بعد شرائه «ألميريا».. تركي آل الشيخ يبدأ التحدي الإسباني بـ«أحلام أندلسية»

تقارير صحفية تتوقع نجاحه وتخمن قراره الأول
بعد شرائه «ألميريا».. تركي آل الشيخ يبدأ  التحدي الإسباني بـ«أحلام أندلسية»

بات رئيس هيئة الترفيه السعودية تركي آل الشيخ بؤرة اهتمام الصحافة الإسبانية منذ عصر أمس الجمعة، إثر الإعلان رسميًّا عن شرائه نادي ألميريا الذي ينافس في دوري الدرجة الثانية، ممثلًا لمدينة تحمل الاسم نفسه، وتقع على البحر المتوسط، وتحديدًا بإقليم الأندلس ذي المكانة الخاصة في نفوس العرب وتاريخهم.

ورغم أن إقدام آل الشيخ على شراء نادي ألميريا لم يكن مفاجئًا؛ إذ كان المتابعون على دراية منذ نحو شهر بأن الرجل الذي تمكن في عام واحد من تحويل نادٍ مصري مغمور يصارع من أجل البقاء إلى منافس شرس على بطولة الدوري المحلي؛ يسعى إلى تكرار التجربة نفسها في أوروبا، وبالأخص في إسبانيا.

وتردد في البداية أن آل الشيخ يسعى إلى شراء نادي غرناطة الصاعد حديثًا إلى دوري الدرجة الأولى «الليجا»، أملًا في تكرار تجربته المصرية الناجحة، لكن بنقل التحدي إلى الضفة الأخرى للبحر المتوسط، وعبر بطولة أكثر تنافسية وشهرة وعوائد، غير أن ملاك النادي أعلنوا عدم نيتهم البيع، قبل أن يتأكد الأمر مع الإعلان رسميًّا عن شرائه ألميريا.

وخلافًا لغرناطة، يضيف شراء ألميريا تحديًا خاصًّا أمام آل الشيخ؛ إذ إنه سيكون مطالبًا بخطوة أساسية تتمثل في توفير إمكانات مالية وفنية تساعد الفريق على التأهل، خلال الموسم المقبل لـ«الليجا»، باعتباره الساحة الحقيقية للتنافس في إسبانيا، ناهيك عن كون المشاركة فيه تقرب الفرق المشاركة من الظهور الأوروبي، سواء في دوري الأبطال أو الدوري الأوروبي، وكلاهما يعني الكثير في مجال الاستثمار الكروي.

في هذا السياق، استحضرت وسائل الإعلام الإسبانية تجربة آل الشيخ بمصر كمؤشر على فرص نجاحه؛ حيث  قالت صحيفة «أس» العريقة إن نادي «بيراميدز» الذي أداره آل الشيخ بعقلية احترافية لا تتوافر في كثير من البلدان العربية؛ حل بالمركز الثالث في الدوري المصري؛ ما أهله للمشاركة في بطولة الكونفيدرالية الإفريقية لأول مرة في تاريخه.

ونوهت تقارير إعلامية بأن «بيراميدز» كان قريبًا من التتويج بلقب البطولة المحلية لولا عدم انتظام المباريات من جهة، وبعض الهفوات الفنية من مدربي الفريق الذي ضم في صفوفه حشدًا من النجوم المحليين والأجانب من الجهة الثانية.

وفتح النجاح الذي حققه آل الشيخ في مجال الاستثمار الرياضي بمصر؛ الباب لآخرين كي يقدموا على خطوات مماثلة، بدليل أن مستثمرين كبارًا أقدموا على خطوات مماثلة استعدادًا للموسم القادم، على غرار ما يحدث حاليًّا في نادي الجونة، فيما رسخ هذا النجاح تجارب أخرى، أبرزها في فريق وادي دجلة الذي حقق الموسم الماضي نتائج طيبة تبشر بتطوره في الأعوام القادمة.

من جهة ثانية، قالت «أس» إن استحواذ آل الشيخ على نادي ألميريا يفتح الباب على مصراعيه من أجل رؤية لاعبين سعوديين في الدوري الإسباني، لافتةً إلى آل الشيخ أشرف بنفسه على تجربة مماثلة موسم 2017-2018، حين عقد شراكة بين الهيئة العامة للرياضة ورابطة الدوري الإسباني، أسفرت عن انتقال تسعة لاعبين سعوديين إلى أندية الليجا، من أجل خوض فترة احترافية امتدت لستة أشهر، من أجل تجهيزهم بالصورة المثلى لمباريات بطولة كأس العالم 2018.

لكن متابعين لمسيرة آل الشيخ، رأوا أن نجاح رحلته المقبلة في الدوري الإسباني تحتاج إلى جهد أكبر مما بذله في مصر، مع ضرورة أن يكون هناك إنفاق سخي، لكنه مدروس ومتوازن، في ظل منافسة تقليدية من أندية أخرى قوية مثل جيرونا وويسكا ورايو فايكانو (الهابطة مؤخرًا) وألباسيتي وخيخون وسرقسطة، وكلها فرق صاحبة تاريخ عريق في الكرة الإسبانية، وتسعى أيضًا للعودة إلى «الليجا».

وقالت «أس»: «لعل استحواذ تركي آل الشيخ على النادي الأندلسي يفتح الباب أمامه من أجل تحقيق حلم العودة إلى دوري الدرجة الأولى، والمنافسة في الليجا، بدايةً من دعم الفريق بلاعبين أصحاب مستوى مميز، مثلما حدث تمامًا مع بيراميدز، وانتقاء لاعبين من أمريكا الجنوبية وإفريقيا، ليصعدوا بنادي ألميريا إلى الواجهة، وربما المنافسة يومًا ما على لقب (الليجا)».

واتفقت وسائل إعلام عربية وإسبانية على أن المقدمات تعزز فرص نجاح آل الشيخ، لكن الأمر محفوف ببعض الصعوبات؛ ففي العام الماضي، حل ألميريا في المركز العاشر بـ62 نقطة، متخلفًا بـ25 نقطة عن أوساسونا المتصدر، فيما بدا أن نقطة الضعف الرئيسية في الفريق تتمثل في عجزه عن حسم كثير من المباريات السهلة، رغم أنه يمتلك خط هجوم لا يقل قوةً عن الفرق المتفوقة عليه في الترتيب، بدليل أنه سجل 51 هدفًا، متقدمًا  بذلك على 16 فريقًا.

تعادل ألميريا أو خسر في 27 مباراة من أصل 42، ولو قُدر له الفوز في 7 مباريات منها فقط لتمكن من الوصول إلى النقطة 81، فيتفوق على نادي غرناطة صاحب المركز الثاني المؤهل لـ«الليجا»؛ ما يعني أن الفريق يحتاج إلى تدعيم جزئي فقط، ليحقق الهدف الأول ضمن طموحات مالكه الجديد.

وحسبما أشارت صحيفة «إيديال» الإسبانية، فإن أول خطوة سينفذها آل الشيخ ستكون استبعاد أوسكار فيرنانديز مدرب الفريق الحالي، والتعاقد مع جهاز فني برتغالي يتولى تحديد اللاعبين المطلوبين للانضمام إلى المشروع الواعد والراحلين عنه.

وحتى كتابة هذا التقرير، لم يعلن آل الشيخ تفاصيل مشروعه في الدوري الإسباني، غير أن الصعود إلى «الليجا»، ومن ثم التنافس  في المستوى الكروي الأعلى في العالم، يبدو هدفًا منطقيًّا وملحًّا، بل وسيكون معيارًا رئيسيًّا للحكم على التجربة كلها، لا سيما أن المردود المالي من هذا الصعود سيكون كبيرًا جدًّا، بالمقارنة بالدوري المصري.

أكثر من ذلك، يمكن لآل الشيخ أن يصنع بألميريا خلال العامين القادمين «حصانًا أسود» يزاحم كبار الدوري الإسباني -كإشبيلية وفالنسيا وبلباو وريال سوسيداد وسيلتا فيجو- على المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية؛ يدعمه في ذلك خبرة أندية عديدة، تمكنت رغم تشابهها مع ألميريا، من صناعة الحدث في سنوات سابقة، مثل لاس بالماس وخيتافي وفياريال ومالقا.

والجدير بالذكر أن ألميريا -وهو اتحاد بين ناديين محليين في المدينة التي تحمل الاسم نفسه- سبق أن شارك في الدوري الممتاز أربع مواسم متتالية، احتل في أولها ( 2007/2008) المركز الثامن، غير أنه تراجع لاحقًا حتى تذيل الترتيب في موسم 2010/2011، قبل أن يتمكن في موسم 2013/2014 من العودة مجددًا لمنافسة الكبار، في موسمين متتالين هبط بعدهما إلى الدرجة الثانية.

فضلًا عن ذلك، يملك آل الشيخ فرصة كبيرة لتحقيق نجاح سريع مع نادي ألميريا؛ وذلك بمشاركته القادمة في كأس ملك إسبانيا، التي تعد الساحة الرئيسية لمفاجآت الأندية الصغيرة؛ ففي العام الماضي –على سبيل المثال– تمكن نادي جيرونا من إقصاء أتلتيكو مدريد (وصيف الدوري) من الدور ربع النهائي، كما نجح فالنسيا، الذي يعاني ظروفًا مالية صعبة، من انتزاع اللقب من برشلونة بعد مباراة مثيرة.

ولا يتوقف نجاح آل الشيخ على حجم إنفاقه على شراء اللاعبين واستقطاب الكوادر الفنية المتميزة فحسب، بل وعلى اتجاهات هذا الإنفاق ومدى تناسبه مع تدرج الأهداف التي يسعى إليها مشروعه الجديد، كما أن الإدارة الجديدة للفريق ستكون مطالبة –قبل ذلك كله– بمواجهة تحدي ضيق الوقت المتاح أمامها من أجل إعادة ترتيب أوراق الفريق قبل انطلاق الموسم الجديد.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa