الأداء المالي القوي.. سبيل السعودية للحاق بركب التقدم الاقتصادي

حدوث تحول في المسار الاقتصادي بعيدًا عن النفط
الأداء المالي القوي.. سبيل السعودية للحاق بركب التقدم الاقتصادي

تشير الدلائل المبكرة إلى حدوث تحول في المسار الاقتصادي السعودي بعيدًا عن النفط، فيما تعكس البيانات المالية عن الربع الأول من العام الجاري مدى التحسن في أداء المالية العامة للبلاد، في إطار تنفيذ أهداف التنمية وفق رؤية 2030، الرامية إلى دفع الاقتصاد السعودي؛ لاحتلال مكانة مرتفعة بين اقتصادات العالم المُتقدم.

وخلال السنوات القليلة الماضية، شرعت المملكة في عدد من الإصلاحات الرامية إلى تنويع الاقتصاد، بعيدًا عن الاعتماد على النفط. ويقول وزير المالية محمد الجدعان، إن الأهداف المالية لعام 2019 لا تزال على المسار الصحيح. مُضيفًا: «من المتوقع أن تزداد نفقات الإنفاق على مشاريع التنمية خلال الفترة المتبقية من العام»، خاصة في برامج تحقيق الرؤية وبرامج تنمية القطاع الخاص، إلى جانب زيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية، الذي يشمل الإنفاق على التعليم، والصحة، والتنمية الاجتماعية، وحساب المواطن، واستحقاقات الضمان الاجتماعي، وتكاليف المعيشة، ومكافآت الطلاب.

قوة الأداء المالي

وقد سجلت إيرادات الموازنة الإجمالية زيادة قدرها 48٪، بما قيمته 245.406 مليار ريال سعودي في الربع الأول من العام 2019، مقابل 166.263 مليار ريال سعودي خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وقالت وزارة المالية، في بيان يوم أمس الأربعاء، إن إيرادات المملكة النفطية بلغت 169 مليار ريال في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، بزيادة 48% عن نفس الفترة من العام الماضي، مُشيرة إلى أن الإيرادات غير النفطية (التي تعطي مقياسًا لإنجازات التنويع الاقتصادي في البلاد) بلغت 76.3 مليار ريال، بزيادة 46% على أساس سنوي.

وعلى جانب المصروفات، بلغ إجمالي النفقات 217.6 مليار ريال في الربع الأول، بزيادة قدرها 8% على أساس سنوي، بما يتماشى وتخطيط المملكة لزيادة الإنفاق الحكومي بنسبة 7% خلال العام الجاري، في محاولة لتحفيز النمو الاقتصادي وذلك من خلال زيادة الإنفاق إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عند 1.106 تريليون ريال، من 1.030 تريليون ريال في عام 2018.

وتوقع وزير المالية محمد الجدعان استمرار النمو في الإيرادات غير النفطية، ما يُسهم في بلوغ أهداف العجز في الميزانية والديون، مؤكدًا أن استقرار وتحسين الأداء المالي هو الركيزة الأساسية للنمو الاقتصادي الشامل والمستدام على المدى القصير والمتوسط، وبالتالي، فإنه يسهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لرؤية المملكة 2030.

واستطاعت المملكة تسجيل فائضًا قدره 27.8 مليار ريال في الربع الأول من العام الحالي، وهو الفائض الأول منذ العام 2014، والذي جاء مدفوعًا بنمو الإيرادات النفطية وغير النفطية معًا. وذلك بعد أن تأثرت المملكة، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، بشدة جراء انخفاض أسعار النفط منذ منتصف العام 2014، ما أدى إلى عجز في الميزانية بلغ 367 مليار ريال، بما يُعادل 15% من إجمالي الناتج المحلي، في عام 2015.

تعزيز القطاع الخاص

وتتوقع وزارة المالية زيادة مخصصات الإنفاق على مشاريع التنمية خلال الفترة المتبقية من العام، خاصة بالنسبة لبرامج تنمية القطاع الخاص. وأطلقت المملكة بالفعل مبادرة بقيمة 3.33 مليار دولار لدعم نمو القطاع الخاص، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وتأكيدًا على انتعاش القطاعات الاقتصادية السعودية غير النفطية، نما الإقراض المصرفي للشركات الخاصة في الربع الأخير بأسرع وتيرة منذ عام 2016، وارتفع مؤشر النشاط الاقتصادي بصورة كبيرة، مدفوعًا بتحسن الإنفاق الاستهلاكي، وإن كان بشكل طفيف.

وسبق أن أظهر مسح شهري للشركات، صدر بداية أبريل الماضي، أن القطاع الخاص السعودي غير النفطي واصل نموه في مارس الماضي، وارتفع مؤشر مديري المشتريات، الصادر عن بنك الإمارات دبي الوطني، إلى 56.8 في مارس من 56.6 في فبراير. وذلك بعد أن كافح القطاع الخاص السعودي العام الماضي بسبب ارتفاع أسعار الوقود، وفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% ورسوم أعلى على توظيف العمال الأجانب.

لكن نمو القطاع الخاص ارتفع بسرعة خلال العام الجاري، مُرتفعًا إلى أعلى مستوى في 13 شهرًا في يناير، واستمر في اكتساب الزخم خلال شهري فبراير ومارس. وأظهر مؤشر مديري المشتريات التحسن في شهر مارس؛ بسبب الارتفاع المستمر في الأعمال الجديدة، وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2015.

توقعات زيادة النمو

وبدعم من الميزانيات المالية القوية، أكدت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني على التصنيف طويل الأجل في المملكة عند مستوىA+  مع توقعات مستقرة، مُوضحة أن تصنيفات المملكة مدعومة بالاحتياطات الدولية المرتفعة، وانخفاض الدين الحكومي والأصول الحكومية الكبيرة.

وقد عززت الإصلاحات الهيكلية في إطار رؤية 2030 النمو على المدى المتوسط؛ حيث يدعم موقف السياسة المالية بشكل عام تسارع النمو غير النفطي إلى 2.5% في العامين الماليين 2019-2020.

من ناحيتها، قالت رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «بنك الإمارات دبي الوطني» خاتيا هاكي: بدأت البيانات المالية في رسم صورة أكثر إيجابية عن الاقتصاد السعودي، متوقعة أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 2.7% خلال العام الجاري، وهي أسرع وتيرة في أربع سنوات، لكنها لا تزال أقل من متوسط 6.2% بين عامي 2000 و2015.

ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو اقتصاد المملكة في عام 2019 بمستوى أعلى قليلًا من توقعاته السابقة البالغة 1.8% مع نمو القطاع غير النفطي بوتيرة أسرع من الاقتصاد المتوسع، متوقعًا أن يبلغ النمو غير النفطي 2.6% خلال العام 2019 و2.9% لعام 2020.

واستطاع الاقتصاد السعودي النمو بنسبة 2% بنهاية العام 2018، متعافيًّا من التباطؤ في عام 2017. وسجلت المملكة عجزًا في الميزانية بنسبة 4.6% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2018 وتوقعت ميزانيتها لعام 2019 عجزًا قدره 4.2% من إجمالي الناتج المحلي.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa