تحول البناء في المملكة.. فرص كبيرة ونمو واعد (8/7)

تحول البناء في المملكة.. فرص كبيرة ونمو واعد (8/7)

استكمالًا لما بدأناه في الحلقات السابقة حول انتشار تقنية البناء في العالم والسعودية. فبخلاف التطور التاريخي والانتقال في العديد من الصناعات من الأجيال الأولى للأجيال الرابعة والخامسة التي أصبحت تعتمد الرقمنة في كل شيء، فإن هذا التحول في عالم العقار جاء مدفوعًا بالبحث عن حلول للعديد من الإشكاليات التي لم يحلها مسكن الجيل الأول.

كان الجيل الأول من المساكن الذي يعتمد على الطرق التقليدية في البناء مستقرًا لعقود طويلة، لكن الوقت الطويل نسبيًا الذي يلزم البناء؛ حيث يستغرق المنزل شهورًا على الأقل ليكون جاهزًا، كان أحد أسباب العمل للبحث عن حلول تختصر هذا العمل. ويعدُّ ارتفاع أسعار البناء في الموقع بمثابة عامل آخر للبحث عن خفض التكلفة. وهنا، فإن تطوير تقنيات البناء أصبح أمرًا مُلِحًّا وحاجة ضرورية لحل أزمة السكن والعقار لسكان الدول المختلفة.

ريادة سعودية

المملكة العربية السعودية واحدة من دول الشرق الأوسط الرائدة في هذا المجال؛ حيث بدأت التحول في بناء المسكن؛ ليكون ملائمًا للجيل الرابع الذي يعتمد التقنية ويقدم أفضل الحلول للدولة والمواطن ويعمل على إتاحة المسكن للجميع.

وينتظر مستقبل تقنية البناء في المملكة الكثير، إذ يعدُّ القطاع مفتوحًا وخصبًا لعمل جاد ودؤوب. ويعد هذا المجال مطوري العقارات والشركات التي تمتهن البناء بالمزيد من الفرص الواعدة التي تسمح بنمو كبير ومُرْضٍ لشريحة واسعة من المستثمرين والعاملين بالمجال.

«رؤية 2030» التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وضعت الأساس لهذا التحول ومثلت ركيزة كبيرة للخوض بقوة في هذا المضمار؛ لذلك، فإن قطاع البناء سيشهد عملية تغيير كبيرة تؤدي إلى إحداث فارق مميز يشعر به المواطن السعودي. ومن شأن الاستثمار بها أن يوجد البيئة الحاضنة لقطاع البناء في المملكة والشرق الأوسط، وسيجعل من السعودية مركزًا لتقنية البناء في المنطقة فالقطاع كبير وضخم ولديه إمكانيات للنمو تعمل «رؤية 2030» على استقراره ودعمه.

التقنيات الحالية

يعتمد قطاع تقنية البناء في المملكة بصورة كبيرة على العديد من العناصر، فهناك العديد من الأشكال التي تسعى وزارة الإسكان لتعميمها، واعتمدتها اللجنة الفنية التابعة لها، وهي الخرسانة المعزولة مسبقة الصب، والهياكل الحديدية خفيفة الوزن، والخرسانة خفيفة الوزن، ووحدات الخرسانة المعزولة. وتهدف المملكة من خلال إدخال تقنيات البناء الحديثة إلى زيادة ملكية المنازل إلى 60% بحلول عام 2020 لترتفع إلى 70% في عام 2030.

تقنيات الجيل الرابع

يمثل امتلاك المملكة لأكبر طابعة منازل في العالم حدثًا فارقًا حتى تكون المركز الإقليمي الأول الذي ينتج ويصدر هذه التقنية للمنطقة. وتكنولوجيا الجيل الرابع هي أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا قطاع البناء، ويشمل العديد من الأنواع التي بدأت تنتشر في المملكة.

وتمثل الطباعة ثلاثية الأبعاد إحدى أشكال تقنية البناء لهذا الجيل، وشهدت السعودية في نوفمبر الماضي، تجربة طباعة أول منزل بهذه التقنية وبمشاركة خبراء سعوديين وتم تنفيذه بالرياض.

وهذه التقنية يتم من خلالها بناء مجسم ملموس من نموذج رقمي ثلاثي الأبعاد؛ حيث يمكن الحصول على هذا المجسم من خلال ماسح ضوئي ثلاثي الأبعاد Scanner)3D)، أو من خلال تصميمه باستخدام أحد برامج الحاسوب (Computer Aided Design CAD الخاصة بالتصميم ثلاثي الأبعاد مثلD MAX, Google Sketchup 3)، وعلميًا يتم تشكيل هذا النموذج عن طريق طباعة مجموعة من الطبقات المتتالية بعضها فوق الآخر حتى يتم الحصول على الشكل النهائي وهو ما يعرف بنظام التصنيع المضاف (Additive Manufacturing)، ويختلف هذا النظام عن نظامي القولبة والنّحت اللذين يبددان أكثر من 90% من المادة المستخدمة في التصنيع.

إنجاز منزل في يومين

تطور استخدام تقنية الجيل الرابع بالسعودية، مهد الطريق لإنجاز منزل في يومين بأرض تتبع وزارة الإسكان بشمال الرياض؛ حيث اعتمد المهندسون في بناء المنزل على استخدام تقنية «Modular Concrete». المنزل الذي بدأ العمل به صباح يوم الأحد، وانتهى بناؤه يوم الثلاثاء، استخدمت فيه خرسانة مسبقة الصب، تم تجهيزها بالمصانع ونقلها إلى أرض المشروع لتركيبها لتنفيذ الوحدة على أعلى مستوى من أساليب و تقنيات البناء الحديث. ويوفر المشروع، إلى ضم هذا المنزل،  في مبانيه خاصية العزل الحراري ومقاومة الحريق لتحقيق عنصر السلامة والأمان لساكني هذه الوحدات. وجاءت هذه التجربة في إطار أهداف مبادرة تحفيز تقنية البناء، ضمن برنامج الإسكان وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.

مستقبل تقنية البناء في السعودية

ومن الجهات التي تدعم مستقبل تقنية البناء في المملكة وتدفع للتحول ناحيته، «مبادرة تحفيز تقنية البناء»، وهي واحدة من مبادرات القطاع الخاص الرائدة في مجال تطوير البناء وتقنياته وتتخذ من عبارة «البناء يتحول» شعارًا لها.

 وتهدف المبادرة التي يعمل على تنفيذها برنامج الإسكان وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، إلى تسليط الضوء على تقنيات البناء، وفق «رؤية 2030»، التي تهدف إلى جذب الاستثمارات المحلية والدولية وتوطين صناعة تقنية البناء محليًّا لتوفير مساكن حديثة وعصرية للمواطن السعودي، وكذلك دعم المطورين والمقاولين وحثهم على تبني هذه التقنية.

وتعدُّ زيادة الطاقة الإنتاجية لمصانع تقنية البناء من خلال تطوير هذه الصناعة وزيادة سرعة التنفيذ لرفع قدرة البناء السنوية، وخفض تكلفة البناء لضمان بناء وحدات سكنية ميسرة، والمساهمة في خلق فرص عمل للسعوديين والسعوديات، على رأس أولويات المبادرة.

إن مستقبل تقنية البناء في السعودية يحمل الكثير من الآمال التي ستجعله مجالًا يقود النمو الاقتصادي والتحول نحو الصناعات الهامة والثقيلة؛ حيث ستكون الدولة مصدرًا مهمًا بخبرات تجعلها تنهض بالإقليم كلِّه، وفي الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة سنسلط الضوء على مزيد من جهود المبادرة وشراكاتها.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa