شرعت شركة أرامكو السعودية في خطة موسعة لتحويل النفط إلى بتروكيمياويات؛ للتغلب على تذبذب الطلب العالمي على النفط، خصوصًا مع التنبؤات بمستقبل عالمي غير مستقر حول استخدامات النفط ومشتقاته كوقود لتوليد الكهرباء، ودخول السيارات الكهربائية منافسًا قويًّا، لتصل ذروتها في 2030، فضلًا عن إعلان الصين وكثير من دول أوروبا عن رغبتها في التخلي عن وقود الديزل في قطاع النقل.
وكشفت شركة أرامكو، اليوم الأربعاء، عبر «تداول»، عن تفاصيل استحواذها على حصةٍ نسبتها 70% من الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» من صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي للمملكة العربية السعودية)؛ حيث يبلغ سعر الشراء 259.125 مليار ريال سعودي (69.1 مليار دولار)، أي ما يعادل 123.39 ريال للسهم الواحد.
ووفق الصفقة المهمة لأرامكو (الاستحواذ على 70% في سابك) تتجه الشركة إلى تحويل واحد من أهم مواردها «النفط الخام» إلى مئات من المنتجات الأعلى قيمةً اللازمة للحياة الحديثة، عبر الاتفاق على نسبة الاستحواذ على حصة كبيرة فى سابك التي حققت نموًّا قويًّا في أرباحها التشغيلية المحققة عام 2018، قيمته 6.7 مليار ريال بنسبة 80%، وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن شركة «سابك».
وقالت صحيفة «ليزيكو» الفرنسية الاقتصادية، في وقت سابق، إنَّ شركة أرامكو تخطط لاستغلال المواد الهيدروكربونية خارج حدود المملكة، وتعطي الأولوية للغاز، وإنها لن تقصر تركيزها على تحويل موارد المملكة إلى سيولة؛ ما يعني أن الشركة الكبرى في العالم –متوسط إنتاجها قبل اتفاق النفط يزيد عن 10 ملايين برميل يوميًّا– ستنافس الشركات الكبرى عالميًّا مثل «إكسون» و«شل» و«توتال».
وكشفت شركة أرامكو عن استثمار أكثر من 100 مليار دولار في الكيميائيات خلال السنوات القليلة المقبلة. وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة أمين الناصر عن خطط للتوسع في مجال تكرير النفط والمعالجة والتسويق، بهدف الوصول إلى ما بين 8 و10 ملايين برميل يوميًّا من التكرير.
كما تعمل شركة أرامكو السعودية على تحويل مليوني برميل يوميًّا من النفط إلى بتروكيمياويات، وسط تأكيدات بأن المبلغ المذكور لن يشمل الاستثمارات المحتملة لصفقات الاستحواذ الكبيرة التي تقوم بها شركة أرامكو في العالم.
من هنا، تظهر أهمية استحواذ أرامكو على حصة رئيسية في شركة «سابك»، والاتجاه إلى إنشاء واحدة من أقوى شركات الطاقة والكيميائيات الدولية المتكاملة؛ ما يعني تعزيز قدرة أرامكو على تطوير ابتكاراتها في عملية تحويل النفط الخام إلى كيميائيات؛ حيث يتم تحويل النفط الخام مباشرةً إلى بتروكيميائيات ذات قيمة إنتاجية.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو أمين الناصر أن «المواد الكيميائية ستمثِّل حتى عام 2030 نحو ثلث نسبة النمو في الطلب العالمي على النفط، وستزداد تلك النسبة إلى 50% من نسبة النمو عام 2050، ليصل إجمالي الإنتاج إلى 20 مليون برميل يوميًّا».
وعليه، كانت عملية التفاوض مع صندوق الاستثمارات العامة وأرامكو لشراء حصة الصندوق في شركة سابك (ثالث شركة بتروكيمياويات عالمية) فرصة كبيرة للتكامل بين المواد الهيدروكربونية من إنتاج واستكشاف من الممكن أن تقوم به أرامكو وقطاع التكرير.
وبهذه الصفقة ستكون أرامكو الشركة الرائدة على مستوى العالم في مجال الصناعة عامةً، وليس في مجال صناعة البترول فقط.
وكانت غالبية استثمارات البحث والتطوير في قطاع النفط الخام، تركز على عمليات قصيرة الأجل تحقق أرباحًا سريعة وسهلة، بدلًا من البحوث الرائدة التي تحقق نقلة نوعية. أما الاستثمارات التقنية الطويلة الأجل التي تتبناها السعودية حاليًّا، فأثبتت فاعليتها في تغيير زيادة معدلات الاكتشاف والاستخلاص، وتخفيض التكاليف، وتعزيز السلامة وحماية البيئة.
وركزت أرامكو، خلال العامين الماضيين تحديدًا، على الاستثمارات الخارجية في أمريكا وآسيا وبعض القطاعات في أوروبا، وفي قطاع الإنتاج عامةً وفي مجال إنتاج الغاز، بجانب جهودها لتوسعة طاقتها التكريرية والبتروكيمياويات، بحيث تكون متناسبة مع طاقتها الإنتاجية للبترول؛ ما يعني أنها ستكون، خلال مستقبل منظور، أكبر شركة تكرير في العالم، وأكبر شركات للبتروكيمياويات.
اقرأ أيضًا: