سوزانا وسهيل

سوزانا وسهيل

انتابت سوزانا موجة من الصراخ؛ وهي الصحفية في مقرّ عملها، وفجأةً هدأت ثمّ بعد فترة دخلت في موجة من الضحك الشديد، ومن ذاك اليوم بدأت رحلتها بين عيادات ومستشفيات الأعصاب والنفسية وكانت كل الفحوصات والأشعة المقطعية لا تظهر أيَّ شيء غير طبيعي وعجز الأطباء عن التشخيص الحقيقي للمرض، وكان تشخيصهم غير المؤكد هو الاشتباه في أنها كهرباء في المخّ أو أحد أنواع الصرع أو البرونويا (Paranoia)‏وهو جنون الارتياب .
 
حتى أتى ذاك الذي طلب رئيس الأطباء في آخر عيادة للأعصاب ذهبت إليها سوزانا مساعدة الدكتور سهيل النجار السوري الأصل ورئيس قسم علم الأعصاب في مستشفى لينوكس هيل ومستشفى جامعة ستاتن إسلاند.

وعند زيارته لسوزانا طلب منها أن ترسم ساعة بأرقامها على شكل دائرة وكانت المفاجأة، حيث رسمت نصفها فقط وكان هذا ما يكفي الدكتور سهيل أن يشخص المرض وهو مرض نادر يسمى التهاب دماغ بأضداد المستقبلات نمدا NMDA .

تُعتبر الحمى و الصداع من الأعراض المُبكرة للمرض ومن ثم الشعور بالتعب وتتبع بذهان والذي يظهر على شكل أوهام (رؤية أو سماع أشياء لا يراها أو يسمعها الآخرون) وهلوسة ومع مرور الوقت تظهر نوبات صرع وخلل الوظائف المستقلة (اضطراب في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب) .

حينها بدأ بعلاجها وعادت سوزانا لصحتها وفي عام 2016، تحوَّلت قصتها إلى فيلم سينمائي أمريكي تحت عنوان برين أون فاير بعد أن ألفت كتاب يروي ما جرى لها .

ومع ما تحمله القصة من معانٍ ومعاناة وعلم وبراعة الطبيب سهيل وتوفيق الله لسوزانا يبرز لنا أنّنا نتجاهل ضعفنا، وقد قال تعالى: (وخلق الإنسان ضعيفًا) وأنَّه في أي لحظة قد نفقد كل شيء في هذه الدنيا أما بمغادرتها أو بأسقامها (أمراضها) كما قصة سوزانا، ولكن يبقى الفأل الحسن وعيش اللحظة وصناعة اللحظات الجميلة والتوازن والأولويات وترتيبها، وقبل ذلك سؤال الله والدعاء بالتوفيق والعفو والعافية من المعينات وسبل سعادة الداريين.

 فرحان حسن الشمري
للتواصل مع الكاتب:
‏e-mail: fhshasn@gmail.com
‏Twitter: @farhan_939

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa