القمة الإسلامية.. لقاء جديد لقهر التحديات تحت ظلال «راية التوحيد» في الرحاب المقدسة

مكة المكرمة أرض المصالحة والتوافق والعزم
القمة الإسلامية.. لقاء جديد لقهر التحديات تحت ظلال «راية التوحيد» في الرحاب المقدسة

للمرة الثالثة، تستضيف مكة المكرمة قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، وسط حالة من التفاؤل بين عموم المسلمين بأن يكون لقداسة المكان والزمان أثر في توجيه القادة المشاركين نحو قرارات تنهي أزمات الأمة، وتوقف ما تتعرض له بعض شعوبها من عدوان وأذى.

وظلت مكة المكرمة، باعتبارها أقدس الأماكن، لدى المسلمين، الملاذ الذي تحتمي به الأمة بحثًا عن حلول لأزماتها، وللاصطفاف في مواجهة الفتن والانقسامات التي تهدد مستقبلها.

وتمثل القمة الإسلامية في دورتها الـ 14 فرصة لقادة الأمة من أجل التوحد في مواجهة الأخطار التي تحيط بشعوبهم، خصوصًا في ظل انعقادها في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وبجوار البيت الحرام.

ومع بدء أعمال هذه القمة ، ستصبح مكة المكرمة أكثر المدن استضافة للقمم الإسلامية، متفوقة في ذلك على مدينة الدار البيضاء المغربية التي احتضنت هذا الحدث مرتين ، فضلًا عن 9  مدن أخرى التقى فيها القادة المسلمون، وهي: الرباط؛ حيث عقدت القمة الأولى عام 1969، لاهور، الكويت، دكار، طهران، بوتراجيا ( ماليزيا) الدوحة، القاهرة ، اسطنبول.

وكانت مكة المكرمة استضافت في عام 1981 مؤتمر القمة الإسلامي الثالث في الفترة من 25 - 28 يناير 1981، الذي حضرته غالبية الدول الإسلامية ورأسه الملك خالد بن عبدالعزيز ( رحمه الله)؛ للبحث في سبل مواجهة التصدعات الحادثة بين الدول والمجتمعات الإسلامية، سواء بسبب النزاعات الحدودية، أو الخلافات الطائفية .

وعقدت القمة، فيما كانت الحرب الإيرانية – العراقية تزداد تفاقمًا، بالتزامن مع اتساع الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وتواصل الصدامات المسلحة بين الطوائف اللبنانية في ظل تورط قوى إقليمية عديدة فيها، الأمر الذي ألقى على المشاركين بها مسؤولية تاريخية.

وقال القادة المسلمون، عبر «إعلان مكة»: «نجتمع في رحاب هذا البلد الحرام وفي كنف الكعبة المشرفة، مهبط الوحي وقبلة المسلمين، عند مطلع القرن الهجري الجديد في لقاء نعده حدثًا جليلًا في تاريخ الأمة الإسلامية، ونتخذ منه منطلقًا حاسمًا لنهضة إسلامية شاملة تستدعي من المسلمين كافة وقفة حازمة يراجعون فيها رصيدهم الماضي وواقعهم الحاضر، ويتطلعون بالإرادة الوطيدة إلى مستقبل أفضل في ظلال سياسة التضامن الإسلامي، فتعود لصفوفهم وحدتها ولحياتهم رقيها وازدهارها ولمنزلتهم في المجتمع الإنساني شرفها ليؤدوا دورهم في الحضارة الإنسانية».

وشدد إعلان مكة على أن انتماء المسلمين الصادق إلى الإسلام والتزامهم الحق بمبادئه وقيمه منهجا للحياة، هو درعهم الواقي من الأخطار المحدقة بهم، وسبيلهم الأمثل إلى تحقيق المنعة والعزة والازدهار، وطريقهم القويم لبناء المستقبل وضمانتهم التي تحفظ للأمة أصالتها وتصونه.

وفي ديسمبر 2005، استضاف البلد الحرام أعمال القمة الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي، التي تبنت في نهاية أعمالها، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ( رحمه الله)  وثيقتي «بيان مكة» و«الخطة العشرية» إضافة إلى بيانها الختامي.

وأكدت وثائق القمة على محاربة التطرف في العالم الإسلامي ودعت إلى نشر قيم التسامح والاعتدال والوسطية وتفعيل دور منظمة المؤتمر الإسلامي في التصدي لقضايا التنمية والإنماء في الدول الإسلامية وإشاعة صورة مشرقة للإسلام والمسلمين في العالم.

وتضمن «بيان مكة» تأكيد ملوك ورؤساء وأمراء الدول والحكومات الأعضاء في منظمة المؤتمر على أن التمسك بالهوية  الإسلامية ومصالح الأمة العليا لن يأتي إلا من خلال انتماء المسلمين الصادق إلى الإسلام الحقيقي، والتزامهم الحق بمبادئه وقيمه الأصيلة منهاجًا لحياتهم؛ لكي تنهض الأمة وتمارس دورها الفعال في خدمة البشرية والحضارة الإنسانية».

وأضاف البيان أن «ما تتعرض له الأمة من تهديدات داخلية وخارجية أسهمت في تعميق المأزق الحالي الذي تعيشه وتنعكس على مستقبله بل ومستقبل البشرية والحضارة الإنسانية. ولابد من التعامل مع هذه التحديات من خلال رؤية استراتيجية تخطط لمستقبل الأمة وتواكب المتغيرات الدولية وتطوراتها من أجل بلورة رؤية تستشرف آفاق المستقبل بما يمكن العالم الإسلامي من التعامل مع التحديات في القرن الحادي والعشرين بالاستناد إلى إرادة جماعية وعمل إسلامي مشترك».

وشدد البيان على ضرورة «الوقوف وقفة صادقة حازمة مع النفس حول إصلاح شأن الأمة الذي يبدأ من إصلاح الذات بالاتفاق على كلمة سواء ركيزتها كتاب الله عز وجل وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) والتصدي بكل حزم لدعاة الفتنة والانحراف والضلالة التي تستهدف تحريف مبادئ الإسلام السامية الداعية إلى المحبة والسلام والوئام والحضارة إلى أفكار منحرفة تقوم على الجهل والانغلاق والكراهية وسفك الدماء».

أما برنامج العمل العشري لمواجهة تحديات الأمة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين، فأكد على التمسك بالوسطية ورفض التطرف والغلو والانغلاق والتصدي للفكر المنحرف بكل الوسائل المتاحة إلى جانب تطوير المناهج الدراسية بما يرسخ قيم التفاهم والتسامح والحوار والتعددية. وأكد المؤتمر على أن حوار الحضارات المبني على الاحترام والفهم المتبادلين والمساواة بين الشعوب أمر ضروري لبناء عالم يسوده التسامح والتعاون والثقة بين الأمم.

وفضلًا عن القمم الثلاث، استضافت مكة المكرمة خلال السنوات الماضية أكثر من مناسبة كبرى، أخرها القمة الرباعية التي جمعت في رمضان الماضي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأمير الكويت الشيخ صباح الجابر الصباح ونائب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن راشد والعاهل الأردني عبدالله الثاني.

وقدمت السعودية والإمارات والكويت مساعدات بقيمة 2.5 مليار دولار أميركي للمملكة الأردنية، بهدف التخفيف من حدة أزمتها الاقتصادية، عقب قمة رباعية في مكة جمعت قادة الدول الثلاث وملك الأردن، الأحد.

وجاء في البيان الختامي للقمة أنه «انطلاقًا من الروابط الأخوية الوثيقة بين الدول الأربع. تم الاتفاق على قيام الدول الثلاث بتقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية للأردن يصل إجمالي مبالغها إلى مليارين وخمسمائة مليون دولار أمريكي».

وأوضح البيان أن هذا المبلغ سيتمثل بـ«وديعة في البنك المركزي الأردني، وبضمانات للبنك الدولي لمصلحة الأردن، وبدعم سنوي لميزانية الحكومة الأردنية لمدة خمس سنوات، وبتمويل من صناديق التنمية لمشاريع إنمائية».

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa