تتماشى مع هدف (المركزي) المتمثل في تعزيز العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية وكذلك تعزيز دوره في تطوير السياسات المالية والتحوطية.
وبيّن الهاشل أن بنك التسويات يوفر حيّزا لهذه البنوك للحوار وللتعاون الدولي الموسع الرامي إلى ترسيخ الاستقرار النقدي والمالي على المستوى الدولي، في حين يوفر التعاون مع هذه البنوك منصة للابتكار المسؤول وللمشاركة بالمعرفة وكذلك للتحليل العميق والتبصر حول قضايا السياسات النقدية والرقابية المحورية.