حذر خبير في أمن المعلومات الفتيات من مخاطر تصاحب لعبة "ببجي" الإلكترونية، وفي مقدمتها اختراق جوالاتهن وتعرضهن للابتزاز من قبل قراصنة (هاكرز) محترفين، فيما دعا آخر الآباء والأمهات للعمل على حماية أطفالهن من الآثار النفسية والسلوكية لهذه اللعبة.
وأثار انتشار لعبة "ببجي" الإلكترونية على نطاق واسع داخل المجتمع السعودي الكثير من التساؤلات، خصوصًا فيما يتعلق بأثرها على سلوك الأطفال ومستوياتهم التعليمية، فضلًا عن مخاطرها على الأمن الفردي والأسري.
وتعد "ببجي" واحدة من أكثر الألعاب الإلكترونية انتشارًا خلال الفترة الأخيرة، بين الكبار والصغار من مختلف الأعمار والجنسيات، حتى بيع منها أكثر من 20 مليون نسخة، بينما تم تحميلها 33 مليون مرة في أكثر من 100 دولة على مستوى العالم.
واطلعت "عاجل" على عدد من الحالات التي تضررت من لعبة "ببجي"، من بينها ما ذكرته "س.ع" بأنها كانت من مدمني هذه اللعبة وتعرفت على أشخاص كثيرين، لكنها تفاجأت مع الوقت بأن هناك من يحاول ابتزازها.
وقالت:" وضع لي أحد الأشخاص رابطًا وادَّعى أنه يزيد نقاط اللعبة وسرعتها، طالبا أرقامًا سرية".
وأضافت: "طلب مني شخص حسابي بسناب شات لإضافتي له ورفضت وبعد عدة أيام حاول مرة أخرى بعد أن خسرت باللعبة بحجة مساعدتي وأعطيته رقم حسابي ولكن كان ناقصا (...) عاد لي غاضبًا، وعرفت بعدها أنه هاكرز يحاول استدراجي".
وتشكل اللعبة خطرًا على مستخدميها من عدة زوايا، وضحها لـ"عاجل" إخصائي علم النفس السيبراني يوسف السلمي بقوله: "لعبة الببجي لعبة قتالية وهي إحدى الألعاب الإلكترونية التي يمارسها الأشخاص وتقع تحت نوع ألعاب الإثارة والمتعة إلى جانب نوعين آخرين هما الألعاب التعليمية وألعاب الذكاء".
وأضاف: "لعبة الببجي، ككل الألعاب الإلكترونية القتالية تظهر خطورتها في حالة الإدمان عليها وهي حالة من الاستخدام المفرط والقهري للعبة مما يؤثر على الحياة اليومية ويعطلها، ويؤدي إلى اكتساب السلوك العنيف للشخص الذي يمارسها".
وتابع موضحًا: "يتقمص الفرد دور القاتل ويتفاعل مع هذه الشخصية وتزداد نقاطه ويستمر في اللعبة كلما زاد عدد قتلاه!!".
وأشار السلمي إلى أن اللعبة لها مخاطر سلوكية ونفسية، من بينها سرعة الغضب واضطرابات النوم والإحباط نتيجة حالات الفشل في إنجاز المهمات في الحياة الواقعية مما يؤدي الى العزلة الاجتماعية والاكتئاب.
ووفق السلمي يؤدي إدمان اللعبة إلى التعرض للعديد من الأضرار الاجتماعية والابتزاز الإلكتروني وتدني النمو الاجتماعي وصعوبة تكوين علاقات اجتماعية في البيئات الواقعية وانخفاض المستوى الدراسي وتدني النمو الإدراكي لسيطرة مثيرات افتراضية على الفرد وابتعاده عن المثيرات الطبيعية والاجتماعية.
وقال السلمي: "يدفع إدمان اللعبة المراهق إلى التعلق بالعلاقات الافتراضية والتمرد على الاسرة والمجتمع نتيجة الانعزال وقضاء طويل في ممارسة اللعبة وإدمانها".
ولمواجهة هذه الأضرار، طالب السلمي بفهم التفسير النفسي الذي يدفع الفرد لإدمان الألعاب الإلكترونية فالقصور في النمو الاجتماعي يعزز من الإصابة بالخجل والانطواء؛ ما يجعل الألعاب الإلكترونية المكان الملائم البعيد عن العالم الحقيقي المليء بالمهددات والضغوط النفسية.
كما أن الألعاب الإلكترونية القتالية تعتمد بشكل عام على مبدأ التحفيز الداخلي أو الذاتي حيث يمارس الفرد الحرية المطلقة والمسؤولية الكاملة في الممارسة والخروج من اللعبة ولا شك ان الحرية دافع إنساني وفطرة إنسانية وكذلك الارتباط والرغبة في الانتماء إلى جماعة تشاركك الاهتمامات.
من جهة ثانية، تبرز اللعبة كفاءة الشخص، كونها تمنحه الفرصة لإظهار مهاراته التي تنقله عبر مراحلها المختلفة، بما يحقق له قدرًا من الثقة عند كل محاولة ناجحة.
وتمنح اللعبة المستخدم شعورًا بالسعادة، نتيجة تحفيزها لهرمون السيروتونين (هرمون السعادة)، ولذلك يرى السلمى أن أساليب الوقاية من أخطار هذه اللعبة تبدأ بمشاركة الأبناء اللعب ومحاولة التحدث معهم، وتحديد أوقات للعب، والتأكد من مناسبة اللعبة لعمر الطفل من خلال مراجعة بياناتها.
أما الخطوة الثانية لمواجهة أخطار اللعبة، فتتمثل في تشجيع وحث الأبناء على الألعاب التعليمية والتي تنمي التفكير والذكاء وممارسة الرسم والتلوين ومشاركة الأطفال وتحفيزهم لأن الرسم يظهر مكامن الإبداع والموهبة، إضافة إلى تعويد الأطفال على الألعاب الحركية والرياضية منذ الصغر.
ويطالب السلمي أيضًا بـ" تعزيز الرقابة الذاتية لدى الأبناء لرفض كل ما هو مخالف للعادات والتقاليد والدين".
من جانبه، قال خبير أمن المعلومات محمد السريعي لـ"عاجل": "هذه اللعبة يحصل فيها كثير من الابتزاز فيتعرف أشخاص على آخرين ويطلبون أمورًا تخص الطرف الثاني إضافة إلى استغلال الأطفال جنسيًا".
وتابع قائلًا: "أحيانًا يطلب سناب فتاه ويتم اختراقه مع الجوال ليبدأ بالابتزاز، خاصة أن هذه اللعبة مركز تجمع للذكور والإناث"، موضحًا أن "الاختراق يتم عن طريق ما يسمى بالمصيدة الإلكترونية، وهي التي تحتوي على صفحات دخول تشبه بشكل كبير لموقع سناب شات فيها اسم المستخدم وكلمة السر ومهمتها الوصول لحساب الطرف الآخر".
ولفت السريعي إلى أن هذه اللعبة مليئة بالهاكرز(القراصنة) المحترفين، مشيرًا إلى أن هؤلاء يطلبون من الشخص المستهدف إضافة بالسناب أو يرسلون رابطًا ، بزعم أن الدخول عليه يعطي نقاطًا أو تقدم سريع في مراحل اللعبة".
وأضاف: "مع فتح الرابط يطلب وضع حساب سناب أو إنستقرام أو فيس بوك او غيره ويضع الطرف الآخر معلوماته الحقيقية ليبدأ الطرف الأول بالدخول على حساب وجوال الضحية بدون علمه، ومن ثم يصل إلى الصور والفيديوهات الخاصة، لتبدأ بذلك مرحلة الابتزاز".