فصائل إدلب تلمّح لـ«خيانة تركية» وتعترف بـ«تغيير ميداني» بسبب الجيش السوري

أنقرة تحاول الحفاظ على ماء الوجه.. ووزارة الدفاع تستشهد بـ«اتفاقات»..
فصائل إدلب تلمّح لـ«خيانة تركية» وتعترف بـ«تغيير ميداني» بسبب الجيش السوري

تعيش الفصائل والميليشيات التابعة لتركيا، والممولة منها، ظروفًا صعبة في ريفي حماة وإدلب السوريتين، رغم نَفْي الناطق الرسمي باسم جبهة التحرير التابعة للجيش الحر، ناجي مصطفى، الانسحاب من المنطقتين، اليوم الثلاثاء.

لكن «مصطفى» اعترف –وفق وكالة الأنباء الألمانية- بأن «ما حدث هو عبارة عن تغيير للمواقع من أجل تأمين الاستمرار، نتيجة للهجمة والقصف العنيف المستمر، ومن ثمّ كان من الطبيعي أن تقوم وحداتنا المقاتلة بتغيير مواقعها...».

ويواصل الجيش تقدمة لفرض سيطرته على كل مناطق ريف إدلب الجنوبي، فيما ألمحت الفصائل المسلحة إلى خيانة تركية، وقالت إن «ما يجري بين روسيا وتركيا حول مناطق شرق الفرات دفع تركيا لتسليم المدن والبلدات على طريق حلب حماة الدولي».

وحفاظًا على ماء الوجه، استنكرت وزارة الدفاع التركية هجومًا استهدف محيط رتل عسكري تركي بمحافظة إدلب شمال غربي سورية، وزعمت أنه «أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين»، وأكدت أنه «يتعارض مع الاتفاقات السارية والتعاون والحوار بيننا وبين روسيا».

وفي المقابل، أكد قائد ميداني مع القوات الحكومية السورية- للألمانية- أن «الجيش السوري والقوات الرديفة له فرضت سيطرتها الكاملة على مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي فجر اليوم بعد هروب فصائل المعارضة السورية المسلحة من المدينة».

وأقرت فصائل المعارضة بسيطرة القوات الحكومية السورية على مدينة خان شيخون وريف حماة الشمالي، وحمل قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش الحر تركيا المسؤولية عن ذلك التي «ضغطت على الفصائل للانسحاب»، وذلك «تخوفًا من الحصار الكامل».

ووسعت القوات الحكومية السورية والمجموعات المسلحة الموالية لها سيطرتها في ريف إدلب وحماة الشمالي؛ حيث سيطرت بشكل كامل، اليوم الثلاثاء، على مدينة خان شيخون أبرز مدن ريف إدلب، بعد هروب الفصائل المسلحة.

وأكد القائد الميداني أن «الفصائل -المدعومة من تركيا- هربت، ولم تستطع مواجهة الجيش السوري في مدن اللطامنة وكفرزيتا ومورك وقرى لطمين ولحايا ومعركبة في ريف حماة الشمالي، وبذلك يصبح ريف حماة الشمالي بشكل كامل تحت سيطرة الجيش».

وتسعى القوات الحكومية السورية للسيطرة على طريق حلب دمشق الدولي وطريق حلب اللاذقية الذي يمر من مدينة إدلب، وكانت القوات الحكومية بدأت، صباح أمس الاثنين، اقتحام مدينة خان شيخون بعد السيطرة على حاجز الفقير، الذي يعد مدخل المدينة الشمالي الغربي.

كان المرصد السوري لحقوق الانسان أفاد بأن طائرات النظام السوري وروسيا نفذت غارات جوية استهدفت محيط رتل تركي متوقف على أوتوستراد دمشق – حلب الدولي بالقرب من مدينة معرة النعمان جنوب إدلب.

وقالت معلومات، أمس الاثنين، إن «آليات مدرعة تركية محملة بالذخائر اجتازت الحدود إلى شمال غرب سوريا؛ لمساعدة الميليشيات المسلحة لوقف تقدم الجيش السوري في بلدة خان شيخون»، ونقلت وكالة رويترز عن نظيرتها السورية الرسمية، أن «وزارة الخارجية شددت على أن السلوك العدواني لتركيا لن يؤثر في عزيمة وإصرار الجيش السوري على الاستمرار في مطاردة فلول الإرهابيين»، في البلدة الواقعة بمحافظة إدلب وفي مناطق أخرى.

وفيما قالت المعلومات، إن «مقاتلات عسكرية تركية قصفت قرى بمحافظة السليمانية شمالي العراق، وأوقعت عددًا من الجرحى»، فقد قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن «ضربات جوية من سلاح الجو السوري؛ بمشاركة مقاتلات روسية، استهدفت مواقع قرب آليات تركية متوقفة على طريق سريع في شمال غرب سوريا بعد دخولها محافظة إدلب، اليوم»، وأن «مقاتلًا- من فصيل تدعمه تركيا كان يرافق الرتل التركي- قُتل بينما أصيب آخرون..»، حسب وكالة الأنباء الألمانية.

واستهدفت الضربات الجوية محيط رتل تركي متوقف على أوتوستراد دمشق- حلب الدولي بالقرب من مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، وقال المرصد- الذي يتخذ من لندن مقرًا له- إن «القصف أسفر عن مقتل مسلح من فيلق موالٍ لتركيا مرافق للرتل وإصابة عدة عناصر آخرين»، وأن «المقاتلات الحربية أطلقت صاروخين على بعد نحو 400 متر عن الرتل العسكري التركي، الذي كان متجهًا إلى مدينة خان شيخون».

وحسب مصدر في «الجيش الحر»، المدعوم من تركيا، فقد أرسلت أنقرة ثلاثة أرتال عسكرية؛ لتقديم الدعم للفصائل المسلحة بعد الخلاف الروسي- التركي الأخير، بينما القوات التركية الموجودة في ريفي إدلب وحماة وفصائل المعارضة وضعت في استنفار كامل، متوقعًا حدوث تطورات كبيرة بعد وصول القوات الحكومية إلى أطراف مدينة خان شيخون.

وكشفت الحكومة السورية، عن أن «آليات مدرعة تركية محملة بالذخائر تجتاز الحدود وتدخل باتجاه بلدة خان شيخون بريف إدلب لنجدة إرهابيي جبهة النصرة المهزومين، ما يؤكد الدعم التركي اللامحدود للمجموعات الإرهابية»، وأكد مصدر رسمي بوزارة الخارجية السورية، أن «دمشق تدين بشدة التدخل التركي السافر وتحمِّل النظام التركي المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا الانتهاك الفاضح لسيادة ووحدة وسلامة أراضي سوريا ولأحكام القانون الدولي».

ويومًا بعد آخر تتأكد- حسب مراقبين- حقيقة الدور الوظيفي التخريبي الذي تقوم به تركيا في مخطط هدم المنطقة، والسعي للتآمر على أمنها القومي، مدعومة بمحاولات مستمرة لاحتلال مساحات جديدة من أراضي دول الجوار، بحجج ومزاعم واهية، تكشف عن نوايا توسعية للنظام التركي بقيادة رجب أردوغان.

وخلال الجدل، الذي صاحب القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، العام الماضي، بالخروج من سوريا، نقلت صحيفة «حرّيّت» عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قوله، إن «تركيا عازمة على العبور إلى شرقي نهر الفرات بشمال سوريا في أسرع وقت ممكن»، وسط تأكيدات من المتحدث باسم الرئيس التركي إبراهيم كالين، بأن «التنسيق بين تركيا والولايات المتحدة في سوريا لا يقتصر على المجال العسكري».

ولطالما كانت الخلافات؛ بشأن سوريا مصدر توتر «ظاهريًا» بين تركيا والولايات المتحدة، بحجة دعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية شمال سوريا، التي تزعم تركيا أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي يدافع عن حقوق الأقلية الكردية جنوب البلاد، فيما تستغل تركيا ميليشياتها وفصائلها المسلحة في سوريا، التي طالما زعمت أنها تدافع عن قضايا حقوقية داخلية.

وكان اتفاق تركيا وروسيا على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، قد أدى إلى تجميد مؤقت لمختلف الجبهات الكبرى في سوريا، غير أن مراقبين يرون أن الوضع المعقد شمال سوريا، ستكون له تداعيات على مستقبل الصراع في البلاد، لاسيما «منبج» التي سترتسم معالم المستقبل، في ضوء التنسيق بين الولايات المتحدة وتركيا.

وأصبحت بلدة منبج في منطقة صراع نفوذ تتوزّع السيطرة عليها الولايات المتحدة وتركيا والنظام السوري، بينما توفر قوات سوريا الديمقراطية- ائتلافًا كرديًا عربيًا- من خلال وحدات حماية الشعب لتوفير الاستقرار لسكان المنطقة، بعد طرد الفصائل والميليشيات المسلحة (بعضها مدعوم من تركيا).

وكانت قوات المعارضة السورية المنتمية إلى الجيش الحر-المدعومة من تركيا- قد فرضت سيطرتها على منبج حتى يناير 2014، قبل تدخّل قوات سوريا الديمقراطية، وسط تخوف من الفوضى الأمنية في جرابلس- الخاضعة للسيطرة التركية- حيث تنتشر أعمال النهب والخطف.

ويمثل الموقع الجغرافي الفريد لمنبج فرصتها كمركز اقتصادي يربط مدينة حلب بالمنطقة الواقعة غرب نهر الفرات، والمعروفة بالشامية، وكذلك بالمنطقة الواقعة شرق النهر، والمعروفة بالجزيرة؛ حيث تبقى منبج سوقًا كبيرة للتجّار من تل أبيض، والرقة، وعين العرب أو كوباني، وجرابلس.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa