تُوّجت السعودية نفسها كأفضل لاعب في سوق النفط العالمي خلال 2020 مع سياسة نفطية نجحت في مجملها في ضبط السوق واستقرار الأسعار على الرغم من التقلبات الحادة التي شهدتها أسواق النفط العالمية خلال العام الجاري، بفعل تبعات جائحة كورونا واختلال التوازن بين العرض والطلب.
ونجحت المملكة في فرض كلمتها في السوق خلال العام الجاري ليس فقط من خلال قدرتها على إعادة التوازن إلى السوق ولكن من خلال إدخالها مزيدًا من الديناميكية إلى استراتيجيات الإمدادات التابعة لمنظمة أوبك بحسب صحيفة «فايننشال تايمز».
وذكر المقال الذي نشرته الصحيفة للخبير النفطي إيليا بوشيف، الرئيس السابق لكوش غلوبال للأبحاث أن التحول كان دقيقًا ولكنه رائع، فمن خلال تبني الاجتماعات الافتراضية للمنظمة جعل السوق دائمًا في حالة من التكهن.
وتابع لقد أثبتت الاستراتيجية فعاليتها أيضًا مع المنافسين الذين يسعون للتخطيط مبكرًا، كل تلك الأمور أعطت السعودية المزيد من الخيارات والميزة التنافسية كأحد أكبر منتجي النفط رخيص التكلفة في العالم.
وانتقل المقال للحديث حول سياسة السعودية حيال معاقبة المقامرين في أسواق النفط العالمية في إشارة إلى تصريحات وزير الطاقة السعودي الذي تعهد في وقت سابق من الشهر الجاري بجعل المقامرين في السوق «يتألمون كما لو أنهم في الجحيم».
ويقول الكاتب «العالم يستهلك نحو 100 مليون برميل من النفط يوميًا تُصدر من الدول المنتجة فيما يتم تداول نحو 2.5 مليار برميل أخرى في اليوم باستخدام العقود المستقبلية وأكثر من ذلك إذا قمنا بتضمين عقود الخيارات وعقود المنتجات المكررة».
ويرى بوشيف أن معاقبة المضاربين قد تمثل تحديًا للسعودية مع حقيقة أن الغالبية العظمى منهم تعمل وفق آليات لا تتوافق مع آليات السوق مع اعتمادهم على خوارزميات تتبع بعض القواعد التي تعودوا من خلالها على جني المال في الماضي.
ويضيف بوشيف أنَّ السعودية لديها القدرة على إلحاق الأذى بقطاع عريض من المضاربين ذوي المراكز الضعيفة، ولكن الاختبار الحقيقي للسعودية يكمن في قدرتها على تغيير القواعد الهيكلية للسوق في وضع «الكونتانغو»، وهو وضع للسوق تكون فيه الأسعار الآجلة أعلى من الأسعار الفورية، والتي تسبَّبت في أضرار كبيرة للمستثمرين ذوي المراكز طويلة الأجل في عقود النفط في وقت جنى فيه المراهنون على هبوط الأسعار مكاسب كبيرة.
والسياسة النفطية للسعودية محل تقدير كبير في الآونة الأخيرة، إذ أشار تقرير سابق لوكالة بلومبرج إلى أنَّ الاتفاق الذي هندسته السعودية في وقت سابق من العام الماضي بين كبار المنتجين داخل أوبك وخارجها بسحب نحو 10% من معروض النفط العالمي نجح في إعادة التوازن إلى سوق النفط العالمي الذي تضرر بشدة من جائحة كورونا.
وأضاف التقرير حينها أنَّ السعودية لعبت الدور الأكبر في مضاعفة الأسعار نحو 3 مرات ما أسهم في عودة الهدوء إلى أسواق النفط العالمية بعد أن وصلت أسعار بعض خاماته إلى النطاق السالب.