دراسة فريدة: هكذا تؤثر كثافة التمرينات في شبكات الدماغ

لتحفيز وظائف المخ وتحسين الإدراك بالرياضة..
دراسة فريدة: هكذا تؤثر كثافة التمرينات في شبكات الدماغ

التمارين منخفضة الكثافة، «كالمشي على جهاز المشي»، تحفز شبكات الدماغ المرتبطة بالتحكم المعرفي والاهتمام، فيما تنشط التمرينات عالية الكثافة (كالجري) شبكات الدماغ المرتبطة بالمعالجة العاطفية، هذا ما أكدته دراسة حديثة نشرت في عدد خاص حول التمارين والإدراك من مجلة الليونة الدماغية، ولخص الباحثون نتائجهم خلالها في مقال بعنوان «تأثيرات التمرين على الوظائف المعرفية لدى البشر»، حيث ربطوا بين النشاط البدني المنخفض أو العالي الكثافة (المشي أو الجري) على الجهاز بارتفاع الحالة المزاجية الإيجابية.

وخلال هذه الدراسة، استخدم الباحثون في مشفى بون الجامعي بألمانيا، التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، لتقييم التغيرات في اتصال الدماغ بشكل فردي بعد المشي أو الركض على جهاز المشي، وفي أيام منفصلة أجرى كل من المشاركين البالغ عددهم 25 مشاركًا (من الشباب والرياضيين الصغار)، فحصًا للدماغ قبل وبعد نوبات لمدة 30 دقيقة منخفضة أو عالية الكثافة على جهاز المشي والجري، وقبل وبعد كل نوبة من النشاط البدني أكمل المشاركون استبيان جدول التأثير الإيجابي والسلبي، والذي قام بقياس التغييرات المزاجية، وقد وجد حسب الباحثون اعتمادًا على ذلك، زيادة كبيرة في المزاج الإيجابي بعد الممارسة، وآثارًا كبيرة في شبكات العاطفة والمكافأة والحواس، وغيرها من التغيرات الإيجابية المختلفة حسب نوع التمرين، وحسب الباحثون فإن أي شخص يمزج بين كلا النوعين يعرف أن كثافات التمرين المختلفة تؤثر على طريقة التفكير والشعور.

وحسب الخبراء فقد استخدم المفكرون والعلماء والكتاب على مر التاريخ، مناحي يومية لتحفيز وظائف المخ وتحسين الإدراك، وعلى سبيل المثال وقبل فترة طويلة من تطوير تكنولوجيا تصوير الدماغ، يمكن أن نتكهن أن أرسطو أنشأ مدرسته في التجوال باليونان القديمة؛ لأنه يفهم أن أدمغة الطلاب تمتص المعرفة بشكل أفضل خلال النشاط البدني منخفض الكثافة، وفي القرن العشرين قال «ألبرت أينشتاين» عن أحد اكتشافاته: «لقد فكرت في ذلك أثناء ركوب دراجتي»، ومن ثم فإن إدراك أن التمرين منخفض الكثافة ينشط الاتصال الوظيفي بين شبكات الدماغ المشاركة في التحكم الإدراكي والاهتمام المركز، يمكن أن يكون بمثابة مصدر دافع للأشخاص الذين يكرهون ممارسة الرياضة ولكنهم يرغبون في التفكير بشكل أفضل.

وحسب الباحثون فإن التصوير العصبي الوظيفي سيكون له تأثير كبير في كشف تفاعلات الدماغ والجسم، حيث يتيح النظر مباشرة إلى أدمغة الرياضيين، وربما الأهم من ذلك فهم التغييرات الديناميكية في بنية الدماغ والوظيفة المرتبطة بالانتقال من نمط الحياة المستقرة إلى نمط حياة صحي، فبعد التمرينات منخفضة الكثافة أظهر التصوير تحفيز الشبكات في الدماغ المرتبطة بالتحكم والانتباه الإدراكي، بينما بعد التمرينات عالية الكثافة كانت الشبكات المرتبطة بالعواطف أكثر نشاطًا، وتلك المرتبطة بالتعب ووظيفة الحركة انخفضت، وهنا أكد الباحثون أن التمرينات البدنية تعمل على تحسين وظيفة الذاكرة والحالة المزاجية، وقد تؤخر أو تمنع ظهور الحالات التنكسية العصبية لدى الأفراد الأكبر سنًا، ولذلك أكدوا أن فهم تأثيرات التمرينات على الآليات العصبية الهيكلية والوظيفية الأساسية في الدماغ البشري هو محور التركيز في الوقت الحالي.

وحسب الخبراء تعد هذه الدراسة الواعدة فريدة من نوعها؛ كونها واحدة من أوائل الدراسات التي أظهرت التأثيرات التفاضلية لشدتي التمرينات الفردية على اتصال الدماغ أثناء الراحة، وستكون الخطوة التالية المهمة هي توضيح الآليات الحيوية العصبية الكامنة وراء هذه النتائج المثيرة، بين أمل في أن توفر الأبحاث المستقبلية المزيد من الأدلة المستندة إلى العلم حول كيف يمكن لشدة التمارين المختلفة أن تحسن وظائف المخ الإدراكية وتحسن من التأثير العاطفي، وربما يتمكن الخبراء عندئذ أو خلال المستقبل القريب من وصف جرعات محددة من التدريبات التي تعمل على تقوية الاتصال الوظيفي بين شبكات معينة في الدماغ بطرق يمكن تكييفها لتناسب الاحتياجات المعرفية والعاطفية اليومية لشخص ما.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa