اتهمت قوى معارضة ومنظمات نسائية الرئيس التركي رجب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، بمنح الغطاء السياسي والقانوني لعمليات العنف والقتل المتصاعدة في تركيا ضد المرأة.
وقبل أيام، أشعل مقتل شابة عشرينية، تُدعى بينار جولتكين، موجة غضب عارمة بين الأتراك؛ حيث اندلعت مظاهرات نسائية في إسطنبول وأنقرة ومدن تركية كبيرة.
وفي أزمير تطور الموقف إلى إقدام الشرطة على اعتقال عدد من الناشطات لتفرقة التجمعات الغاضبة، فيما استخدمت العنف الشديد ضد بعضهن وأصابتهن بجروح وكدمات متفرقة، استدعت دخول بعضهن إلى المستشفى.
وفاقمت تفاصيل الجريمة البشعة حالة الغضب في الشارع التركي؛ حيث خطف الجاني ضحيته وضربها ثم خنقها، قبل أن يحاول إحراق جثتها بالبنزين، وحينما فشل في إتمام مهمته على أكمل وجه، ألقى ببقايا الجثة داخل صندوق قمامة ثم صب فوقها خرسانة ودفنها في غابة نائية، قبل أن تعثر عليها الشرطة بعد عدة أيام من ارتكاب الجريمة.
وتسببت موجة التعاطف المتصاعدة مع القاتل من جانب عدد من النشطاء والساسة المحسوبين على حزب العدالة والتنمية الحاكم، بدعوى أن سلوك الضحية محل شبهة وتشكك، في زيادة الغضب من حكومة أردوغان، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يبرر ساسة معروفون من ذوي النفوذ والسلطة القتل بمزاعم سوء سلوك الضحايا.
ووفق صحيفة دي تسايت الألمانية، فالعنف المميت ضد المرأة قضية محزنة ومستمرة في تركيا. وفي شهر مايو الماضي، تم طعن المرشحة الطلابية زينب سينبينار، بسكين على يد صديق لها بدافع الغيرة. وأيضًا سارع رجال أردوغان بإلقاء اللائمة على الضحية وطبيعة حياتها ووصفها بـ(الخاطئة)، فقال حمد الله أرفاس، عضو برلمان مدينة اسطنبول وقيادي العدالة والتنمية، عبر تويتر في اليوم التالي للقتل، إن القتيلة كانت (منفلتة).
ووفقًا لتحالف (سنوقف قتل النساء)، ارتفع عدد النساء اللواتي قُتلن بطرق وحشية في تركيا من 303 عام 2015 إلى 474 عام 2019، بزيادة قدرها 56 بالمائة.
كما وثّقت وزارة الداخلية زيادة في العنف ضد المرأة بنحو 50 في المائة بين عامي 2015 و2018. وأصبحت المشكلة أكثر حدة خلال تفشي وباء كورونا الذي أدى إلى فرض حظر التجول في تركيا، ولهذا السبب لم يعد بإمكان العديد من النساء تجنب عنف الرجال المقيمين معهن.
وسجل خط هاتفي ساخن لضحايا العنف من الإناث رقمًا قياسيًّا من المكالمات، منذ مارس الماضي.
وفي الربيع، أفادت الشرطة في إسطنبول بزيادة حالات العنف المنزلي بنسبة تقارب 40 بالمائة مقارنة بالعام السابق.
وجدد مقتل الفتاة العشرينية الجدل في تركيا بشأن ما يسمى باتفاقية إسطنبول، وهي اتفاقية لمجلس أوروبا تُعنى بمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي.
وكانت تركيا واحدة من أوائل الدول الموقعة في عام 2011، وقد صدقت على المعاهدة في عام 2014 كأول دولة مشاركة. ومنذ ذلك الحين، لم يتم فعل أي شيء تقريبًا؛ لوضع القواعد القانونية الملائمة للاتفاقية في الممارسة القانونية العامة.
وتنتقد الجمعيات النسائية التباطؤ الحكومي في هذا الشأن بشدة، وذلك في ضوء تزايد العنف القائم على التفرقة على أساس النوع.
أصدرت المحاكم التركية مرارًا وتكرارًا أحكامًا مثيرة للجدل في السنوات الأخيرة، بمنح المخالفين للعنف المنزلي أحكامًا مخففة على خلفية طلب الضحايا الطلاق أو ما شابه.
كما تشكلت كتائب من المعارضين المتشددين لاتفاقية اسطنبول في تركيا تطالب بالانسحاب من الاتفاقية بزعم أنها تقوض القيم الأسرية التقليدية، كما ساهمت العديد من المبادرات التشريعية القمعية والاستبدادية المثيرة للجدل من قبل حزب أردوغان في تردي أوضاع المرأة التركية، كتلك التي بموجبها يمكن للمغتصبين الحصول على عقوبات أخف إذا ما وافقوا على الزواج من ضحاياهم بعد ذلك.