بعد مرور 12 عامًا على رحيل الشاعر الفلسطيني محمود درويش لا يزال حضوره ممتدًا بأعماله الأدبية؛ وكان قد رحل عن عالمنا في 9 أغسطس 2008 بالولايات المتحدة عن عمر ناهز 67 عامًا؛ إثر خضوعه لعملية قلب مفتوح، وعاد جثمانه ليدفن بمدينة رام الله في الضفة الغربية.
وفي تلك الذكرى حرص عدد من المسؤولين والمثقفين على وضع أكاليل الزهور على ضريح الشاعر الراحل محمود درويش تقديرًا لدوره في بناء الهوية الوطنية الفلسطينية والقومية العربية، ودوره في حمل رواية الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة للعالم، وفضح زيف رواية الاحتلال وجرائمه.
لم تتمكن مؤسسة محمود درويش، هذا العام من إقامة احتفالها السنوي بهذه المناسبة؛ بسبب جائحة كورونا والحالة الوبائية، والتزامًا بقرارات الحكومة للوقاية من الفيروس والحد من انتشاره، لذلك اكتفت هذا العام بوضع الأكاليل على الضريح، بحسب ما أوضحه نائب رئيس الوزراء الفلسطيني، رئيس مؤسسة محمود درويش، زياد أبوعمرو.
وقال أبوعمرو: وضعنا إكليلًا باسم الرئيس، وكذلك باسم مجلس أُمناء مؤسسة محمود درويش، تقديرًا للدور الكبير للشاعر درويش في بناء الهوية الوطنية الفلسطينية والقومية العربية، ودوره في حمل رواية الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة للعالم، وفضح زيف رواية الاحتلال وجرائمه.
وأضاف: ستظل مؤسسة محمود درويش وفية لإرثه الإبداعي والوطني وقيمه الإنسانية النبيلة، وستسهم في تعميم هذا الإرث والحفاظ عليه وتعزيزه، محليًّا وعربيًّا وعالميًّا، مشيرًا إلى أنه في كل عام تنظم المؤسسة احتفالًا لإحياء هذه المناسبة العزيزة والأليمة، لكن بسبب جائحة كورونا والحالة الوبائية، والتزامًا بقرارات الحكومة للوقاية من الفيروس والحد من انتشاره.
وفي سياق متصل، وضع وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبوسيف إكليلًا باسم الوزارة، وكذلك وفد من وزارة التربية والتعليم باسم الوزارة ورسائل من بعض المدارس في المحافظات المختلفة، فيما وضع مثقفون ومسؤولون وأصدقاء الشاعر أكاليل عند الضريح.
محمود درويش هو شاعر فلسطيني وعضو المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وله دواوين شعرية مليئة بالمضامين الحداثية.
ولد في عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل قرب ساحل عكا؛ حيث كانت أسرته تملك أرضًا هناك. خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في عام 1948 إلى لبنان، ثم عادت متسللة عام 1949 بعد توقيع اتفاقيات الهدنة؛ لتجد القرية مهدمة وقد أقيم على أراضيها موشاف (قرية زراعية إسرائيلية) أحيهود. وكيبوتس يسعور فعاش مع عائلته في القرية الجديدة.
بعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة بني الثانوية في كفرياسيف انتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي وعمل في صحافة الحزب مثل الاتحاد والجديد التي أصبح فيما بعد مشرفًا على تحريرها.
اعتُقِل محمود درويش من قبل السلطات الإسرائيلية مرارًا بدءًا من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972؛ حيث توجه إلى الاتحاد السوفييتي للدراسة، وانتقل بعدها لاجئًا إلى القاهرة؛ حيث عمل في جريدة الأهرام في ذات العام، والتحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم لبنان، وعمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علمًا بأنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجًا على اتفاقية أوسلو. كما أسس مجلة الكرمل الثقافية .
شغل محمود درويش منصب رئيس الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل. كانت إقامته في باريس قبل عودته إلى وطنه؛ حيث إنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه. وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحًا بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك.
في الفترة الممتدة من سنة 1973 إلى سنة 1982 عاش في بيروت وعمل رئيسًا لتحرير مجلة شؤون فلسطينية، وأصبح مديرًا لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن يؤسس مجلة الكرمل سنة 1981. بحلول سنة 1977 بيع من دواوينه العربية أكثر من مليون نسخة، لكن الحرب الأهلية اللبنانية كانت مندلعة بين سنة 1975 وسنة 1991، فترك بيروت سنة 1982 بعد أن غزا الجيش الإسرائيلي بقيادة آرئيل شارون لبنان وحاصر العاصمة بيروت لشهرين وطرد منظمة التحرير الفلسطينية منها. أصبح درويش منفيًّا تائهًا، منتقلًا من سوريا وقبرص والقاهرة وتونس إلى باريس.
حصد محمود درويش عشرات الجوائز طوال حياته الحافلة، من أبرزها جائزة البحر المتوسط 1980م، ودرع الثورة ال فلسطين ية 1981م، ولوحة أوروبا للشعر 1981م، وجائزة الآداب من وزارة الثقافة الفرنسية 1997م، وغيرها.
تزوج محمود دوريش مرتين، الأولى من الكاتبة رنا قباني لكنهما انفصلا، ثم تزوج مرة ثانية في منتصف الثمانينيات من المترجمة المصرية حياة هيني، ولم يرزق محمود درويش بأبناء.
توفي محمود درويش في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجرائه عملية قلب مفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن تكساس، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء في مستشفى ميموريال هيرمان، نزع أجهزة الإنعاش بناءً على توصيته.
وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحداد ثلاثة أيام في كل الأراضي الفلسطينية حزنًا على وفاة الشاعر الفلسطيني، واصفًا درويش (عاشق فلسطين) و(رائد المشروع الثقافي الحديث)، والقائد الوطني اللامع والمعطاء. وقد وري جثمانه الثرى في 13 أغسطس في مدينة رام الله؛ حيث خصصت له هناك قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي. وتم الإعلان أن القصر تمت تسميته (قصر محمود درويش للثقافة).
وقد شارك في جنازته آلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، وقد حضر أيضًا أهله من أراضي 48 وشخصيات أخرى، على رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
اقرأ أيضًا: